سورة الانفال

١

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للّه وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللّه وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللّه وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

١) الجهاد (الغنائم)

٢) الغنائم

٣) المغازي

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، وأبو سعيد بن أبى عمرو؛ قالا: نا أبو العباس (هو: الأصمُّ)، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه عزوجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للّه وَٱلرَّسُولِ} إلى: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ؛ فكانت غنائمُ بَدْرٍ، لرسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم): يَضَعُها حيثُ شاء.وإنما نزلتْ: {وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ} ؛ بعدَ بدْرٍ.وقسَمَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كلَّ غنيمةٍ بعدَ بدْرٍ - على ما وصفْتُ لك: يَرْفَعُ خُمُسَها، ثم يَقْسِمُ أربعةَ أخماسِها:وافِراً؛ على مَن حضَر الحربَ: من المسلمينَ.إلا: السَّلَبَ؛ فإنه سُنّ: للقاتل فى الإقبال. فكان السلَبُ خارجاً منه. وإلا: الصَّفِىَّ؛ فإنه قد اختُلِفَ فيه: فقيل: كان رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يأخذُه: خارجاً من الغنيمة. وقيل: كان يأخذُه: من سَهْمه من الخُمُس.وإلا: البالِغينَ من السَّبْىِ؛ فإن رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سَنَّ فيهم سُنَناً: فقَتَل بعضَهم، وفادَى ببعضهم أسْرَي المسلمينَ.

قال الشافعى: فأمَّا وَقْعةُ عبدِاللّه بن جَحْش، وابنِ الحَضْرَمِى -: فذلك: قبْلَ بدرٍ، وقبلَ نزولِ الآيةِ (يعنى فى الغنيمة). وكانتْ وقْعتُهم: فى آخر يومٍ من الشهرِ الحرامِ؛ فتوَقَّفُوا فيما صنعوا: حتى نزلتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية: ..

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ،

قال: وقال الحسن بن محمدٍ - فيما أُخبِرْتُ عنه، وقرأتُه فى كتابِه -: أنا محمد بن سُفيانَ، نا يونُسُ بن عبد الأعْلَى،

قال: وقال لى الشافعى: ما بعْدَ عِشرينَ ومِائةٍ -: من آلِ عِمرانَ. - نزَلتْ فى أُحِدٍ: فى أمرِها؛ وسُورةُ الأنْفالِ نزَلتْ: فى بَدْرٍ؛ وسُورةُ الأحْزابِ نزَلتْ: فى الْخَنْدَقِ، وهى: الأحْزابُ؛ وسُورةُ الْحَشْرِ نزَلتْ: فى النَّضِيرِ.

* * *

قال: وقال الشافعى: إنَّ غَنائمَ بَدْرٍ لم تُخَمَّسْ الْبَتَّةَ؛ وإنَّما نزَلتْ آيةُ الخُمْسِ: بعدَ رُجوعِهم من بَدْرٍ، وقَسْمِ الغَنائمِ..

١٥-١٦

{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

١) الجهاد (حكم الفرار من المعركة)

قال الشافعى: قال اللّه تعالى: {يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللّه} ..

قال الشافعى (رحمه اللّه): فإذا فَرَّ الواحدُ من اثنين فأقَلَّ: مُتَحَرِّفا لقتال يميناً، وشِمَالاً، ومُدبراً: ونيَّتُه العَوْدةُ للقتال؛ أو:مُتَحَيِّزاً إلى فئةٍ: من المسلمين: قلَّتْ أو كَثُرتْ، كانت بحضرته أو مَبِينةً عنه -: فسواءٌ؛ إنما يصيرُ الأمرُ فى ذلك إلى نيَّةِ المتحرف، أو المتحيز: فإن كان اللّه (عز وجل) يَعلمُ: أنه إنما تَحَرَّفَ: ليعودَ للقتال، أو تَحَيَّزَ لذلك -: فهو الذى استَثْنَى اللّه (عز وجل): فأخرَجَه من سَخَطِه فى التَّحَرُّفِ والتَّحَيُّزِ.وإن كان لغير هذا المعنى: فقد خِفْتُ عليه أنْ يكونَ قد باءَ بسَخَطٍ من اللّه؛ إلا أنْ يعفُوَ اللّه عنه..

قال: وإن كان المشركون أكثرَ من ضعفِهِم: لم أُحِبَّ لهم: أنْ يُوَلُّوا عنهم؛ ولا يَسْتَوْجِبُون السَّخَطَ عندى، من اللّه (عز وجل): لو وَلَّوْا عنهم على غير التَّحَرُّفِ للقتال، أو التحيز إلى فئةٍ. لأنا بَيَّنا: أنَّ اللّه (جل ثناؤه) إنما يوجِبُ سَخَطَه على مَن ترَك فَرْضَه؛ و: أنَّ فرْضَ اللّه فى الجهاد، إنما هو: على أنْ يُجاهِدَ المسلمون ضِعفَهم من العدُوِّ.

٣٨

{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ }

١) الجهاد (أحكام إسلام الحربي)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، أنا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى - فى الحَربيِّ: إذا أسلمَ: وكان قد نال مسلماً، أو مُعاهَداً، أو مُسْتَأْمَناً: بقتلٍ، أو جَرحٍ، أو مالٍ. -: لم يَضْمَنْ منه شيئاً؛ إلا: أنْ يوجَدَ عنده مالُ رجلٍ بِعَيْنِه

واحتَجَّ: بقول اللّه عزوجل: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} ؛

قال الشافعى: وما سلفَ: ما تَقَضّى وذهبَ.

قال: {ٱتَّقُواْ ٱللّه وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَا} ؛ ولم يأمرْهم: بردِّ ما مَضَى: منه.. وبَسَطَ الكلامَ فيه.

قال الشافعى فى موضع آخرَ (بهذا الإسناد) - فى هذه الآية -: ووَضَعَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - بحُكْمِ اللّه -:كلَّ رِباً: أدركَه الإسلام، ولم يُقبَضْ. ولم يأمُرْ أحداً -: قَبَض رباً فى الجاهليَّةِ. -: أن يَردَّه..

٣٩

{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّه بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

١) الجهاد (الجزية)

٢) الجهاد (هدفه)

٣) الجهاد

(أنا) أبو سعيد محمدُ بن موسى، نا أبو العباس الأصَمُّ، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه جل ثناؤه: {هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ} .

قال الشافعى: فقد أظهر اللّه (جل ثناؤه) دينَه -: الذى بَعث به رسولَه صلى اللّه عليه وسلم - على الأدْيانِ: بأنْ أبَانَ لكل مَن سمِعه: أنه الحقُّ؛ وما خالفه -: من الأدْيانِ. -: باطلٌ.وأظهرَه: بأنَّ جِماعَ الشِّركِ دِينانِ: دِينُ أهلِ الكتابِ، ودِينُ الأمِّيِّينَ. فقَهرَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الأمِّيِّينَ: حتى دانُوا بالإسلامِ طَوْعاً وكَرْهاً؛ وقَتَل مِن أهلِ الكتابِ، وسَبَى: حتى دانَ بعضُهم بالإسلامِ، وأعطى بعضٌ الجزْيةَ: صاغِرِينَ؛ وجَرَى عليهم حُكمُه (صلى اللّه عليه وسلم). وهذا: ظهورُ الدِّين كلِّه.

قال الشافعى: وقد ي

قالُ: لَيُظْهِرَنَّ اللّه دِينَه، على الأدْيانِ: حتى لا يُدانَ اللّه إلا به. وذلك: مَتَى شاء اللّه عزوجل.

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، أنا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه عزوجل: {فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} ؛ وقال جل ثناؤه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه} ..

قال فى موضع آخَرَ: فقيل فيه: (فِتْنَةٌ): شِركٌ؛ {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ}: واحداً {للّه} ..

وذَكَر حديثَ أبى هريْرَةَ، عن النبى (صلى اللّه عليه وسلم): لا أزالُ أقاتِلُ الناسَ، حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللّه..

قال الشافعى: وقال اللّه تعالى: {قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللّه وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللّه وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ..

وذَكَر حديثَ بُرَيْدَةَ عن النبى (صلى اللّه عليه وسلم): فى الدُّعاءِ إلى الإسلامِ؛ وقولَه: فإن لم يُجِيبُوا إلى الإسلامِ: فادْعُهُمْ إلى أنْ يُعطوا الجزْيةَ؛ فإن فعلوا: فاقْبَلْ منهم ودَعْهُم؛ وإن أبَوْا: فاسْتَعِنْ باللّه وقاتِلْهم..

ثم

قال: وليستْ واحدةٌ -: من الآيتَيْنِ. -: ناسِخة للأُخرى؛ ولا واحدٌ -: من الحديثيْنِ. -: ناسخاً للآخَرِ، ولا مُخالفاً له. ولكن إحدى الآيتَيْنِ والحديثَيْنِ: من الكلام الذى مَخْرَجُه عامٌّ: يُرادُ به الخاصُّ؛ ومن الجُمَل التى يَدُلُّ عليها المفَسِّرُ.فأمْرُ اللّه (تعالى):بقتالِ المشركينَ حتى يؤمنوا؛ (واللّه أعلم): أمْرُه بقتالِ المشركينَ: من أهل الأوثانِ. وكذلك حديثُ أبى هريْرَة: فى المشركينَ من أهل الأوثان؛ دونَ أهلِ الكتاب. وفَرْضُ اللّه: قتالَ أهلِ الكتابِ حتى يُعطُوا الجزْيَة عن يدٍ وهم صاغِرُونَ -: إن لم يؤمنوا. - وكذلك حديثُ بُرَيْدَةَ: فى أهل الأوثانِ خاصَّةًفالفرْضُ فيمن دَانَ وآباؤه دِينَ أهلِ الأوْثانِ -: من المشرَكينَ. -: أنْ يقاتَلُوا: إذ قُدِرَ عليهم؛ حتى يُسلِموا. ولا يَحِلُّ: أنْ يُقبَلَ منهم جِزْيةٌ؛ بكتابِ اللّه، وسنةِ نبيِّه.

والفرضُ فى أهلِ الكتابِ، ومَن دَانَ قبلَ نزولِ القرآن كلِّه دِينَهُم -: أنْ يُقاتَلُوا حتى يُعطُوا الجِزيةَ، أو يُسلِموا. وسواءٌ كانوا عَرباً، أو عَجَماً..

قال الشافعى: وللّه (عز وجل) كُتُبٌ: نزلتْ قبلَ نزولِ القرآنِ؛ المعروفُ منها - عند العامَّةِ -: التَّوْراةُ والإنْجيلُ. وقد أخبرَ اللّه(عز وجل): أنه أنزَل غيرَهما؛ ف

قال: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ} . وليس يعرَفُ تِلاوَةُ كتابِ إبراهيمَ. وذَكَر زَبُورَ داوُدَ؛ ف

قال: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ} .

قال: والمَجُوسُ: أهلُ كتابٍ: غيرِ التَّوْراةِ والإنجِيلِ؛ وقد نَسُوا كتابَهم وبَدّلُوه. وأذِنَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): فى أخْذِ الجِزْيةِ منهم..

قال الشافعى: ودانَ قومٌ -: من العرب. - دينَ أهل الكتابِ، قبلَ نزولِ القرآنِ: فأخَذَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من بعضهم، الجِزْيةَ؛ وسَمَّى منهم - فى موضع آخَرَ -: أُكَيْدِرَ دُومَةَ؛ وهو رجلٌ ي

قال: من غَسَّانَ أو كِنْدَةَ..

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: حَكَم اللّه (عز وجل) فى المشركينَ، حُكْمَيْنِ. فَحكَم: أنْ يُقاتَلَ أهلُ الأوْثانِ: حتى يُسلِموا؛ وأهلُ الكتابِ: حتى يُعطُوا الجِزْيةَ:إن لم يُسلِموا.وأحَلَّ اللّه نساءَ أهلِ الكتابِ، وطعامَهم. فقيل: طعامُهم: ذبائحُهُمفاحْتَمَلَ: كلَّ أهلِ الكتابِ، وكلَّ مَن دَان دِينَهم.واحْتَمَلَ:أنْ يكونَ أراد بعضَهم، دونَ بعضٍ.وكانتْ دَلالَةُ ما يُروَى عن النبىِّ (صلى اللّه عليه وسلم)، ثم ما لا أعلمُ فيه مُخالفاً -: أنه أراد:أهلَ التَّوراةِ والإنجيلِ -: من بنى إسْرائيلَ. - دونَ المجُوسِ.وبسَطَ الكلامَ فيه، وفَرَقَ بيْن بنى إسْرائيلَ؛ ومَن دَانَ دِينَهم قبلَ الإسلامِ -:من غيرِ بنى إسْرائيلَ. -: بما ذَكَر اللّه (عز وجل) -: من نِعمتِه على بنى إسْرائيلَ. - فى غيرِ موضعٍ من كتابِه؛ وما آتاهم دونَ غيرِهم من أهلِ دَهرِهم.فَمن دَانَ دِينَهم -: من غيرِهم. - قبلَ نزولِ القرآن: لم يكونوا أهلَ كتاب؛ إلا: لمعنى؛ لا: أهلَ كتابٍ مطْلَقٍ.فتُؤخَذُ منهم الجِزْيةُ، ولا تُنكَحُ نساؤهم، ولا تُؤكَلُ ذبائحُهُم: كالمجُوسِ. لأن اللّه (عز وجل) إنما أحَلَّ لنا ذلك: من أهلِ الكتابِ الذين عليهم نَزَل.وذَكَر الرَّوايةَ فيه، عن عمرَ وعلىٍّ رضى اللّه عنهما.

قال الشافعى: والذى عن ابن عباس: فى إحْلالِ ذبائحِهم؛ وأنه تلا: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}  -: فهو لو ثَبَت عن ابن عباسٍ: كان المذهبُ إلى قولِ عمرَ وعلىٍّ (رضى اللّه عنهما): أوْلى؛ ومعه المعقولُ. فأما: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ فمعناها: على غيرِ حُكْمِهم..

قال الشافعى: وإن كان الصَّابِئُونَ والسَّامِرَةُ: من بنى إسْرائيل، ودَانُوا دِينَ اليهودِ والنصارَى -: نُكِحَتْ نساؤهم، وأُكِلَتْ ذبائحُهُم:وإن خالفُوهم فى فرعٍ من دِينِهم. لأنهم فُروعٌ قد يَختلِفونَ بيْنَهموإن خالفُوهم فى أصلِ الدَّيْنُونَةِ: لم تُؤكَلْ ذبائحُهُم، ولم تُنْكَحْ نساؤهُم..

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه تبارك وتعالى: {حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ؛ فلم يأذَنْ (عز وجل): فى أنْ تُؤخَذَ الجِزْيةُ ممَّن أمَرَ بأخذها منه، حتى يُعطِيَها عن يدٍ: صاغِراً.

قال: وسمعتُ رجالاً -: من أهل العلم. - يقولون: الصَّغَارُ: أن يَجْرِىَ عليهم حكمُ الإسلام. وما أشْبَهَ ما قالوا، بما قالوا -:لامتناعِهِمْ من الإسلام؛ فإذا جَرَى عليهم حُكمُه: فقد أُصْغِرُوا بما يَجرِى عليهم منه..

قال الشافعى: وكان بَيِّناً فى الآيةِ (واللّه أعلم): أن الذين فُرِض قتالُهم حتى يُعطُوا الجِزْيةَ -: الذين قامتْ عليهم الحُجَّةُ بالبُلوغِ: فتَرَكوا دِينَ اللّه (عز وجل)، وأقاموا على ما وجَدُوا عليه آباءهم: من أهلِ الكتابِ.وكان بَيِّناً: أنَّ اللّه (عز وجل) أمَر بقتالهم عليها: الذين فيهم القتالُ؛ وهم: الرجالُ البالغُونَ. ثم أبَانَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مِثلَ معنى كتابِ اللّه (عز وجل): فأخَذ الجزْيةَ من المُحْتَلِمِينَ، دُون من دُونَهم، ودُونَ النساءِ.. وبسَطَ الكلامَ فيه.

٤١

{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللّه وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللّه عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

١) الغنائم والفيء (قسمتها ومصارفها)

٢) الجهاد (الغنائم)

٣) الغنائممَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِى قَسْمِ الْفَيْءِوَالْغَنِيمَةِ، وَالصَّدَقَاتٍ

(أنبأنى أبو عبداللّه الحافظ (إجازةً): أن أبا العباس حدثهم: أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه عزّوجلّ: {وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ} ؛

قال: {وَمَآ أَفَآءَ ٱللّه عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} ؛ إلى قوله تعالى: {مَّآ أَفَآءَ ٱللّه عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَللّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ} .

قال الشافعى: فالفَىْءُ والغنيمةُ يجتمعان: فى أن فيهما معا الخُمسَ من جميعهما، لمن سماه اللّه له. ومن سماه اللّه له - فى الآيتين معاً - سواءٌ مُجْتمِعِين غيرَ مُفْترقِين.ثم يَفْترِق الحكم فى الأربعة الأخماس: بما بيَّن اللّه (تبارك وتعالى) على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم)، وفى فعله.فإنه قَسَم أربعةَ أخماسِ الغنيمة - والغنيمةُ هى: المُوجَفُ عليها بالخيل والركاب. -: لمن حَضر: من غنى وفقير.والفىء هو: ما لم يُوجَفْ عليه بخيل ولا ركاب. فكانت سنةُ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - فى قُرَى: عُرَينةَ؛ التى أفاءها اللّه عليه. -: أنَّ أربعة أخماسها لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خاصةً - دون المسلمين -: يضعه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): حيث أراه اللّه تعالى..

وذكر الشافعى ههنا حديثَ عمرَ بن الخطاب (رضى اللّه عنه): أنه قال حيث اختَصَم إليه العباس وعلى (رضى اللّه عنهما) فى أموال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم: كانت أموال بنى النَّضِير: مما أفاء اللّه على رسوله: مما لم يُوجِفْ عليه المسلمون بخيل ولا ركابٍ. فكانت لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) خالصا، دون المسلمين. وكان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): يُنفق منها على أهله نفقةَ سنةٍ؛ فما فَضَل جعلَه فى الكُرَاع والسلاح: عُدَّةً فى سبيل اللّه.

قال الشافعى (رحمه اللّه): هذا: كلامٌ عربىٌّ؛ إنما يَعنى عمر (رضى اللّه عنه) - بقوله: لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)خالصاً. - ما كان يكون للمسلمين الموجِفِينَ؛ وذلك: أربعة أخماس.

فاستدللتُ بخبر عمر: على أن الكل ليس لأهل الخُمس: مما أُوجِف عليه.واستدللتُ: بقول اللّه (تبارك وتعالى) فى الحشر:{فَللّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ}؛ على: أن لهم الخُمسَ؛ فإن الخُمسَ إذا كان لهم، فلا يُشك: أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سلَّمه لهم.واستدللنا -: إذ كان حكمُ اللّه فى الأنفال: {وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ}؛ فاتفق الحكمان، فى سورة الحشر وسورة الأنفال، لقوم موصوفين. -: أن مالهم من ذلك: الخُمس؛ لا غيرُه.. وبسط الكلام فى شرحه

قال الشافعى: ووجدتُ اللّه (عز وجل) حكم فى الخُمس: بأنه على خمسة؛ لأن قول اللّه عز وجل: (للّه)؛ مفتاحُ كلام: للّه كلُّ شىء، وله الأمرُ من قبلُ، ومن بعدُ..

قال الشافعى: وقد مضى من كان يُنفِق عليه رسُول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): من أزواجه، وغيرهِن لو كان معهن.فلم أعلم:أن أحدا -: من أهل العلم. -

قال: لورثتهم تلك النفقةُ: التى كانت لهم؛ ولا خالف: فى أن تُجعل تلك النفقاتُ: حيث كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، يجعل فُضولَ غَلاَّت تلك الأموال -: مما فيه صلاحُ الإسلام وأهلِه.. وبسط الكلام فيه.

قال الشافعى (رحمه اللّه): ويُقْسم سهمُ ذى القربى على بنى هاشم وبنى المطلب..

واستدل: بحديث جُبَيْر بن مطعم -: فى قسمة رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، سهمَ ذى القربى، بين بنى هاشم وبنى المطلب. - وقولِه: إنما بَنُو هاشم وبَنُو المطَّلب: شىء واحدٌ. . وهو مذكور بشواهده، فى موضعه من كتاب المبسوط، والمعرفة، والسنن.

قال الشافعى: كلُّ ما حصلَ -: مما غُنم من أهل دار الحرب. -: قُسِم كله؛ إلا الرجالَ البالغين: فالإمام فيهم، بالخيار: بين أن يَمُنّ على من رأى منهم أو يقتلَ، أو يُفادى، أو يَسبىَ.وسبيلُ ما سبى، وما أخذ مما فادى -: سبيلُ ما سواه: من الغنيمة..

واحتجَّ - فى القديم -: بقول اللّه عز وجل: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} ؛ وذلك - فى بيان اللغة -: قبلَ انقطاع الحرب.

قال: وكذلك فَعَل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أسارى بدر: مَنَّ عليهم، وفدَاهم: والحربُ بينه وبين قريش قائمة.وعَرَض على ثُمَامةَ ابن أُثالٍ الحنفى -: وهو (يومئذ) وقومُه: أهلُ اليمَامة؛ حربٌ لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم). -: أن يَمُنَّ عليه.. وبسط الكلام فيه.

* * *

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، وأبو سعيد بن أبى عمرو؛ قالا: نا أبو العباس (هو: الأصمُّ)، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه عزوجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للّه وَٱلرَّسُولِ} إلى: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ؛ فكانت غنائمُ بَدْرٍ، لرسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم): يَضَعُها حيثُ شاء.وإنما نزلتْ: {وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ} ؛ بعدَ بدْرٍ.وقسَمَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كلَّ غنيمةٍ بعدَ بدْرٍ - على ما وصفْتُ لك: يَرْفَعُ خُمُسَها، ثم يَقْسِمُ أربعةَ أخماسِها:وافِراً؛ على مَن حضَر الحربَ: من المسلمينَ.إلا: السَّلَبَ؛ فإنه سُنّ: للقاتل فى الإقبال. فكان السلَبُ خارجاً منه. وإلا: الصَّفِىَّ؛ فإنه قد اختُلِفَ فيه: فقيل: كان رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يأخذُه: خارجاً من الغنيمة. وقيل: كان يأخذُه: من سَهْمه من الخُمُس.وإلا: البالِغينَ من السَّبْىِ؛ فإن رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سَنَّ فيهم سُنَناً: فقَتَل بعضَهم، وفادَى ببعضهم أسْرَي المسلمينَ.

قال الشافعى: فأمَّا وَقْعةُ عبدِ اللّه بن جَحْش، وابنِ الحَضْرَمِى -: فذلك: قبْلَ بدرٍ، وقبلَ نزولِ الآيةِ (يعنى فى الغنيمة).وكانتْ وقْعتُهم: فى آخر يومٍ من الشهرِ الحرامِ؛ فتوَقَّفُوا فيما صنعوا: حتى نزلتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية: ..

٥٨

{ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللّه لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ }

١) الجهاد (أحكام المعاهدات)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظُ، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه عزوجل: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللّه لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ}. نَزلتْ فى أهلِ هُدْنَةٍ:بَلَغ النبىَّ (صلى اللّه عليه وسلم) عنهم، شىءٌ: اسْتَدَلَّ به على خيانتِهم.فإذا جاءتْ دَلالةٌ: على أنه لم يُوفِ أهلُ الهُدْنةِ، بجميع ما عاهَدَهم عليه -: فله أنْ يَنْبِذَ إليهم. ومَن قلتُ: له أنْ يَنْبِذَ إليه؛ فعليه: أنْ يُلْحِقَه بمَأْمَنِه؛ ثم له: أنْ يُحارِبَه؛ كما يُحارِبُ مَن لا هُدْنَةَ له..

٦٥

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }

١) الجهاد

٢) الجهاد (من لا يجب عليه الجهاد)

٣) الجهاد (حدّ وجوب الثبات في المعركة)فَصْلٌ فِى أَصْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ

قال الشافعى (رحمه اللّه): ولَمَّا مَضَتْ لرسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مُدَّةٌ: من هِجرتِه؛ أنعَمَ اللّه فيها على جماعاتٍ، باتِّباعِه -: حدَثَتْ لهم بها، معَ عَوْنِ اللّه (عز وجل)، قُوَّةٌ: بالعَدَد؛ لم يكن قبلها.فَفَرض اللّه (عز وجل) عليهم، الجهادَ - بعدَ إذ كان:إباحةً؛ لا: فرْضاً. - فقال تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} الآية: ؛ وقال جل ثناؤه: {إِنَّ ٱللّه ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ} الآية: ؛

وقال تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّه وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ؛

قال: {وَجَاهِدُوا فِي ٱللّه حَقَّ جِهَادِهِ} ؛

قال تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ} ؛

قال تعالى: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللّه ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ}؛ إلى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية: ؛

قال تعالى: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} الآية: .ثم ذَكر قوماً: تَخَلَّفُوا عن رسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم) -: ممن كان يُطْهِرُ الإسلامَ. - ف

قال: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ} . فأبَانَ فى هذه الآيةِ: أنَّ عليهم الجِهادَ قَرُبَ وبَعُدَ؛ مَع إبَانَتِهِ ذلك فى غير مكانٍ: فى قوله: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللّه}؛ إلى: {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} .

قال الشافعى (رحمه اللّه): سنُبَيِّنُ من ذلك، ما حَضَرَنا: على وَجْهِه؛ إن شاء اللّه عزوجل.وقال جل ثناؤه: {فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه}؛ إلى: {لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} ؛

قال: {إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} ؛

قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . معَ ما ذَكر به فَرْضَ الجهادِ، وأوْجَب على المُتَخلِّفِ عنه..

* * *فَصْلٌ فِيمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ

وبهذا الإسناد،

قال الشافعى: فلما فَرَض اللّه (عز وجل). الجهادَ -: دَلَّ فى كتابه، ثم على لسانِ نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): أن ليس يُفْرَضُ الجهادُ على مملوكٍ، أو أنثى: بالغٍ؛ ولا حُرّ: لم يَبْلُغْ.لقول اللّه عز وجل: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} ؛ فكان حَكَم. أن لا مالَ للمملوكِ؛ ولم يكنْ مجاهدٌ إلا: وعليه فى الجهاد، مُؤْنَةٌ: من المال؛ ولم يكن للمملوك مالٌ.وقال (تعالى) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: {حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ} ؛ فدَلَّ: على أنه أراد بذلك: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ. لأن الإناثَ: المؤمناتُ.

قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً} ؛

قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} ؛ وكل هذا يَدُلُّ: على أنه أراد به: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ

وقال عز وجل -: إذ أمَر بالاسْتِئْذانِ. -: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛ فأعلَم:أنَّ فَرْضَ الاسْتِئْذانِ، إنما هو: على البالِغِينَ.

قال تعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ؛ فلم يَجعلْ لرُشْدِهم حُكْماً: تَصِيرُ به أموالُهم إليهم؛ إلا: بعدَ البلوغِ. فدَلَّ: على أن الفرضَ فى العملِ، إنما هو: على البالِغينَ.ودَلَّتْ السنةُ، ثم ما لم أعلمْ فيه مخالفا -: من أهل العلمِ. -: على مثل ما وصَفتُ.. وذَكر حديثَ ابن عمرَ فى ذلك

وبهذا الإسناد،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه (جل ثناؤه) فى الجهاد: {لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّه وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ}؛ إلى: {وَطَبَعَ ٱللّه عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ؛ وقال عزوجل: {لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ} .

قال الشافعى: وقيل: الأعرَجُ: المُقْعَدُ. والأغلَبُ: أن العَرَجَ فى الرِّجلِ الواحدةِ.وقيل: نزلتْ فى أن لا حَرَجَ عليهم: أن لا يُجاهِدوا.وهو: أشْبَهُ ما قالوا، وغيرُ مُحتَمِلَةٍ غيرَه. وهم: داخلونَ فى حَدِّ الضُّعَفَاءِ، وغيرُ خارجينَ: من فرْضِ الحجِّ، ولا الصلاةِ، ولا الصومِ، ولا الحُدودِ. فلا يَحْتَمِلُ (واللّه أعلم): أنْ يكونَ أُرِيدَ بهذه الآيةِ، إلا: وَضْعُ الحرَجِ: فى الجهادِ؛ دونَ غيرِه: من الفرائضِ..

وقال فيما بَعُدَ غَزْوُه عن المُغازى - وهو: ما كان على الليْلتَينِ فصاعداً. -: إنه لا يَلْزَمُ القوىَّ السالمَ البَدَنِ كلِّه: إذا لم يَجِدْ مَرْكباً وسلاحاً ونفقةً؛ ويَدَعْ لمن يَلْزَمُه نفقتُه، قوَته: إلى قَدْرِ ما يَرى أنه يَلبَثُ فى غزوِه. وهو: ممن لا يَجدُ ما يُنفِقُ. قال اللّه عزوجل: {وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ} ..

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى: أنا سفيانُ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عباس،

قال: لما نزلتْ هذه الآيةُ: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ؛ فكُتِبَ عليهم: أن لا يَفِرَّ العشرونَ من المِائَتَيْنِ؛ فأنزل اللّه عز وجل: {ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللّه عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ؛ فخَفَّف عنهم، وكَتَب:أن لا يَفِرَّ مِائةٌ من مِائَتَيْنِ.

قال الشافعى: هذا: كما قال ابنُ عباس إن شاء اللّه؛ مُسْتَغْنًى فيه: بالتنزيلِ، عن التأويلِ. لَمَّا كَتب اللّه: أن لا يَفرَّ العشرونَ من المِائتيْنِ؛ فكان هكذا: الواحدُ من العشَرة. ثم خَفَّف اللّه عنهم: فصَيَّرَ الأمرَ: إلى أن يَفرَّ المِائةُ من المِائتيْنِ. وذلك. أن لا يَفرَّ الرجلُ من الرجُليْنِ.

ورَوى الشافعى بإسنادٍ آخَرَ عن ابن عباس،

قال: مَن فَرَّ من ثلاثة: فلم يَفِرَّ؛ ومَن فَرَّ من اثنَيْنِ: فقد فَرَّ.

٦٦

{ ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللّه عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللّه وَٱللّه مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

١) الجهاد (حدّ وجوب الثبات في المعركة)

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى: أنا سفيانُ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عباس،

قال: لما نزلتْ هذه الآيةُ: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ؛ فكُتِبَ عليهم: أن لا يَفِرَّ العشرونَ من المِائَتَيْنِ؛ فأنزل اللّه عزوجل: {ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللّه عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ؛ فخَفَّف عنهم، وكَتَب: أن لا يَفِرَّ مِائةٌ من مِائَتَيْنِ.

قال الشافعى: هذا: كما قال ابنُ عباس إن شاء اللّه؛ مُسْتَغْنًى فيه: بالتنزيلِ، عن التأويلِ. لَمَّا كَتب اللّه: أن لا يَفرَّ العشرونَ من المِائتيْنِ؛ فكان هكذا: الواحدُ من العشَرة. ثم خَفَّف اللّه عنهم: فصَيَّرَ الأمرَ: إلى أن يَفرَّ المِائةُ من المِائتيْنِ. وذلك. أن لا يَفرَّ الرجلُ من الرجُليْنِ.

ورَوى الشافعى بإسنادٍ آخَرَ عن ابن عباس،

قال: مَن فَرَّ من ثلاثة: فلم يَفِرَّ؛ ومَن فَرَّ من اثنَيْنِ: فقد فَرَّ.

٧٥

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللّه إِنَّ ٱللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

١) المواريث (توارث الأرحام دون غيرهم)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه تبارك وتعالى: {وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللّه} .نزلت: بأن الناس توارثوا:بالحِلْف والنُّصْرَة؛ ثم توارثوا: بالإسلام والهجرة. وكان المهاجر: يرث المهاجرَ، ولا يرثه - من ورثته -من لم يكن مهاجراً؛ وهو أقرب إليه من ورثته. فنزلت: {وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللّه}. -: على ما فُرضَ لهم، لا مطلقا..

١) المطعومات (المحرمات من المطعومات)

٢) المطعومات (الرخص)

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى: قال اللّه جل ثناؤه فيما حُرِّم، ولم يَحِلّ بالذكاةِ: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللّه عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}؟! ؛

قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ} الآية!  و ؛ وقال فى ذِكْرِ ما حُرِّم: {فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

قال الشافعى: فيَحِلُّ ما حُرِّم: من المَيْتةِ والدَّمِ ولحمِ الخِنزيرِ؛ وكلُّ ما حُرِّم -: مما لا يُغَيِّرُ العقلَ: من الخمرِ. -:للمُضْطَرِّ.والمُضْطَرُّ: الرجلُ يكونُ بالموضعِ: لا طعامَ معه فيه، ولا شىءَ يَسُدُّ فَوْرَةَ جُوعِه -: من لبَنٍ، وما أشْبَهَهُ. - ويُبَلِّغُه الجوعُ: ما يَخافُ منه الموتَ، أو المرَضَ: وإن لم يَخَفِ الموت؛ أو يُضْعِفُه، أو يَضُرُّه؛ أو يَعْتَلُّ؛ أو يكونُ ماشياً: فيَضْعُفُ عن بُلوغِ حيثُ يُريدُ؛ أو راكباً: فيَضْعفُ عن رُكوبِ دابَّتِه؛ أو ما فى هذا المعنى: من الضَّرَر البَيِّنِ.فأىُّ هذا نالَه: فله أن يأكُلَ من المَحَرَّمِ؛ وكذلك:يشرَبُ من المحَرَّمِ: غيرِ المسْكِر؛ مِثلِ الماءِ: تَقَعُ فيه المَيْتةُ؛ وما أشْبَهَهُ. وأحِبُّ: أنْ يكونَ آكلُه: إنْ أكَلَ؛ وشاربُه: إنْ شرِبَ؛ أو جَمَعَهُمَا -: فَعَلى ما يَقْطَعُ عنه الخوفَ، ويَبْلُغُ به بعضَ القُوَّةِ. ولا يَبِينُ: أنْ يَحْرُمَ عليه: أنْ يَشْبَعَ ويَرْوَى؛ وإنْ أجْزأه دونَه -: لأنَّ التحريمَ قد زال عنه بالضَّرُورَةِ. وإذا بَلَغَ الشِّبَعَ والرِّىَّ: فليس له مُجاوَزَتُه؛ لأنَّ مُجاوزَتَه -: حينئذٍ - إلى الضَّرَرِ، أقْرَبُ منها إلى النَّفْعِ..

قال الشافعى: فمَن خرَج سفَراً: عاصياً للّه؛ لم يَحِلَّ له شىءٌ -: مما حَرَّم عليه. - بحالٍ: لأنَّ اللّه (جل ثناؤه) إنَّما أحَلَّ ما حَرَّم، بالضَّرُورة - على شرْطٍ: أنْ يكونَ المُضْطَرُّ: غيرَ باغٍ، ولا عادٍ، ولا مُتَجَانِفٍ لإثمٍ.ولو خرَج: عاصياً؛ ثم تابَ، فأصابَتْه الضَّرُورةُ بعدَ التّوْبةِ -: رجَوْتُ: أنْ يَسَعَه أكْلُ المحرّمِ وشُرْبُه.ولو خرَج: غيرَ عاصٍ؛ ثم نَوَى المعصيةَ؛ ثم أصابَتْه ضَرُورةٌ -:ونِيَّتُه المعصيةُ. -: خشِيتُ أن لا يَسَعَه المحرَّمُ؛ لأنى أنظُرُ إلى نِيّتِه: فى حالِ الضّرُورةِ؛ لا: فى حالٍ تقَدّمَتْها، ولا تأخّرَتْ عنها..

وبهذا الإسنادِ،

قال: قال الشافعي (رحمه اللّه): والحُجةُ: فى أنّ ما كان مباحَ الأصلِ، يَحرُمُ: بمالِكه؛ حتى يأذنَ فيه مالكه. (يعنى: وهو غيرُ محجورٍ عليه.): أنَّ اللّه (جل ثناؤه)

قال: {لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ} ؛

قال: {وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ} ؛

قال: {وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} الآية: . معَ آىٍ كثيرةٍ - فى كتابِ اللّه عزوجل -: قد حُظِرَ فيها أموالُ الناسِ، إلا: بطيبِ أنفُسِهم؛ إلا: بما فَرَضَ اللّه: فى كتابِه، ثم سنةِ نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم)؛ وجاءتْ به حُجّةٌ..

قال: ولو اضْطُرَّ رجلٌ، فخاف الموتَ؛ ثم مَرّ بطعامٍ لرجل -: لم أرَ بأساً: أنْ يأكُلَ منه ما يَرُدُّ مِن جُوعِه؛ ويَغْرَمُ له ثمَنَه..وبسَطَ الكلامَ فى شرحِه.

قال: وقد قيل: إنَّ من الضّرُورةِ: أنْ يَمْرَضَ الرجلُ، المرَضَ: يقولُ له أهلُ العلْمِ به - أو يكونُ هو من أهلِ العلمِ به -: قُلَّما يَبْرَأُ مَن كان به مِثلُ هذا، إلاَّ: أنْ يأكلَ كذا، أو يشرَبَه. أو: يُقالُ له: إنّ أعجَل ما يُبْرِيك: أكْلُ كذا، أو شُرْبُ كذا. فيكونُ له أكْلُ ذلك وشُرْبُه: ما لم يكنْ خَمراً -: إذا بَلَغَ ذلك منها: أسكَرَتْه. - أو شيئاً: يُذهِبُ العقلَ: من المحَرّماتِ أو غيرِها؛ فإنّ إذهابَ العقلِ محرَّمٌ..

وذَكَر حديثَ العُرَنِيِّينَ: فى بَوْلِ الإبِلِ وألْبانِها، وإذْنَ رسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): فى شربها لإصلاحِه لأبْدانِهم.

﴿ ٠