٦

{وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللّه حَسِيباً }

١) الصلاة (المكلف بها)

٢) الحِجْر

٣) الشهادة (في أداء الأمانة)

(أنا) أبو سعيد، أنا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): ذكر اللّه (تعالى) الاستئذان، فقال فى سياق الآية: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛

قال: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} . فلم يذكر الرشد -: الذى يستوجبون به أن ندفع إليهم أموالهم.- إلا بعد بلوغ النكاح.

قال: وفرض اللّه الجهاد، فأبانَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): أنه على من استكمل خمسَ عشرةَ سنةً؛ بأن أجاز ابنَ عمر- عام الخندق -: ابنَ خمسَ عشرةَ سنةً؛ ورَدَّه - عام أُحُدٍ -: ابنَ أرْبعَ عشرةَ سنةً.

قال: فإذا بلغ الغلام الحُلُمَ، والجاريةُ المحيضَ -: غيرَ مغلوبين على عقولهما.-: وجبت عليهما الصلاة والفرائض كلها: وإن كانا ابنى أقلَّ من خمس عشر سنة؛ وأُمِرَ كل واحد منهما بالصلاة: إذا عَقَلَها؛ وإذا لم يفعلا لم يكونا كمن تركها بعد البلوغ؛ وأُدِّيا على تركها أدبا خفيفا..

قال: ومن غُلِبَ على عقله بعارض أو مرض أىَّ مرض كان -: ارتفع عنه الفرض. لقول اللّه تعالى: {وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ} ؛ وقولِهِ: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ}  و : وإن كان معقولا: أن لا يخاطب بالأمر والنهى إلا من عَقَلَهما..

* * *

(أنا) أبو سعيد، أنا أبو العباس، أنا الربيع،

قال: قال الشافعي: قال اللّه تبارك وتعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} .

قال: فدلت الآية: على أن الحَجْرَ ثابتٌ على اليتامى، حتى يَجْمَعُوا خَصلتين: البلوغَ والرُّشدَ.فالبلوغ: استكمالُ خمسَ عشرةَ سنةً؛ الذكر والأنثى فى ذلك سواء. إلا أن يَحْتَلِمَ الرجل، أو تحيض المرأة: قبل خمسَ عشرةَ سنة؛ فيكونُ ذلك: البلوغَ.

قال: والرشد (واللّه أعلم): الصلاح فى الدِّين: حتى تكونَ الشهادة جائزةً؛ وإصلاح المال. وإنما يعرف إصلاح المال: بأن يختبر اليتيم..

وبهذا الإسناد،

قال:

قال الشافعى: أمر اللّه: بدفع أموالهما إليهما؛ وسَوَّى فيها بين الرجل والمرأة.

* * *

وبهذا الإسنادِ،

قال: قال الشافعي: قال اللّه جل ثناؤه: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}؛

قال تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللّه حَسِيباً} .ففى هذه الآيةِ، مَعنَيانِ: (أحدُهما): الأمرُ بالإشهادِ. وهو مِثلُ معنى الآيةِ التى قبلها (واللّه أعلم): من أنْ يكونَ الأمرُ بالإشهادِ: دَلالةً؛ لا: حتْماً. وفى قولِ اللّه: {وَكَفَىٰ بِٱللّه حَسِيباً}؛ أىْ: إن لم يُشهِدُوا؛ واللّه أعلم.

(والمعنى الثانى): أنْ يكونَ ولِىُّ اليتيم -: المأمورُ: بالدفعِ إليه مالَه، والإشهادِ عليه -: يَبْرَأُ بالإشهادِ عليه: إنْ جَحَده اليتيمُ؛ ولا يبْرَأُ بغيرِه أو يكون مأموراً بالإشهادِ عليه -: على الدَّلالة. -: وقد يَبْرَأُ بغيرِ شهادةٍ: إذا صدَّقه اليتيمُ. والآيةُ مُحتَمِلةٌ المعنَيَيْنِ معاً.

واحتَجَّ الشافعى (رحمه اللّه) - فى روايةِ المُزَنِىِّ عنه: فى كتابِ الوَكالةِ. -: بهذه الآيةِ؛ فى الوَكيلِ: إذا ادّعَى دفْعَ المالِ إلى مَن أمَرَه المُوَكِّلُ: بالدَّفع إليه؛ لم يُقْبَل منه إلا بيِّنةٍ: فإنَّ الذى زعم: أنه دفَعه إليه؛ ليس هو: الذى ائتَمَنَه على المالِ؛ كما أنَّ اليتامَى ليسوا: الذين ائتَمَنُوهُ على المال. فأمَرَ بالإشهادِ.وبهذا: فَرَقَ بيْنَه، وبيءنَ قولِه لمن ائتَمَنَه: قد دفَعتُه إليك؛ فيُقبَلُ: لأنه ائتَمَنَه..

وذَكَر (أيضاً) فى كتابِ الوَدِيعةِ - فى روايةِ الربيعِ -: بمعناه.

﴿ ٦