٢١٦

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

١) الجهاد

٢) الجهاد (حكمه)

٣) الجهاد (الحث عليه)

٤) الجهاد (من لا يجب عليه الجهاد)فَصْلٌ فِى أَصْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ

قال الشافعى (رحمه اللّه): ولَمَّا مَضَتْ لرسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مُدَّةٌ: من هِجرتِه؛ أنعَمَ اللّه فيها على جماعاتٍ، باتِّباعِه -: حدَثَتْ لهم بها، معَ عَوْنِ اللّه (عز وجل)، قُوَّةٌ: بالعَدَد؛ لم يكن قبلها.فَفَرض اللّه (عز وجل) عليهم، الجهادَ - بعدَ إذ كان:إباحةً؛ لا: فرْضاً. - فقال تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} الآية: ؛ وقال جل ثناؤه: {إِنَّ ٱللّه ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ} الآية: ؛

وقال تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّه وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ؛

قال: {وَجَاهِدُوا فِي ٱللّه حَقَّ جِهَادِهِ} ؛

قال تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ} ؛

قال تعالى: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللّه ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ}؛ إلى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية: ؛

قال تعالى: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} الآية: .ثم ذَكر قوماً: تَخَلَّفُوا عن رسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم) -: ممن كان يُطْهِرُ الإسلامَ. - ف

قال: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ} . فأبَانَ فى هذه الآيةِ: أنَّ عليهم الجِهادَ قَرُبَ وبَعُدَ؛ مَع إبَانَتِهِ ذلك فى غير مكانٍ: فى قوله: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللّه}؛ إلى: {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} .

قال الشافعى (رحمه اللّه): سنُبَيِّنُ من ذلك، ما حَضَرَنا: على وَجْهِه؛ إن شاء اللّه عز وجل.وقال جل ثناؤه: {فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه}؛ إلى: {لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} ؛

قال: {إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} ؛

قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . معَ ما ذَكر به فَرْضَ الجهادِ، وأوْجَب على المُتَخلِّفِ عنه..

* * *فَصْلٌ فِيمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ

وبهذا الإسناد،

قال الشافعى: فلما فَرَض اللّه (عز وجل). الجهادَ -: دَلَّ فى كتابه، ثم على لسانِ نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): أن ليس يُفْرَضُ الجهادُ على مملوكٍ، أو أنثى: بالغٍ؛ ولا حُرّ: لم يَبْلُغْ.لقول اللّه عزوجل: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} ؛ فكان حَكَم. أن لا مالَ للمملوكِ؛ ولم يكنْ مجاهدٌ إلا: وعليه فى الجهاد، مُؤْنَةٌ: من المال؛ ولم يكن للمملوك مالٌ.وقال (تعالى) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: {حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ} ؛ فدَلَّ: على أنه أراد بذلك: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ. لأن الإناثَ: المؤمناتُ.

قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً} ؛

قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} ؛ وكل هذا يَدُلُّ: على أنه أراد به: الذُّكورَ، دونَ الإناثِوقال عزوجل -: إذ أمَر بالاسْتِئْذانِ. -: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛ فأعلَم: أنَّ فَرْضَ الاسْتِئْذانِ، إنما هو: على البالِغِينَ.

قال تعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ؛ فلم يَجعلْ لرُشْدِهم حُكْماً:تَصِيرُ به أموالُهم إليهم؛ إلا: بعدَ البلوغِ. فدَلَّ: على أن الفرضَ فى العملِ، إنما هو: على البالِغينَ.ودَلَّتْ السنةُ، ثم ما لم أعلمْ فيه مخالفا -: من أهل العلمِ. -: على مثل ما وصَفتُ.. وذَكر حديثَ ابن عمرَ فى ذلك

وبهذا الإسناد،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه (جل ثناؤه) فى الجهاد: {لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّه وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ}؛ إلى: {وَطَبَعَ ٱللّه عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ؛ وقال عزوجل: {لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ} .

قال الشافعى: وقيل: الأعرَجُ: المُقْعَدُ. والأغلَبُ: أن العَرَجَ فى الرِّجلِ الواحدةِ.وقيل: نزلتْ فى أن لا حَرَجَ عليهم: أن لا يُجاهِدوا.وهو: أشْبَهُ ما قالوا، وغيرُ مُحتَمِلَةٍ غيرَه. وهم: داخلونَ فى حَدِّ الضُّعَفَاءِ، وغيرُ خارجينَ: من فرْضِ الحجِّ، ولا الصلاةِ، ولا الصومِ، ولا الحُدودِ. فلا يَحْتَمِلُ (واللّه أعلم): أنْ يكونَ أُرِيدَ بهذه الآيةِ، إلا: وَضْعُ الحرَجِ: فى الجهادِ؛ دونَ غيرِه: من الفرائضِ..

وقال فيما بَعُدَ غَزْوُه عن المُغازى - وهو: ما كان على الليْلتَينِ فصاعداً. -: إنه لا يَلْزَمُ القوىَّ السالمَ البَدَنِ كلِّه: إذا لم يَجِدْ مَرْكباً وسلاحاً ونفقةً؛ ويَدَعْ لمن يَلْزَمُه نفقتُه، قوَته: إلى قَدْرِ ما يَرى أنه يَلبَثُ فى غزوِه. وهو: ممن لا يَجدُ ما يُنفِقُ. قال اللّه عزوجل: {وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ} ..

﴿ ٢١٦