سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِبسم اللّه الرحمن الرحيم ٨قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللّه قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللّه {أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: الصَّلَوَاتُ لِوَقْتِهِنَّ. قُلْت: ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللّه. قُلْت: ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ}. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم قَالَ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ} وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ يَدُلَّانِ مَعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا {وَنَهَى النَّبِيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا} وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لِلْوَلَدِ مِنْ الْوَالِدِقوله تعالى {إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الصَّلَاةُ لَا تَنْفَعُ إلَّا مَنْ أَطَاعَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْقِيَامَ بِمُوجِبَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ وَإِنَّمَا قِيلَ: تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى أَفْعَالٍ وَأَذْكَارٍ لَا يَتَخَللّها غَيْرُهَا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْفُرُوضِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَهِيَ تَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَتَدْعُو إلَى الْمَعْرُوفِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهَا وَمُوجَبُهَا لِمَنْ قَامَ بِحَقِّهَا. وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللّه إلَّا بُعْدًا وَقِيلَ: إنَّ {النَّبِيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم قِيلَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَيَسْرِقُ بِالنَّهَارِ؛ فَقَالَ: لَعَلَّ صَلَاتَهُ تَنْهَاهُ}. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ: {حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ الثَّلَاثُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ}. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ قُرَّةَ عَيْنِهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ يَرَى فِيهَا مَا تَقَرُّ عَيْنُهُقوله تعالى {وَلَذِكْرُ اللّه أَكْبَرُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَلْمَانُ وَمُجَاهِدٌ : ذِكْرُ اللّه إيَّاكُمْ بِرَحْمَتِهِ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ إيَّاهُ بِطَاعَتِهِ وَرُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ أَيْضًا وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَقَتَادَةَ ذِكْرُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ وَقَالَ السُّدِّيُّ: ذِكْرُ اللّه فِي الصَّلَاةِ أَكْبَرُ مِنْ الصَّلَاةِوقوله تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} وَلَا مُجَادَلَةَ أَشَدُّ مِنْ السَّيْفِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ. وقوله تعالى {إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} يَعْنِي وَاَللّه أَعْلَمُ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوكُمْ فِي جِدَالِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَقْتَضِي الْإِغْلَاظَ لَهُمْ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} وَقَالَ مُجَاهِدٌ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بِمَنْعِ الْجِزْيَةِ وَقِيلَ: إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بِالْإِقَامَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ. آخِرُ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ |
﴿ ٠ ﴾