تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة التكاثر

سورة التكاثر مكية وآياتها ثمان

بسم اللّه الرحمَن الرحيم

١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التّكّاثُرُ }.

يقول تعالى ذكره: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٩٢٥٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ألهَاكُمُ التّكاثُرُ حتى زُرْتُمُ المَقابِرَ قال: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعدّ من بني فلان، وهم كلّ يوم يتساقطون إلى آخرهم، واللّه ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ألهَاكُمُ التّكاثُرُ قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً.

وروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم كلام يدلّ على أن معناه التكاثر بالمال. ذكر الخبر بذلك:

٢٩٢٥١ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن هشام الدّستَوائيّ، عن قتادة ، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير، عن أبيه أنه انتهى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو يقرأ: ألهَاكُمُ التّكاثُرُ حَتّى زُرْتُمُ المَقابرَ قال: (ابنَ آدم، ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبِست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت) .

٢٩٢٥٢ـ حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البُنَاني، عن أنس بن مالك، عن أُبيّ بن كعب، قال: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن: (لو أن لابن آدم واديين من مالٍ، لتمنى واديا ثالثا، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدم إلا التّراب، ثم يتوب اللّه على من تاب) حتى نزلت هذه السورة: ألهَاكُمُ التّكاثُرُ إلى آخرها.

وقوله صلى اللّه عليه وسلم بعَقِب قراءته: (ألهاكُمُ) : ليس لك من مالك إلا كذا وكذا، ينبىء أن معنى ذلك عنده: ألهاكم التكاثر: المال.

﴿ ١