٢٢٨

{ وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللّه فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَٱللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

١) النكاح (الحقوق والواجبات)

٢) الطلاق (العدة)

٣) العدّة

٤) العدّة (اليائس والحامل)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه عزوجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ} ؛

قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ} .

قال: وجِمَاعُ المعروف: إتيانُ ذلك بما يَحْسُن لك ثوابُه؛ وكفُّ المكروه..

وقال فى موضع آخرَ (فيما هو لى: بالإجازة؛ عن أبى عبداللّه): وفَرَض اللّه: أن يؤدىَ كلٌّ ما عليه: بالمعروف.

وجِمَاعُ المعروف: إعفاءُ صاحب الحق من المُؤْنة فى طلبه، وأداؤه إِليه: بطيب النفس. لا: بضرورته إلى طلبه؛ ولا: تأديتُه:بإظهار الكراهية لتأديته.وأيُّهما ترَكَ: فظُلْمٌ؛ لأن مَطْلَ الغَنىِّ ظلمٌ؛ ومَطْلُه تأخير الحق.

قال: وقال اللّه عزوجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ}؛ واللّه أعلم؛ أى: فمالَهنّ مثلُ ما عليهنَّ: من أن يُؤَدَّى إليهنّ بالمعروف..

وفى رواية المُزَنِىِّ، عن الشافعى: وجِماعُ المعروف بين الزوجين: كفُّ المكروه، وإعفاءُ صاحب الحق من المُؤْنة فى طلبه. لا:بإظهار الكراهية فى تأديته. فأيُّهما مَطَلَ بتأخيره: فمطلُ الغنىِّ ظلمٌ..

وهذا: مما كَتب إلىَّ أبو نُعَيمٍ الإسْفِرَايْنِىُّ: أن أبا عَوانةَ أخبرهم عن المزني، عن الشافعى. فذَكَرَه.

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعي،

قال: قال اللّه تبارك وتعالى: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ؛

قال تعالى: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللّه فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً} .

قال الشافعى - فى قول اللّه عز وجل: {إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً} . -: ي

قال: إصلاحُ الطلاق: بالرجعة؛ واللّه أعلم.فأيُّما زوجٍ حرٍّ طلق امرأتَه - بعدما يُصيبُها - واحدةً أو اثنتَين، فهو: أحق برجعتها: مالم تنقض عدتُها. بدلالة كتاب اللّه عزوجل.

* * *

(أنا) أبو سعيد، أنا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى - فى المرأة: يطلقها الحرُّ ثلاثا. -

قال: فلا تَحِلُّ له: حتى يجامعَها زوج غيرُه؛ لقوله (عز وجل) فى المطلقة الثالثة: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} .

قال: فاحتملت الآية: حتى يجامعهَا زوج غيرُ؛ و دلت على ذلك السنة. فكان أولى المعانى - بكتاب اللّه عز وجل -: ما دلت عليه سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

قال: فإِذا تزوجت المطلقة ثلاثاً، بزوج: صحيحِ النكاح؛ فأصابها، ثم طلقها وانقضت عِدَّتُها -: حل لزوجها الأولِ: ابتداءُ نكاحِها؛ لقول اللّه عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}.

وقال فى قول اللّه عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللّه}  . - واللّه أعلم بما أرَاد؛ فأمَّا الآية فتحتمل: إن أقاما الرجعة؛ لأنها من حدود اللّه.وهذا يُشْبه قولَ اللّه عز وجل: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً} : إصلاحَ ما أفسدوا بالطق -: بالرجعة..

ثم ساق الكلامَ، إلى أن

قال: فأحِب لهما: أن ينويا إقامة حدود اللّه فيما بينهما، وغيرِه: من حدوده..

قال الشيخ: قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ}؛ إن أراد به: الزوجَ الثانىَ: إذا طلقها طلاقاً رجعياً -: فإقامةُ الرجعة، مثلُ: أن يراجعها فى العدة. ثم تكون الحجةُ - فى رجوعها إلى الأول: بنكاح مبتدإ. -: تعليقَه التحريمَ بغايته.

وإن أراد به: الزوجَ الأولَ؛ فالمراد بالتراجع: النكاحُ الذى يكون بتراجعهما وبرضاهما جميعاً، بعد العدة. واللّه أعلم.

* * *مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِى الْعِدَّةِ، وَفِى الرَّضَاعِ، وَفِى النَّفَقَاتِ

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ (قرأتُ عليه): أنا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى (رحمه اللّه)،

قال: قال اللّه تعالى: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} .قالت عائشةُ (رضى اللّه عنها): الأقْراءُ: الأطهارُ؛ فإذا طعَنتْ فى الدم: من الحَيْضة الثالثة؛ فقد حَلَّتْ. وقال بمثل معنى قولها، زيدُ بن ثابت، وعبدُاللّه بن عمرَ، وغيرُهما.وقال نَفَرٌ -:من أصحاب النبى صلى اللّه عليه وسلم. -: الأقراءُ: الحِيَضُ؛ فلا تَحِلُّ المطلقةُ: حتى تغتسلَ من الحيْضة الثالثة.

ثم ذكر الشافعى حُجةَ القولين، واختار الأول؛ واستدل عليه: بأن النبى (صلى اللّه عليه وسلم) أمر عمرَ (رضى اللّه عنه) -حين طلق ابنُ عمرَ امرأتَه: حائضاً.-: أن يأمرَه: برَجْعَتها وحَبْسِها حتى تطهر ثم يطلقُها: طاهراً، من غير جماع. وقال رسول اللّه(صلى اللّه عليه وسلم): فتلك العدةُ: التى أمَر اللّه (عز وجل): أن يُطَلَّقَ لها النساءُ.

قال الشافعى: يعنى - واللّه أعلم -: قولَ اللّه عز وجل: {إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ؛ فأخبَر النبىُّ (صلى اللّه عليه وسلم) - عن اللّه عز وجل -: أن العِدَّةَ: الطُّهْرُ، دون الحيض.

واحتَج: بأن اللّه (عز وجل)

قال: {ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ}؛ ولا معنى للغُسل: لأن الغُسل رابع..

واحتَج: بأن الحيْضَن هو: أنْ يُرْخِىَ الرَّحِمُ الدمَ حتى يظهَر؛ والطُّهرَ هو: أن يَقْرِىَ الرحمُ الدمَ، فلا يظهرُ. فالقَرْءُ: الحبْسُ؛ لا: الإرسالُ. فالطهرُ -: إذا كان يكون وقتاً. - أولى فى اللسان، بمعنى القرء؛ لأنه: حبْسُ الدم. وأطال الكلام فى شرحه.

(أنبأنى) أبو عبداللّه (إجازةً): أنا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه جل ثناؤه: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللّه فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ} الآية.

قال الشافعى (رحمه اللّه): فكان بَيِّناً فى الآية - بالتنزيل -: أنه لا يحِل للمطلَّقة: أن تَكْتُم ما فى رحمها: من المحيض. فقد يحدث له - عند خوفه انقضاءَ عِدَّتها - رأىٌ فى نكاحها؛ أو يكونُ طلاقُه إياها: أدباً لها..

ثم ساق الكلامَ، إلى أن

قال: وكان ذلك يَحتمِل: الحملَ مع المحيض؛ لأن الحمل: مما خلق اللّه فى أرحامهن.فإذا سأل الرجلُ امرأتَه المطلَّقةَ:أحاملٌ هىَ؟ أو هل حاضت؟-: فهى عندى، لا يحل لها: أن تكتُمه ولا أحداً رأت أن يُعلمه. وإن لم يسألها، ولا أحدٌ يُعلمه إياه:فأحَبُّ إلىَّ: لو أخبرته به..

ثم ساق الكلامَ، إلى أن

قال: ولو كتمتْه بعد المسألة، الحملَ والأقراء حتى خلَتْ عِدَّتُها -: كانت عندى، آثمةً بالكتمان: إذ سُئلت وكتمتْ - وخفتُ عليها الإثمَ: إذا كتمتْ وإن لم تُسْأل. - ولم يكن له. عليها رجعةٌ: لأن اللّه (عز وجل) إنما جعلها له حتى تَنقضِى عدتها..

وروى الشافعى (رحمه اللّه) - فى ذلك - قولَ عطاءٍ، ومجاهدٍ وهو منقول فى كتاب (المبسوط) و (المعرفة).

* * *

وبهذا الإسناد،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): سمعت من أرضى -: من أهل العلم - يقول: إن أول ما أنزل اللّه (عز وجل) -: من العِدَد. -:{وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} ؛ فلم يَعلموا: ما عِدَّةُ المرْأةِ التى لا قَرْء لها؟ وهى: التى لا تحيض، والحاملُ. فأنزل اللّه عز وجل: {وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ} ؛ فجعل عدَّةَ المُؤْيَسَةِ والتى لم تحِض: ثلاثة أشهر. و

قولُه: {إِنِ ٱرْتَبْتُمْ}: فلم تدروا: ما تعتَدُّ غيرُ ذوات الأقراء؟ -

قال: {وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} .

قال الشافعى: وهذا (واللّه أعلم) يشبه ما قالوا..

﴿ ٢٢٨