٤٢

{ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ }

١) القضاء

٢) القضاء (بين غير المسلمين)

٣) الجهاد

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه (تبارك وتعالى) لنبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أهلِ الكتابِ: {فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ} .

قال الشافعى: فى هذه الآيةِ، بيانٌ (واللّه أعلم): أنَّ اللّه (عز وجل) جَعَل لنبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم) الخِيَارَ: فى أن يَحكُمَ بيْنهم، أو يُعْرِضَ عنهم. وجَعَل عليه -: إنْ حَكَمَ. -: أنْ يحْكُمَ بيْنهم بالقِسْطِ.

والقِسْطُ: حُكْمُ اللّه الذي أُنْزِلَ على نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): المَحْضُ الصادقُ، أحدَثُ الأخبارِ عهداً باللّه (عز وجل). قال اللّه عز وجل: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ} الآية: .

قال: وفى هذه الآيةِ، ما فى التى قبلَها: من أمْرِ اللّه (عز وجل) له، بالحكمِ: بما أنزَل اللّه إليه

قال: وسمعتُ مَن أرْضَى -: من أهلِ العلمِ. - يقولُ فى قولِ اللّه عز وجل: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه}: إنْ حَكَمْتَ؛ لا:عَزْماً أنْ تَحْكُمَ.

ثم ساق الكلامَ، إلى أنْ

قال: أنا إبراهيم بن سعدٍ، عن ابن شِهابٍ، عن عُبَيْد اللّه بن عبداللّه بن عُتْبةَ، عن ابن عباس - أنه

قال: كيفَ تسألون أهلَ الكتابِ عن شىءٍ: وكتابُكم الذي أنزَل اللّه على نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): أحدَثُ الأخبارِ، تَقرَءُونَه مَحْضاً: لم يُشَبْ.؟! ألمْ يُخْبِرْكم اللّه فى كتابه: أنهم حَرَّفُوا كتابَ اللّه (عز وجل) وبَدّلُوا، وكتَبُوا كتاباً بأيديهم، فقالوا: {هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللّه لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} .؟! ألاَ يَنْهاكم العِلمُ الذى جاءكم، عن مَسألتِهم؟! واللّه: ما رأيْنا رجلا منهم قَطُّ: يَسألُكم عما أنزَل اللّه إليكم..

هذا: قوله فى كتابِ الْحُدودِ؛ وبمعناه: أجاب فى كتابِ القضاءِ باليمينِ مع الشاهدِ؛ وقال فيه:فسمعتُ مَن أرْضَى عِلمَه، يقول: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ}: إنْ حَكَمْتَ؛ على معنى قولِه: {فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}. فتلك: مفسِّرةٌ؛ وهذه: جُملةٌ.وفى قوله عز وجل: {فَإِن تَوَلَّوْاْ} ؛ دَلالةٌ: على أنهم إنْ تولَّوْا: لم يكنْ عليه الحكمُ بيْنهم. ولو كان قولُ اللّه عز وجل: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه}؛ إلْزاماً منه للحُكمِ بيْنهم -: ألزمهم الْحُكمَ: مُتَوَلِّينَ. لأنهم إنما يَتَوَلّوْنَ: بعدَ الإتْيانِ؛ فأمَّا: ما لم يأتُوا؛ فلا يُقالُ لهم: تَوَلَّوْا.

وقد أخبرَنا أبو سعيد - فى كتاب الجِزْيةِ -: نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: لم أعلمْ مخالفاً -: من أهلِ العِلم بالسِّيَرِ. -: أنَّ رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لمَّا نَزَل المدينةَ: وادَعَ يَهودَ كافَّةً على غير جِزْيةٍ؛ و أنَّ قولَ اللّه (عزوجل): {فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}؛ إنما نَزَلَتْ: فى اليهودِ الْمُوَادِعِينَ:الذين لم يُعطُوا جِزْيةً، ولم يُقِرُّوا: بأنْ تَجرِىَ عليهم وقال بعضهم: نَزَلَتْ فى اليهودِيَّيْنِ الَّذَيْنِ زَنَيَا.

قال: والذى قالوا، يُشْبِهُ ما قالوا؛ لقول اللّه عز وجل: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللّه} ؛

قال: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه}؛ يعنى (واللّه أعلم): فإن تَوَلَّوْا عن حُكمِك بغير رضاهم. فهذا يُشْبِهُ: أنْ يكونَ ممَّن أتاك: غيرَ مَقْهورٍ على الحُكم.والذين حاكَمُوا إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى امرأة منهم ورجلٍ: زَنَيا. -: مُوَادِعُونَ؛ فكان فى التوراة: الرَّجْمُ؛ ورَجَوْا: أن لا يكونَ مِن حُكمِ رسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). فجاؤا بهما: فرَجَمهما رسولُ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم).. وذَكَر فيه حديثَ ابن عمرَ.

قال الشافعى: فإذا وادَعَ الإمامُ قوماً -: من أهلِ الشركِ. ولم يشترطْ: أنْ يَجْرِىَ عليهم الحُكمُ؛ ثم جاءوه مُتَحاكِمينَ -: فهو بالخيارِ: بيْنَ أنْ يَحكمَ بيْنهم، أو يَدَعَ الحُكمَ. فإن اختار أنْ يَحكمَ بيْنهم: حكَم بيْنهم حُكمَه بيْن المسلمين. فإن امتَنَعُوا -بعدَ رضاهم بحُكمِه - حارَبَهم.

قال: و ليس للإِمام الخِيارُ فى أحد -: من المُعاهَدِينَ: الذين يجرِى عليهم الحكمُ. -: إذا جاءوه فى حَدٍّ للّه (عز وجل). وعليه:أنْ يُقيمَه.

قال: وإذا أبَى بعضُهم على بعضٍ، ما فيه له حَقٌّ عليه؛ فأتَى طالبُ الحقِّ إلى الإمامِ، يَطلُبُ حقَّه -: فَحقٌّ لازمٌ للإِمامِ (واللّه أعلم): أنْ يَحكمَ له على مَنْ كان له عليه حَقٌّ: منهم؛ وإن لم يأتِه المطلوبُ: راضياً بحُكمهِ؛ وكذلك: إنْ أظهرَ السخَطَ لحُكمِه.لما وَصَفْتُ: من قول اللّه عزوجل: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} . فكان الصَّغَارُ (واللّه أعلم): أنْ يَجرِىَ عليهم حُكمُ الإسلامِ.. وبسَط الكلامَ فى التَّفريعِط

وكأنه وَقَف - حينَ صَنَّفَ كتابَ الجِزْيةِ -: أنَّ ايةَ الخِيار ورَدَتْ فى المُوَادِعينَ؛ فرَجَع عما قال - فى كتاب الْحُدُودِ - فى المُعَاهَدِينَ: فأوْجَبَ الحُكمَ بينهم بما أنزَل اللّه (عز وجل). إذا ترافَعُوا إلينا

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه (قراءةً عليه): نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه جل ثناؤه: {يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ} ؛ وقال فى أهلِ الكتابِ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ} ؛ وقال لنبيِّه صلى اللّه عليه وسلم: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ}؛ الآيةَ: ؛

قال: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ} .قال الشافعي: فأعلَمَ اللّه نبيَّه (صلى اللّه عليه وسلم): أنّ فرْضاً عليه، وعلى مَن قَبْلَه، والناسِ -: إذا حَكَموا. -: أنْ يَحكُمُوا بالعَدلِ؛ والعَدلُ: اتِّباعُ حُكمِه الْمُنْزَلِ..

(أنا) أبو سعيد بنُ أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى - فى قوله عز وجل: {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ} . -: يَحْتَمِلُ: تسَاهُلَهُم فى أحكامِهِم؛ ويَحتمِلُ: ما يَهْوَوْنَ. وأيُّهما كان فقد نُهِىَ عنه؛ وأُمِرَ: أنْ يُحكَمَ بيْنهم: بما أنزل اللّه على نبيِّه صلى اللّه عليه وسلم..

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى. قال اللّه جل ثناؤه: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ *فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} .

قال الشافعى: قال الحسنُ بنُ أبى الحسنِ: لوْلاَ هذه الآيةُ، لرأيْتُ: أنَّ الحُكَّامَ قد هلَكوا؛ ولكنَّ اللّه (تعالى): حَمِدَ هذا: بصَوَابِه؛ وأثنَى على هذا: باجتهادِه..

وبهذا الإسنادِ،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه جل ثناؤه: {أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} ؛ فلم يَختلِفْ أهلُ العلمِ بالقرآنِ - فيما علِمتُ -: أنَّ(السُّدَى) هو: الذى لا يُؤْمَرُ، ولا يُنْهَى.

﴿ ٤٢