٦٠{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللّه وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللّه وَٱللّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ١) الزكاة (فرضيتها، مصارفها) (أخبرنا) أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوبَ، أنا الربيع بن سليمانَ، قال: قال الشافعى: قال اللّه عزوجل: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ} الآية.فأحكمَ اللّه فَرْضَ الصدقات فى كتابه؛ ثم أكَّدها وشدَّدها، ف قال: {فَرِيضَةً مِّنَ ٱللّه}.فليس لأحد: أن يَقْسِمَهَا على غير ما قَسَمها اللّه (عزّوجلّ) عليه؛ وذلك: ما كانت الأصناف موجودةً.لأنه إنما يُعطَى مَنْ وُجِدَ: كقوله: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ} الآية ؛ وكقوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ؛ وكقوله: {وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} .فمعقولٌ - عن اللّه عزّ وجلّ -: أنَّه فرض هذا: لمن كان موجوداً يومَ يموت المبيت. وكان معقولا عنه أن هذه السُّهْمَانَ: لمن كان موجوداً يومَ تُؤخذ الصدقةُ وتُقْسَمُ.فإذا أُخِذَتُ صَدقةُ قوم: قُسمتْ على مَنْ فى دارهم: من أهل هذه السُّهْمان؛ ولم تُخْرَج من جيرانهم إلى أحد: حتى لا يبقى منهم أحد يستحقها.. ثم ذَكر تفسيرَ كل صِنف: من هؤلاء الأصناف الثمانية؛ وهو: فيما أنبأنى أبو عبداللّه الحافظ (إجازة)، قال: نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ، أنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه تعالى):فأهلُ السُّهْمان يجمعهم: أنهم أهل حاجة إلى مالَهم منها كلهم؛ وأسبابُ حاجتهم مختلفة، وكذلك: أسباب استحقاقهم معان مختلفة؛ يجمعها الحاجةُ، ويُفَرِّق بينها صفاتُها.فإذا اجتمعوا: فالفقراء: الزَّمْنَى الضعافُ الذين لا حِرْفةَ لهم، وأهلُ الحرفة الضعيفة: الذين لا تَقع حرفتهم مَوْقِعا من حاجتهم، ولا يسألون الناس.والمساكين: السُّوَّال، ومن لا يسئل: ممن له حِرْفة تَقع منه مَوْقعا، ولا تُغنيه ولا عياله.. وقال فى (كتاب فرض الزكاة): الفقير (واللّه أعلم): مَنْ لا مالَ له، ولا حرفة: تقع منه موقعا؛ زَمِنا كان أو غيرَ زَمِنٍ، سائلا كان أو مُتعففا..والمسكين: مَنْ له مال، أو حرفة: لا تقع منه مَوْقعا، ولا تُغنيه -: سائلا كان أو غيرَ سائل. قال الشافعى: والعاملون عليها: الْمُتَوَلُّون لقبضها من أهلها -: من السُّعاة، ومَنْ أعانهم: من عَرِيفٍ، ومن لا يُقْدَر على أخذها إلا بمعونته. سواء كانوا أغنياء، أو فقراء. وقال فى موضع آخر: من ولاَّه الولىُّ: قَبْضَها، وقَسْمَها.؛ ثم ساق الكلام، إلى أن قال: يأخذ من الصدقة، بقدر غَنائه: لا يزاد عليه؛ وإن كان موسرا: لأنه يأخذ على معنى الإجارة.. وأال الشافعى الكلام: فى المؤلَّفة قلوبُهم؛ وقال فى خلال ذلك: وللمؤلفة قلوبهم - فى قَسم الصدقات -: سهمٌ..والذى أحفظ فيه -: من متقدِّم الخبر -: أن عَدِىَّ بن حاتم، جاء لأبى بكر الصديق (رضي اللّه عنه) - أحسبه قال -: بثلاثِمائة من الإبل، من صدقات قومه. أبو بكر (رضى اللّه عنه) منها: ثلاثين بعيرا؛ وأمره أن يَلْحَق بخالد بن الوليد، بمن أطاعه من قومه. فجاءه بزُهاء ألف رجل، وأبلى بلاء حسنا.. قال: وليس فى الخبر - فى إعطائه إياها -: مِنْ أين أعطاه إياها؟. غير أن الذى يكاد يعرف القلب -: بالاستدلال بالأخبار(واللّه أعلم) -: أنه أعطاه إياها، من سهم المؤلفة قلوبهم.فإما زاده: ليرغبه فيما صنع؛ وإما أعطاه: ليتألف به غيره من قومه: ممن لا يثق منه، بمثل ما يثق به من عَدِيِّ بن حاتم. قال: فأرى: أن يُعْطَى من سهم المؤلفة قلوبهم -: فى مثل هذا المعنى. -: إن نزلتْ بالمسلمين نازلة. ولن تنزل إن شاء اللّه تعالى.. ثم بسط الكلام فى شرح النازلة. قال: والرِّقَابُ: المكاتبون من جيران الصدقة.. قال: والغَارِمُون: صِنفان؛ (صِنفٌ) دانُوا فى مصلحتهم، أو معروفٍ وغير معصية؛ ثم عجَزُوا عن أداء ذلك: فى العَرَض والنقد.فيُعْطَوْن فى غُرْمهم: لعجزهم. (وصِنفٌ): دانوا فى حَمَالاتٍ، وصلاحِ ذات بينٍ، ومعروفٍ؛ ولهم عُروضٌ: تَحمِلُ حَمَالاتِهم أو عامَّتَها؛ وإن بيعت: أضرَّ ذلك بهم؛ وإن لم يَفْتَقِرُوا فيُعطى هؤلاء: ما يوفر عُروضهم، كما يُعطى أهلُ الحاجة. من الغارمين؛ حتى يَقضوا غُرْمَهم.. قال: وسهمُ سبيل اللّه: يُعْطى منه، مَنْ أراد الغزو: من جيران الصدقة؛ فقيرا كان أو غنيا.. قال: وابن السبيل: من جيران الصدقة: الذين يريدون السفر فى غير معصية، فيَعجِزُون عن بلوغ سفرهم، إلا بمعونة على سفرهم.. وقال فى القديم: قال بعض أصحابنا: هو: لمن مَرَّ بموضع المصَّدِّق: ممن يَعجِز عن بلوغ حيث يريد، إلا بمعونة. قال الشافعى: وهذا مذهب؛ واللّه أعلم.. والذى قاله فى القديم - فى غير روايتنا -: إنما هو فى رواية الزعفرانى عن الشافعى. |
﴿ ٦٠ ﴾