٢٣٨

{حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للّه قَٰنِتِينَ  

١) الصلاة (مواقيت الصلاة)

٢) الصلاة (الأمر بتعجيلها)

٣) الصلاة (الصلاة الوسطى)

٤) الصلاة (القنوت)

٥) الصلاة (القيام فيها)

قال الشافعى: قال اللّه تبارك وتعالى: {حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ} الآيتين. فلما لم يرخص اللّه فى أن تؤخر الصلاة فى الخوف، وأرخص: أن يصليها المصلى كما أمكنته رجالا وركباناً؛

قال: {إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} ؛ وكان مَنْ عَقَلَ الصلاة من البالغين، عاصيا بتركها: إذا جاء وقتها وذكرها، وكان غير ناس لها؛ وكانت الحائض بالغة عاقلةً، ذاكرةً للصلاة، مطيقةً لها؛ وكان حكم اللّه: أن لا يقربها زوجها حائضا؛ ودل حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: على أنه إذا حرم على زوجها أن يقربها للحيض، حرم عليها أن تصلى -: كان فى هذا دليل على أن فرض الصلاة فى أيام الحيض زائلٌ عنها فإذا زال عنها - وهى ذاكرة عاقلة مطيقة -: لم يكن عليها قضاء الصلاة.وكيف تقضى ما ليس بفرض عليها: بزوال فرضه عنها؟! وهذا ما لم أعلم فيه مخالفاً.

واحتَج فى فضل التعجيل بالصلوات - بقول اللّه عزوجل: {قِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلْلَّيْلِ} ؛ ودلوكها: ميلها.وبقوله: {أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } ؛ وبقوله: {حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ} ؛ والمحافظة على الشىء: تعجيله.

وقال فى موضع آخر: ومَنْ قدم الصلاة فى أول وقتها، كان أولى بالمحافظة عليها ممن أخرها عن أول وقتها.

وقال فى قوله {وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ}  : فذهبنا: إلى أنها الصبح. [وكان أقل ما فى الصبح] إن لم تكن هي -: أن تكون مما أمرنا بالمحافظة عليه..

وذكر - فى رواية المزنى، وحَرْمَلَةَ - حديث أبى يونس مولى عائشة (رضى اللّه عنها) أنها أمْلَتْ عليه: (حَافظوا عَلَى الصلوات، والصلاة الوسطى، وصلاة العصر، ثم قالت: سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال الشافعى: فحديث عائشة يدل على أن الصلاة الوسطى، ليست صلاة العصر.

قال: واختلف بعض أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، فروى عن على، وروى عن ابن عباس: أنها الصبح؛ وإلى هذا نذهب. وروى عن زيد بن ثابت: الظهرُ؛ وعن غيره: العصرُ. وروى فيه حديثاً عن النبى صلى اللّه عليه وسلم.

قال الشيخ: الذى رواهُ الشافعى فى ذلك، عن على، وابن عباس: فيما رواه مالك فى الموطأ عنهما فيما بلغه؛ ورويناه موصولا عن ابن عباس وابن عمر، وهو قول عطاءٍ، وطاووسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمةَ. وروينا عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن على (رضي اللّه عنه)،

قال: كنا نرى أنها صلاة الفجر، حتى سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يوم الأحزاب: يقول: شغلونا عن صلاة الوسطى، صلاة العصر؛ حتى غابت الشمس، ملأ اللّه قبورهم وأجوافهم ناراً. وروايته فى ذلك - عن النبى صلى اللّه عليه وسلمصحيحة، عن عبيدة السلمانى: وغيره عنه، وعن مرة، عن ابن مسعود. وبه قال أبىُّ بن كعب، وأبو أيوب، وأبو هريرة، وعبداللّه ابن عمرو، و هو فى إحدى الروايتين، عن ابن عمر، وابن عباس، وأبى سعيد الْخُدْرىّ، وعائشة رضي اللّه عنهم.

وقرأتُ فى كتاب السنن (رواية حرملة، عن الشافعى، رحمه اللّه):

قال: قال اللّه تبارك وتعالى: {وَقُومُواْ للّه قَانِتِينَ}.

قال الشافعى: من خوطب بالقنوت مطلقا، ذهبَ: إلى أنه: قيام فى الصلاة. وذلك: أن القنوت: قيام لمعنى طاعة اللّه (عزَّ وجلَّ)؛ وإذا كان هكذا: فهو موضع كف عن قراءة؛ وإذا كان هكذا، أشبهَ: أن يكون قياماً - فى صلاة - لدعاء، لا قراءةٍ. فهذا أظهر معانيه، وعليه دلالةُ السنة؛ وهو أولى المعانى أن يقال به، عندى؛ واللّه أعلم.

قال الشافعى (رحمه اللّه): وقد يحتمل القنوت: القيامَ كله فى الصلاة. وروى عن عبد اللّه بن عمر: قيل: أى الصلاة؟

قال: طول القنوت..وقال طاوس: القنوت، طاعة اللّه عزَّ وجلَّ..و

قال الشافعى (رحمه اللّه): وما وصفتُ -: من المعنى الأول.- أولى المعانى به؛ واللّه أعلم.

قال: فلما كان القنوت بعضَ القيام، دون بعض -: لم يَجزْ (واللّه أعلم) أن يكون إلا ما دلت عليه السنة: من القنوت للدعاء، دون القراءة.

قال: واحتمل قول اللّه (عزَّ وجلَّ): {وَقُومُواْ للّه قَانِتِينَ}: قانتين فى الصلاة كلها، وفى بعضها دون بعض. فلما قنتَ رسول اللّه(صلى اللّه عليه وسلم) فى الصلاة، ثم ترك القنوت فى بعضها؛ وحُفظ عنه القنوت فى الصبح بخاصة -: دلَّ هذا على أنه إِن كان اللّه أراد بالقنوت: القنوتَ فى الصلاة؛ فانما أراد به خاصا..واحتمل: أن يكون فى الصلوات، فى النازلة. واحتمل طولُ القنوت:طولَ القيام. واحتمل القنوت: طَاعة اللّه؛ واحتمل السُّكات..

قال الشافعى. ولا أرخص فى ترك القنوت فى الصبح،.

قال: لأنه إن كان اختياراً من اللّه ومن رسوله (صلى اللّه عليه وسلم): لم أرخص فى ترك الاختيار؛ وإن كان فرضا: كان مما لا يتبين تركه. ولو تركه تارك: كان عليه أن يسجد للسهو؛ كما يكون ذلك عليه: لو ترك الجلوسَ فى شىء..

قال الشيخ - فى قوله: احتمل السكات.-: أراد: السكوتَ عن كلام الآدميين؛ وقد روينا عن زيد بن أرقم: أنهم كانوا يتكلمون فى الصلاة؛ فنزتل هذه الآية.

قال: فنهينا عن الكلام، وأُمِرْنا بالسكوت. وروينا عن أبى رجاء العطاردىِّ: أنه

قال: صلى بنا ابن عباس صلاة الصبح - وهو أمير على البَصرة - فقنت، ورفع يديه: حتى لو أن رجُلا بين يديه لرَأى بياض إبْطَيْهِ، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه، ف

قال: هذه الصلاة: التى ذكرها اللّه (عزَّ وجلَّ) فى كتابه: {حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للّه قَانِتِينَ}.

(أنا) أبو على الروذبارى، أنا إسماعيل الصفار، نا الحسن بن الفضل بن السمح، ثنا سهل بن تمام، نا أبو الأشبه، ومسلم بن زيد، عن أبى رجاء؛ فذكره،

قال: قبل الركوع.

(أخبرنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال: قال السافعى: قال اللّه تبارك وتعالى: {وَقُومُواْ للّه قَانِتِينَ}. فقيل (واللّه أعلم: قانتين: مطيعين؛ وأمر رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بالصلاة قائما؛ وإنما خوطبَ بالفرائض من أطاقها؛ فإِذا لم يطق القيامَ: صلى قاعداً..

﴿ ٢٣٨