١٤٥

{ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }

١) النفاق (حكمه وعقوبته)

٢) النفاق

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى (رحمه اللّه)،

قال: قال اللّه عزوجل: {إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللّه وَٱللّه يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللّه يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}؛ إلى قوله: {فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} .فبَيِّنٌ فى كتاب اللّه (عز وجل): أن اللّه أخبر عن المنافقين: أنهم اتَّخَذَوا أيْمانَهم جُنَّةَ؛ يعنى(واللّه أعلم): من القتلِ.ثم أخبَرَ بالوَجه: الذى اتَّخَذوا به أيْمانَهم جُنَّةً؛ ف

قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا}: بعدَ الإيمانِ، كفراً: إذا سُئلوا عنه: أنكروه، وأظهروا الإيمانَ وأقرُّوا به؛ وأظهروا التوبةَ منه: وهم مُقيمونَ - فيما بيْنهم وبيْن اللّه تعالى - على الكفر.وقال جل ثناؤه: {يَحْلِفُونَ بِٱللّه مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} ؛ فأخبَرَ: بكفرهم، وجَحْدِهم الكفرَ، وكذِبِ سرَائرِهم: بجَحْدِهم.وذكَرَ كفرَهم فى غيرِ آيةٍ، وسمَّاهم: بالنفاق؛ إذ أظهروا الإيمانَ: وكانوا على غيره.

قال: {إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً}  .

- فأخبر اللّه (عز وجل) عن المنافقين -: بالكفر؛ وحَكَمَ فيهم -: بعلمه: من أسرار خلْقِه؛ مالا يعلمُه غيره. -: بأنهم فى الدَّرْكِ الأسفلِ: من النار؛ وأنهم كاذبونَ: بأيْمانهم. وحَكَمَ فيهم جلّ ثناؤه - فى الدنيا -: أن ما أظهروا: من الإيمان -: وإن كانوا به كاذبين. -: لهم جُنَّةٌ من القتل: وهم الْمُسِرُّونَ الكفرَ، المظهرونَ الإيمانَ.وبَيَّنَ على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم): مِثْلَ ما أنزَل اللّه(عز وجل) فى كتابه.. وأطال الكلامَ فيه.

قال الشافعي: وأخبر اللّه (عز وجل) عن قوم: من الأعراب؛ ف

قال: {قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} . فأعلَم: أنْ لم يَدخلْ الإيمانُ فى قلوبهم، وأنهم أظهروه، وحَقَن به دماءَهم..

قال الشافعى: قال مجاهدٌ - فى قوله: (أَسْلَمْنَا). -: أسلمنا: مخافةَ القتلِ والسَّبْىِ.

قال الشافعى: ثم أخبَر: أنه يَجزيهم: إنْ أطاعوا اللّه ورسولَه؛ يعنى: إنْ أحْدَثوا طاعةَ اللّه ورسولِه..

قال الشافعى: والأعرابُ لا يَدِينُونَ دِيناً: يَظهرُ؛ بل: يُظهِرُونَ الإسلامَ، ويَسْتَخْفُونَ: الشِّركَ والتَّعْطِيلَ. قال اللّه عز وجل:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللّه وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ} ..

وقال - فى قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ} . -: فأما أمْرُه: أن لا يُصَلِّىَ عليهم؛: فإن صلاته - بأبى هو وأمي صلى اللّه عليه وسلم -: مخالِفَةٌ صلاةَ غيرِه؛ وأرجو: أن يكونَ قَضَى -: إذ أمَرَه بتركِ الصلاةِ على المنافقينَ. -: أن لا يُصَلِّىَ على أحد إلا غَفَرَ له؛ وقَضَى: أن لا يَغفِرَ لمقيمٍ على شِرْكٍ. فنهاه: عن الصلاة على مَن لا يَغفِرُ له..

قال الشافعى: ولم يَمنعْ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - من الصلاة عليهم -: مُسْلما؛ ولم يَقتلْ منهم - بعد هذا - أحداً..

قال الشافعى - فى غير هذا الموضع -: وقد قيل - فى قول اللّه عز وجل: {وَٱللّه يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} . -: ماهم بِمُخْلِصِينَ..

﴿ ١٤٥