١٠١{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } ١) الصلاة (قصرها وشروطه) (أنا) أبو سعيد، أنا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): التقصير لمن خرج غازيا خائفا: فى كتاب اللّه عزوجل. قال اللّه جلّ ثناؤه: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً} . قال: والقصرُ لمن خرج فى غير معصية: فى السنة. قال الشافعى: فأما من خرج: باغياً على مسلم، أو معاهَد؛ أو يقطعُ طريقا، أو يُفْسِدُ فى الأرض؛ أو العبدُ يخرح: آبقاً من سيده؛ أو الرجلُ: هاربا ليمنع دماً لزمه، أو مافى مثل هذا المعنى، أو غيره: من المعصية.-: فليس له أن يقصر؛ فإن قصر: أعاد كل صلاة صلاها. لأن القصر رُخصة؛ وإنما جعلت الرُّخصة لمن لم يكن عاصياً: ألا ترى إلى قول اللّه عزَّوجلَّ: {فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} .؟. قال: وهكذا: لا يمسح على الخفين، ولا يجمع الصلاة مسافر فى معصية. وهكذا: لا يصلِّى لغير القبلة نافلة؛ ولا تخفيف عمن كان سفره فى معصية اللّه عز وجل. قال الشافعى (رحمه اللّه): وأكره ترك القصر، وأنهى عنه: إذا كان رغبةً عن السنة فيه.. يعنى: لمن خرج فى غير معصية. (أنا) أبو عبد اللّه الحافظ، قال: وقال الحسين بن محمد - فيما أخبرتُ عنه -: أنا محمد بن سفيان، نا يونس بن عبدالأعلى، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه) - فى قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ}. - قال: نزل بعُسْفانَ: موضع بخيبر، فلما ثبت: أن رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لم يزل يقصر مَخْرَجَه من المدينة إلى مكة؛ كانت السنة فى التقصير. فلو أتمَّ رجلٌ متعمدٌ: من غير أن يُخَطِّىءَ مَنْ قصر؛ لم يكن عليه شيء. فأما إن أتمّ: متعمداً، منكراً للتقصير؛ فعليه إعادة الصلاة. وقرأتُ - فى رواية حرملة عن الشافعى -: يستحب للمسافر: أن يقبل صدقة اللّه ويقصر؛ فإن أتمَّ الصلاة -: عن غير رغبة عن قبول رخصة اللّه عزَّ وجلّ. -: فلا إعادة عليه؛ كما يكون - إذا صام في السفر -: لا إعادة عليه. وقد قال عزَّ وجلَّ: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} . وكما تكون الرخصة فى فدية الأذى: فقد قال اللّه تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الآية. فلو ترك الحلق والفدية، لم يكن عليه بأس: إذا لم يدعه رغبة عن رخصة.. (أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع ابن سليمان، أنا الشافعى (رحمه اللّه)، قال: قال اللّه عزوجل: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ} الآية. قال: فكان بيناً فى كتاب اللّه: أن قصر الصلاة - فى الضرب فى الأرض، والخوف - تخفيفٌ من اللّه (عزَّوجلَّ) عن خلقه؛ لا: أن فرضاً عليهم أن يقصروا. كما كان قوله: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} ؛ رخصة؛ لا:أن حتما عليهم أن يطلقوهن فى هذه الحالة. وكما كان قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } ؛ يريد (واللّه أعلم): أن تتجرُوا فى الحج؛ لا: أن حتما أن تتجرُوا. وكما كان قوله: ليس عليكم جناحُ: {أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ} ؛ لا: أن حتما عليهم أن يأكلوا من بيوتهم، ولا بيوت غيرهم. وكما كان قوله: {وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ} ؛ فلو لبسن ثيابهن ولم يضعنها: ما أَثِمْنَ. وقولُ اللّه عزَّ وجلّ:{لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ}؛ ي قال: نزلت: (ليس عليهم حرج بترك الغزو؛ ولو غَزَوْا مَا حَرِجُوا).. الأحكام الواردة في سورة ( النساء ) |
﴿ ١٠١ ﴾