٢و قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وانْحَرْ اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يصليها بهذا الخطاب، ومعنى قوله: وانْحَرْ فقال بعضهم: حضّه على المواظبة على الصلاة المكتوبة، وعلى الحفظ عليها في أوقاتها ب قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وانْحَرْ. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٦٩ـ حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطّفاويّ، قال: حدثنا محمد بن ربيعة، قال: ثني يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد، عن عاصم الجحدريّ، عن عقبة بن ظهير، عن عليّ رضي اللّه عنه، في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عاصم الجَحْدَريّ، عن عقبة بن ظبيان، عن أبيه، عن عليّ رضي اللّه عنه فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع اليد على اليد في الصلاة. ٢٩٤٧٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الجَحْدَريّ، عن عُقْبة بن ظَهِير، عن أبيه، عن عليّ رضي اللّه عنه فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى، ثم وضعهما على صدره. ٢٩٤٧١ـ قال: ثنا مهران، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن الشعبيّ، مثله. حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن يزيد بن أبي زياد، عن عاصم الجَحْدريّ، عن عقبة بن ظهير، عن عليّ رضي اللّه عنه: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة. ٢٩٤٧٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، يقال: حدثنا عوف، عن أبي القَمُوص، في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع اليد على اليد في الصلاة. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا أبو صالح الخُراسانيّ، قال: حدثنا حماد، عن عاصم الجَحْدريّ، عن أبيه، عن عقبة بن ظبيان، أن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال في قول اللّه : فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده الأيسر، ثم وضعهما على صدره. وقال آخرون: بل عُنِي ب قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ: الصلاة المكتوبة، وبقوله وَانْحَرْ أن يرفع يديه إلى النحر، عند افتتاح الصلاة والدخول فيها. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٧٣ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ الصلاة، وانحر: يرفع يديه أوّل ما يُكبَر في الافتتاح. وقال آخرون: عُنِي ب قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ المكتوبة، وبقوله وَانْحَرْ: نحر البُدْن. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٧٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام بن سلم وهارون بن المُغيرة، عن عنبسة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: الصلاة المكتوبة، ونحر البُدْن. ٢٩٤٧٥ـ حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير وحجّاج، أنهما قالا في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: صلاة الغداة بجَمْع، ونحر البُدن بمِنَى. ٢٩٤٧٦ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن قطر، عن عطاء: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: صلاة الفجر، وانحر البُدْن. ٢٩٤٧٧ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: الصلاة المكتوبة، والنحر: النّسُك والذبح يوم الأضحى. ٢٩٤٧٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: صلاة الفجر. وقال آخرون: بل عُنِي بذلك: صلّ يوم النحر صلاة العيد، وانحر نُسُكَك. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٧٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هارون بن المُغيرة، عن عنبسة، عن جابر، عن أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم ينحَر قبل أن يصلي، فأُمر أن يصليَ ثم ينحر. ٢٩٤٨٠ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة: فصلّ الصلاة، وانحر النّسُك. ٢٩٤٨١ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن ثابت بن أبي صفية، عن أبي جعفر فَصَلّ لِرَبّكَ قال: الصلاة وقال عكرِمة: الصلاة ونحر النّسك. ٢٩٤٨٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: إذا صليت يوم الأضحى فانحر. ٢٩٤٨٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا قطر، قال: سألت عطاء، عن قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: تصلي وتنحر. ٢٩٤٨٤ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عوف، عن الحسن فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: اذبح. قال: ثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبان بن خالد، قال: سمعت الحسن يقول فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: الذبح. ٢٩٤٨٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: نحر البُدن، والصلاة يوم النحر. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: صلاة الأضحى، والنحر: نحر البُدن. ٢٩٤٨٦ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: مناحر البُدن بِمِنَى. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: نحر النسك. ٢٩٤٨٧ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ يقول: اذبح يوم النحر. ٢٩٤٨٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: نحر البُدْن. وقال آخرون: قيل ذلك للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم ، لأن قوما كانوا يصلون لغير اللّه ، وينحرون لغيره ف قيل له: اجعل صلاتَك ونحرَك للّه، إذ كان من يكفر باللّه يجعله لغيره. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٨٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي، أنه كان يقول في هذه الاَية: إنّا أعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ يقول: إن ناسا كانوا يصلون لغير اللّه ، وينحرون لغير اللّه ، فإذا أعطيناك الكوثر يا محمد، فلا تكن صلاتك ونحرك إلاّ لي. وقال آخرون: بل أنزلت هذه الاَية يوم الحُدَيْبية، حين حُصِرَ النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، وصُدّوا عن البيت، فأمره اللّه أن يصلي، وينحر البُدْن، وينصرف، ففعل. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٩٠ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، قال: ثني أبو معاوية البَجَلِيّ، عن سعيد بن جُبير أنه قال: كانت هذه الاَية، يعني قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ يوم الحديبية، أتاه جبريل عليه السلام، فقال: انحر وارجع، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فخطب خطبة الفطر والنحر، ثم ركع ركعتين، ثم انصرف إلى البُدن فنحرها، فذلك حين يقول: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصلّ وادع ربّك وَسَلْه. ذكر من قال ذلك: ٢٩٤٩١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ قال: صلّ لربك وسَلْ. وكان بعض أهل العربية يتأوّل قوله: وَانْحَرْ واستقبل القبلة بنحرك. وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحَر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذُكر أن بعض بني أسد أنشده: أبا حَكَمٍ هَلْ أنْتَ عَمّ مُجَالِدٍوَسَيّدُ أهْلِ الأَبْطَحِ المُتَناحِرِ؟ أي ينحر بعضه بعضا. وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتَك كلّها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والاَلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كُفْء له، وخصك به، من إعطائه إياك الكوثر. وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لأن اللّه جل ثناؤه أخبر نبيه صلى اللّه عليه وسلم بما أكرمه به من عطيته وكرامته، وإنعامه عليه بالكوثر، ثم أتبع ذلك قوله: فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ، فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له، والنحر على الشكر له، على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه، بإعطائه إياه الكوثَر، فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض، وبعض النحر دون بعض، وجه، إذ كان حثا على الشكر على النّعم. فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر، إنعاما منا عليك به، وتكرمة منا لك، فأخلص لربك العبادة، وأفرد له صلاتك ونُسُكَك، خلافا لما يفعله من كفر به، وعبد غيره، ونحر للأوثان. |
﴿ ٢ ﴾