تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة قريش

سورة قريش مكيّة وآياتها أربع

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ}.

اختلفت القراء في قراءة: لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم، سوى أبي جعفر، فإنه وافق غيره في قوله لإيلافِ فقرأه بياء بعد همزة، واختلف عنه في قوله إيلافِهِمْ فروي عنه أنه كان يقرؤه: (إلْفِهِمْ) على أنه مصدر من ألف يألف إلفا، بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: (إلافِهِمْ) بغير ياء مقصورة الألف.

والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة، من آلفت الشيء أُولفه إيلافا، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت، وألفت فمن قال: آلفت بمد الألف قال: فأنا أؤالف إيلافا ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلَفُ إلْفا، وهو رجل آلِفّ إلْفا. وحُكي عن عكرِمة أنه كان يقرأ ذلك: (لتألّفِ قُرَيْشٍ إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ والصّيْفِ) .

٢٩٣٥٤ـ حدثني بذلك أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرِمة.

وقد رُوي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك، ما:

٢٩٣٥٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مِهْران، عن سفيان، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ: (إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ) .

واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ، فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأْكُولٍ فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم، فالواجب على هذا القول، أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل، نعمة منا على أهل هذا البيت، وإحسانا منا إليهم، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، فتكون اللام في قوله لإِيلافِ بمعنى إلى، كأنه

قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة، لأن إلى موضع اللام، واللام موضع إلى. وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٥٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: إيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ قال: إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف.

٢٩٣٥٧ـ حدثني إسماعيل بن موسى السديّ، قال: أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد لإيلافِ قُرَيْشٍ قال: نعمتي على قريش.

حدثني محمد بن عبد اللّه الهلاليّ، قال: حدثنا فَرْوة بن أبي المَغْراء الكِندّي، قال: حدثنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، مثله.

٢٩٣٥٨ـ حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهانيّ، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، في قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ قال: نعمتي على قريش.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قد قيل هذا القول، ويقال: إنه تبارك وتعالى عجّب نبيه صلى اللّه عليه وسلم فقال: اعجب يا محمد لنِعَم اللّه على قريش، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك يستدل ب قوله: فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْتِ.

وكان بعض أهل التأويل يوجّه تأويل قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ إلى أُلفة بعضهم بعضا. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٥٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول اللّه : لإيلافِ قُرَيْشٍ فقرأ: ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأصحَابِ الْفِيلِ إلى آخر السورة، قال: هذا لإيلاف قريش، صنعت هذا بهم لألفة قريش، لئلا أفرّق أُلفتهم وجماعتهم، إنما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم، فصنع اللّه ذلك.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب. وأن معنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجب اكتفوا بها دليلاً على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها، كما قال الشاعر:

أغَرّكَ أنْ قالُوا لِقُرّةَ شاعِرافيالأَباهُ مِنْ عَرِيفٍ وَشاعِرِ

فاكتفى باللام دليلاً على التعجب من إظهار الفعل وإنما الكلام: أغرّك أن قالوا: اعجبوا لقرّة شاعرا فكذلك قوله: لإيلافِ.

وأما القول الذي قاله من حَكينا قوله، أنه من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأْكُولٍ فإن ذلك لو كان كذلك، لوجب أن يكون (لإيلاف) بعض (ألم تر) ، وأن لا تكون سورة منفصلة من (ألم تر) وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامّتان كلّ واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك. ولو كان قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأكُولٍ لم تكن (ألم تر) تامّة حتى توصلَ ب قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ لأن الكلام لا يتمّ إلاّ بانقضاء الخبر الذي ذُكر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٦٠ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: (إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ) يقول: لزومهم.

٢٩٣٦١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، في قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ قال: نهاهم عن الرحلة، وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت، وكفاهم المؤنة وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف، فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف، فأطعمهم بعد ذلك من جوع، وآمنهم من خوف، وألفوا الرحلة، فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا، وإذا شاءوا أقاموا، فكان ذلك من نعمة اللّه عليهم.

٢٩٣٦٢ـ حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا داود، عن عكرِمة قال: كانت قريش قد ألفوا بُصْرَى واليمن، يختلفون إلى هذه في الشتاء، وإلى هذه في الصيف فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذا الْبَيْتِ فأمرهم أن يقيموا بمكة.

٢٩٣٦٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ قال: كانوا تجارا، فعلم اللّه حبهم للشام.

٢٩٣٦٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة لإيلافِ قُرَيْشٍ قال: عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء والصيف.

٢٩٣٦٥ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ كانوا ألفوا الارتحال في القيظ والشتاء.

٢

و قوله: إيلافِهِمْ مخفوضة على الإبدال، كأنه قال: لإيلاف قريش لإيلافهم، رحلة الشتاء والصيف. وأما الرحلة فنُصبت ب قوله: إيلافِهِمْ، ووقوعه عليها.

و قوله: رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ يقول: رحلة قريش الرحلتين، إحداهما إلى الشام في الصيف، والأخرى إلى اليمن في الشتاء.

٢٩٣٦٦ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: رِحْلَةَ الشّتاءِ والصّيْفِ قال: كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام، والشتاء إلى اليمن في التجارة، إذا كان الشتاء امتنع الشأم منهم لمكان البرد، وكانت رحلتهم في الشتاء إلى اليمن.

٢٩٣٦٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ قال: كانوا تُجّارا.

٢٩٣٦٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبيّ رِحْلَةَ الشّتاء وَالصّيْفِ قال: كانت لهم رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشأم.

٢٩٣٦٩ـ حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس إيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ قال: كانوا يَشْتُون بمكة، ويَصِيفون بالطائف.

٣

و قوله: فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْتِ يقول: فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة، وليعبدوا ربّ هذا البيت، يعني بالبيت: الكعبة، كما:

٢٩٣٧٠ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مُغيرة، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، صلى المغرب بمكة، فقرأ: لإيلافِ قُرَيْشٍ فلما انتهى إلى قوله: فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْتِ أشار بيده إلى البيت.

٢٩٣٧١ـ حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهانيّ، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، في قوله فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْتِ قال الكعبة.

وقال بعضهم: أُمِروا أن يألفوا عبادة ربّ مكة كإلفهم الرحلتين. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٧٢ـ حدثنا عمرو بن عبد الحميد الاَمُلِيّ، قال: حدثنا مروان، عن عاصم الأحول، عن عكرِمة، عن ابن عباس ، في قول اللّه : لإيلافِ قُرَيْشٍ قال: أُمروا أن يألفوا عبادة ربّ هذا البيت، كإلفهم رحلة الشتاء والصيف.

٤

و قوله: الّذِي أطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ يقول: الذي أطعم قريشا من جوع، كما:

٢٩٣٧٣ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: الّذِي أطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ يعني : قريشا أهل مكة، بدعوة إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم حيث قال: وَارْزُقهُمْ مِنَ الثّمَرَاتِ.

وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ اختلف أهل التأويل في معنى قوله: وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه آمنهم مما يَخاف منه مَنْ لم يكن من أهل الحرم، من الغارات والحروب والقتال، والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٧٤ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ حيث قال إبراهيم عليه السلام: رَبّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنا.

٢٩٣٧٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: آمنهم من كلّ عدوّ في حرمهم.

٢٩٣٧٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِم قال: كان أهل مكة تجارا، يتعاورون ذلك شتاء وصيفا، آمنين في العرب، وكانت العرب يغير بعضها على بعض، لا يقدرون على ذلك، ولا يستطيعونه من الخوف، حتى إن كان الرجل منهم ليُصاب في حيّ من أحياء العرب، وإذا قيل حِرْمِيّ خُلّي عنه وعن ماله، تعظيما لذلك فيما أعطاهم اللّه من الأمن.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: كانوا يقولون: نحن من حرم اللّه ، فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية، يأمنون بذلك، وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أُغير عليه.

٢٩٣٧٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويَسْبِي بعضها بعضا، فأمنوا من ذلك لمكان الحرم، وقرأ: أوَ لَمْ نُمَكّنْ لَهُمْ حَرَما آمِنا يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْءٍ.

وقال آخرون: عُنِي بذلك: وآمنهم من الجُذَام. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣٧٨ـ حدثنا الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، قال: قال الضحاك : وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: من خوفهم من الجُذام.

٢٩٣٧٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: من الجذام وغيره.

٢٩٣٨٠ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: قال وكيع: سمعت أطعمهم من جوع، قال: الجوع وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ الخوف: الجذام.

٢٩٣٨١ـ حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأَصبهانيّ، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المُغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قال: الخوف: الجذام.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن اللّه تعالى ذكره أخبر أنه آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ والعدوّ مخوف منه، والجذام مخوف منه، ولم يخصُصِ اللّه الخبر عن أنه آمنهم من العدوّ دون الجذام، ولا من الجذام دون العدوّ، بل عمّ الخبر بذلك فالصواب أن يُعَمّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: آمنهم من المعنيين كليهما.

﴿ ٠