١٨٠{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } ١) الوصية (ما نسخ منها) ٢) الوديعة ٣) الوصيةمَا نُسِخَ مِنَ الْوَصَايَا (أنا) أبو سعيد محمد بن موسى، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، قال: قال الشافعى: قال اللّه عزّ وجلّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ} . قال: فكان فرضاً فى كتاب اللّه (عزّ وجلّ)، على مَنْ ترك خيراً - والخيرُ: المالُ. -: أن يُوصِيَ لوالديْه وأقربيه.وزعم بعض أهل العلم بالقرآن: أن الوصية للوالدَين والأقربين الوارثين؛ منسوخةٌ.واختلفوا فى الأقربين: غيرُ الوارثين؛ فأكثرُ مَنْ لقيت -: من أهل العلم وممن حفظت عنه. - قال: الوصايا منسوخة؛ لأنه إنما أُمِر بها: إذا كانت إنما يُورَثُ بها؛ فلما قسم اللّه الميراثَ: كانت تطوُّعاً.وهذا - إن شاء اللّه - كلُّه: كما قالوا.. واحتجّ الشافعى (رحمه اللّه) فى عدم جواز الوصية للوارث: بآية الميراث، وبما روى عن النبى (صلى اللّه عليه وسلم): منقوله: ولا وصيةَ لوارث. واحتجّ فى جواز الوصية لغير ذى الرحم، بحديث عِمْرَانَ ابن لُحصَيْنِ: أن رجلا أعتق ستة مملوكين له: ليس له مالٌ غيرُهم؛ فجَزَّأَهُم النبىُّ (صلى اللّه عليه وسلم) ثلاثةَ أجزاء، فأعتق اثنين، وأرَقَّ أربعةً.. ثم قال: والمعتِق: عربى؛ وإنما كانت العرب: تَملِكُ مَنْ لا قرابةَ بينها وبينه. فلو لم تجز الوصية إلا لذى قرابة: لم تجز للمملوكين؛ وقد أجازها لهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم.. (أخبرنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، قال: قال الشافعى فى المُسْتَوْدَع: إذا قال: دفعتها إليك، فالقول: قولُه. ولو قال: أمرتنى أن أدفعَها إلى فلان، فدفعتها؛ فالقول: قولُ المُسْتَوْدِع قال اللّه عزّ وجلّ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ؛ وقال فى اليتامى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ} .وذلك: أن ولِىَّ اليتيم إنما هو: وصىُّ أبيه، أو وصىُّ وصاه الحاكم: ليس أن اليتيم استودعه. والمدفوعُ إليه: غير المسْتَوْدِع؛ وكان عليه: أن يُشْهِدَ عليه؛ إن أراد أن يَبْرَأ. و كذلك:الوصىُّ.. * * *وقال اللّه عز وجل: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً} ؛ فعَقَلْنا: أنه: إنْ ترَك مالاً؛ لأنَّ المالَ: المَتْروكُ؛ ولقولِه:{ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ}.فَلمَّا قال اللّه عز وجل: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} : كان أظهَرث مَعانِيها -: بدَلالةِ ما اسْتَدْلَلْنا به: من الكتابِ. - قُوَّةً على اكتِساب المالِ، وأمانةً. لأنه قد يكونُ: قوِيّاً فيَكسِبُ؛ فلا يُؤَدِّى: إذا لم يكن ذا أمانةٍ. و: أميناً، فلا يكونُ قَوِيّاً على الكَسْبِ: فلا يُؤَدِّى. ولا يَجُوز عندى (واللّه أعلم) - فى قولهِ تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}. - إلا هذا.وليس الظاهرُ: أنَّ القولَ: إِنْ علِمتَ فى عبدِك مالاً؛ لمَعْنَيَيْنِ: (أحدُهما): أنَّ المالَ لا يكونُ فيه؛ إنما يكونُ: عندَه؛ لا: فيه. ولكنْ: يكونُ فيه الاكتِسابُ:الذى يفيدُه المالَ. (والثانى): أنَّ المالَ - الذى في يدِه - لسَيِّدِه: فكيفَ يُكاتِبُه بمالِه؟! - إنما يُكاتِبُه: بما يُفيدُ العبدُ بعدَ الكتابةِ -: لأنه حينَئذٍ، يُمنَعُ ما أفاد العبدُ: لأداءِ الكتابةِ.ولعلَّ مَن ذهبَ: إلى أنَّ الخيرَ: المالُ؛ أراد: أنه أفاد بكَسبِه مالاً للسَّيدِ؛ فيَسْتَدِلُّ: على أنه يُفيدُ مالاً يَعتِقُ به؛ كما أفاد أوَّلاً. قال الشافعى: وإذا جَمع القُوَّةَ على الاكتِسابِ، والأمانةَ -: فأحَبُّ إلىَّ لسَيدِه: أنْ يُكاتِبَه. ولا يَبِينُ لى: أنْ يُجبَرُ عليه؛ لأنَّ الآيةَ مُحتَمِلةٌ: أنْ يكونَ: إرشاداً، أو إباحةً؛ لا: حَتْما. وقد ذَهب هذا المذهَب، عددٌ: ممن لقِيتُ من أهلِ العلمِ.. وبَسطَ الكلامَ فيه؛ واحتَجَّ - فى جُملةِ ما ذَكَر -: بأنه لو كان. واجباً: لكان مَحدُوداً: بأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ الكتابةِ؛ أو: لغايةٍ معلومةٍ.. (أنا) أبو سعيدٍ، نا أبو العباس، أنا الربيع، نا الشافعى: أنا الثِّقةُ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ: أنه كاتب عبداً له بخمسةٍ وثلاثينَ ألفاً؛ ووَضَع عنه خمسةَ آلافٍ. أحسَبُه قال: من آخِرِ نُجُومِه.قال الشافعي: وهذا عندى (واللّه أعلم): مِثْلُ قولِ اللّه عز وجل: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ} . فيُجْبَرُ سَيدُ المُكاتَبِ: على أنْ يَضَعَ عنه -: ممَّا عقَد عليه الكِتابةَ. - شيئاً؛ وإذا وَضَع عنه شيئاً ما كان: لم يُجْبَرْ على أكثرَ منه.وإذا أدَّى المكاتَبُ الكِتابةَ كلَّها، فعلى السَّيدِ: أنْ يَرُدَّ عليه منها شيئاً، ويُعطِيَه ممَّا أخَذ منه: لأنَّ قوله عز وجل: {مِّن مَّالِ ٱللّه ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ} ؛ يُشْبِهُ (واللّه أعلم): آتاكم منهم؛ فإذا أعطاه شيئاً غيرَه: فلم يُعطِه مِن الذى أُمِر: أنْ يُعطِيَه منه.. وبَسَط الكلامَ فيه. |
﴿ ١٨٠ ﴾