٥٩{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللّه وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللّه وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } ١) أصول فقه (حجية الكتاب والسنة) قال الشافعى رحمه اللّه: وفرض اللّه تعالى على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله صلى اللّه عليه وسلم، فقال فى كتابه: {رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ} . قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ ٱللّه عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} ، قال تعالى: {وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللّه وَٱلْحِكْـمَةِ} . وذكر غيرها من الآيات التى وردت فى معناها. قال: فذكر اللّه تعالى الكتاب، وهو القرآن؛ وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وهذا يشبه ما قال (واللّه أعلم) بأن القرى، ذكر وأتبعته الحكمة؛ وذكر اللّه (عز وجل) منته على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة. فلم يجز (واللّه أعلم) أن تعد الحكمة هاهنا إلا سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وذلك أنها مقرونة مع كتاب اللّه، وأن اللّه افترض طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وحتم على الناس اتباع أمره. فلا يجوز أن يقال لقول: فرض؛ إلا لكتاب اللّه، ثم سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، مبينة عن اللّه ما أراد دليلاً على خاصه وعامه؛ ثم قرن الحكمة بكتابه فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ثم ذكر الشافعى رحمه اللّه الآيات التى وردت فى فرض اللّه (عز وجل) طاعة رسوله صلى اللّه عليه وسلم. منها: قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللّه وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ} فقال بعض أهل العلم: أولو الأمر أمراء سرايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وهكذا أخبرنا واللّه أعلم، وهو يشبه ما قال واللّه أعلم -: أن من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة، وكانت تأنف أن تعطى بعضها بعضاً طاعة الإمارة؛ فلما دانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالطاعة، لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رَسولِ اللّه صلى اللّه عليه وَسلم؛ فأمروا أن يطيعوا أولى الأمر الذين أمرهم رسُولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لا طاعة مطلقة، بل طاعة يستثنى فيها لهم وعليهم. قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللّه} . يعنى إن اختلفتم فى شىء، وهذا إن شاء اللّه كما قال فى أولى الأمر.لأنه يقول: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} يعنى (واللّه أعلم) هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم. {فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللّه وَٱلرَّسُولِ} يعنى (واللّه أعلم) - إلى ما قال اللّه والرسول إن عرفتموه؛ وإن لم تعرفوه سألتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه إذا وصلتم إليه، أو من وصل إليه. لأن ذلك الفرض الذى لا منازعة لكم فيه: لقول اللّه عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللّه وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} . ومن تنازع ممن - بعد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - رد الأمر إلى قضاء اللّه؛ ثم إلى قضاء رسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضا نصا فيهما، ولا فى واحد منهما - ردوه قياساً على أحدهما. |
﴿ ٥٩ ﴾