٩٢

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىۤ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ ٱللّه وَكَانَ ٱللّه عَلِيماً حَكِيماً }

١) الجنايات (حرمة قتل المسلم)

٢) الجنايات (كفارته وديّته)

٣) الجنايات (متى لا تدفع دية المسلم)

٤) الجنايات (قتل الخطأ)

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، ثنا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ} .فأحْكَمَ اللّه (جل ثناؤه ) - فى تنزيل كتابه -: أنَّ علي قاتل المؤمنِ، دِيَةً مُسَلَّمَةً إلى أهله. وأبَانَ على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم): كَمْ الدِّيَةُ؟وكان نَقْلُ عَددٍ: من أهل العلم؛ عن عَددٍ لا تَنازُعَ بينهم -: أنَّ رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قَضَى فى دِيَةِ المسلمِ: مائةً من الإِبل. وكان هذا: أقْوَى مِن نَقْل الخاصَّةِ؛ وقد رُوىَ من طريق الخاصَّةِ وبه نأخذُ؛ ففى المسلم يُقْتَلُ خطأً: مائةٌ من الإبل..

قال الشافعى - فيما يَلزَمُ العِراقِيِّين فى قولهم فى الدِّية: إنها على أهل الوَرِقِ: عشْرة آلافِ درهمٍ. -: قد رُوى عن عِكْرِمَةَ عن النبى (صلى اللّه عليه وسلم): أنه قَضَى بالدِّيَة: اثنى عشَرَ ألفَ درهمٍ. وزَعم عِكْرِمَةُ: أنه نَزَل فيه: {وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللّه وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} ..

قال الشيخ: حديثُ عِكْرِمَةَ هذا: رواه ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عِكْرِمَةَ: مَرَّةً مُرْسَلاً، ومرةً مَوْصُولاً: بذكرِ ابن عباس فيه.ورواه محمد بن مُسْلِمٍ الطَّائِفىُّ، عن عمرو، عن عِكرِمةَ، عن ابن عباس: مَوْصُولاً.

وبهذا الإسناد،

قال:

قال الشافعى: أمَرَ اللّه (تبارك وتعالى) - فى المعَاهَد: يُقتَل خطأً. -: بدِيَةٍ مُسَلَّمَةٍ إلى أهله. ودَلَّتْ سنةُ رسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): على أن لا يُقتلَ مؤمنٌ بكافر؛ معَ ما فَرَق اللّه بين المؤمنينَ والكافرينَ.فلم يَجُزْ: أن يُحْكَمَ على قاتل الكافرِ، إلا:بدِيَةٍ؛ ولا: أن يُنْقَصَ منها، إلا: بخَبَرٍ لازِمٍ.وقَضي عمرُ بن الخطاب، وعثمانُ بن عفانَ (رضى اللّه عنهما) - فى دِيةَ اليهودىِّ، والنصرانىِّ-: بثُلُث دِيَةِ المسلم وقَضى عمرُ (رضى اللّه عنه) - فى دِيةِ المجُوسِيِّ -: بثمانِمَائةِ درهمٍ؛ وذلك ثُلُثا عُشْرِ دِيَةِ المسلمِ؛ لأنه كان يقولُ: تُقَوَّمُ الدّيَةُ: اثْنَىْ عَشْرَ ألفَ درهمٍ.ولم نعلَم أن أحداً قال فى دياتهم: بأقَلَّ من هذا. وقد قيل: إن دِيَاتِهِم أكثرُ من هذا. فألزَمْنا قاتلَ كلِّ واحدٍ -: من هؤلاء. -: الأقَلَّ مما اجتُمِعَ عليه..

وأطال الكلامَ فيه، وناقَضَهُم: بالمؤمنة الحرَّةِ، والجَنِينِ؛ وبالعبد -: وقد تكون قيمتُه: عشْرَةَ دراهم. -: يجبُ فى قتْل كل واحدٍ منهم: تحريرُ رقَبَةٍ مؤمنةٍ؛ ولم يُسَوَّ بينهم: فى الدّيَة.

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، أنا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه جل ثناؤه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} .

قال الشافعى: قوله: {مِن قَوْمٍ}؛ يعنى: فى قوم عدوٍّ لكم.

ثم ساق الكلامَ، إلى أن

قال: وفى التنزيل، كِفَايةٌ عن التأويل: لأن اللّه (جل ثناؤه) -: إذ حَكَم فى الآية الأولى، فى المؤمن يُقتَلُ خطا: بالدّية والكفارةِ؛ وحَكَم بمثل ذلك، فى الآية بعدَها: فى الذى بَيْنَنَا وبيْنه ميثاقٌ؛ وقال بيْن هذينِ الْحُكْمَيْن: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}؛ ولم يَذكرْ دِيَةً؛ ولم تَحتمل الآيةُ معنى، إلا أن يكونَ قوله: {مِن قَوْمٍ}؛ يعنى: فى قوم عَدُوٍّ لنا، دارُهم: دارُ حربٍ مباحةٌ؛ وكان من سنة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): إذا بَلَغَتْ الناسَ الدعوةُ، أنْ يُغِيرَ عليهم غارِّيينَ. -:كان فى ذلك، دليلٌ: على أن لا يُبيحَ الغارَةَ على دار: وفيها مَن له - إن قُتِل -: عَقْلٌ، أو قَوَدٌ. وكان هذا: حُكْمَ اللّه عز وجل.

قال: ولا يجوزُ أنْ يقالَ لرجل: من قوم عَدُوٍّ لكم؛ إلا: فى قوم عَدُوٍّ لنا. وذلك: أنّ عامَّةَ المهاجرينَ: كانوا من قُرَيْشٍ؛ وقُرَيْشٌ:عامةُ أهلِ مكةَ؛ وقُرَيْشٌ: عَدُوٌّ لنا. وكذلك: كانوا من طوائفِ العربِ والعَجَمِ؛ وقبائلُهم: أعداءٌ للمسلمينَ.فإن دخل مسلمٌ في دار حربٍ، ثم قَتَلَهُ مسلمٌ - فعليه: تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ؛ ولا عقْلَ له إذا قتله: وهو لا يَعرفُه بعينِه مُسْلِماً.. وأطال الكلامَ فى شرحه.

قال الشافعى فى كتاب البُوَيْطِىِّ: وكلُّ قاتِل عَمْدٍ -: عُفِى عنه، وأُخِذَتْ منه الدّيَةُ -: فعليه: الكفَّارةُ؛ لأن اللّه (عز وجل): إذ جَعَلها فى الخطإ: الذى وُضِع فيه الإثمُ؛ كان العمدُ أولى.والحجةُ فى ذلك: كتابُ اللّه (عز وجل): حيثُ قال فى الظِّهَارِ: {مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً} ؛ وجَعَل فيه كفارةً. ومن قوله: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ} ؛ ثم جَعَل فيه الكفارةَ..

وذَكَرَها (أيضاً) فى رواية المزَنِىِّ - دونَ العفو، وأخْذ الدّيَةِ.

* * *

قال: و

قال الشافعى (رحمه اللّه)، - فى قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً} . -: معناه: أنه ليس للمؤمنِ أنْ يَقتُلَ أخاه؛ إلاَّ: خَطأً..

الأحكام الواردة في سورة ( النساء )

﴿ ٩٢