٧٤{ يَحْلِفُونَ بِٱللّه مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللّه وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللّه عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } ١) النفاق (حكمه وعقوبته) ٢) النفاق (أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى (رحمه اللّه)، قال: قال اللّه عزوجل: {إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللّه وَٱللّه يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللّه يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}؛ إلى قوله: {فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} .فبَيِّنٌ فى كتاب اللّه (عز وجل): أن اللّه أخبر عن المنافقين: أنهم اتَّخَذَوا أيْمانَهم جُنَّةَ؛ يعنى(واللّه أعلم): من القتلِ.ثم أخبَرَ بالوَجه: الذى اتَّخَذوا به أيْمانَهم جُنَّةً؛ ف قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا}: بعدَ الإيمانِ، كفراً: إذا سُئلوا عنه: أنكروه، وأظهروا الإيمانَ وأقرُّوا به؛ وأظهروا التوبةَ منه: وهم مُقيمونَ - فيما بيْنهم وبيْن اللّه تعالى - على الكفر.وقال جل ثناؤه: {يَحْلِفُونَ بِٱللّه مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} ؛ فأخبَرَ: بكفرهم، وجَحْدِهم الكفرَ، وكذِبِ سرَائرِهم: بجَحْدِهم.وذكَرَ كفرَهم فى غيرِ آيةٍ، وسمَّاهم: بالنفاق؛ إذ أظهروا الإيمانَ: وكانوا على غيره. قال: {إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} . - فأخبر اللّه (عز وجل) عن المنافقين -: بالكفر؛ وحَكَمَ فيهم -: بعلمه: من أسرار خلْقِه؛ مالا يعلمُه غيره. -: بأنهم فى الدَّرْكِ الأسفلِ: من النار؛ وأنهم كاذبونَ: بأيْمانهم. وحَكَمَ فيهم جلّ ثناؤه - فى الدنيا -: أن ما أظهروا: من الإيمان -: وإن كانوا به كاذبين. -: لهم جُنَّةٌ من القتل: وهم الْمُسِرُّونَ الكفرَ، المظهرونَ الإيمانَ.وبَيَّنَ على لسان نبيه (صلى اللّه عليه وسلم): مِثْلَ ما أنزَل اللّه(عزوجل) فى كتابه.. وأطال الكلامَ فيه. قال الشافعي: وأخبر اللّه (عزوجل) عن قوم: من الأعراب؛ ف قال: {قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} . فأعلَم: أنْ لم يَدخلْ الإيمانُ فى قلوبهم، وأنهم أظهروه، وحَقَن به دماءَهم.. قال الشافعى: قال مجاهدٌ - فى قوله: (أَسْلَمْنَا). -: أسلمنا: مخافةَ القتلِ والسَّبْىِ. قال الشافعى: ثم أخبَر: أنه يَجزيهم: إنْ أطاعوا اللّه ورسولَه؛ يعنى: إنْ أحْدَثوا طاعةَ اللّه ورسولِه.. قال الشافعى: والأعرابُ لا يَدِينُونَ دِيناً: يَظهرُ؛ بل: يُظهِرُونَ الإسلامَ، ويَسْتَخْفُونَ: الشِّركَ والتَّعْطِيلَ. قال اللّه عزوجل:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللّه وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ} .. وقال - فى قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ} . -: فأما أمْرُه: أن لا يُصَلِّىَ عليهم؛: فإن صلاته - بأبى هو وأمي صلى اللّه عليه وسلم -: مخالِفَةٌ صلاةَ غيرِه؛ وأرجو: أن يكونَ قَضَى -: إذ أمَرَه بتركِ الصلاةِ على المنافقينَ. -: أن لا يُصَلِّىَ على أحد إلا غَفَرَ له؛ وقَضَى: أن لا يَغفِرَ لمقيمٍ على شِرْكٍ. فنهاه: عن الصلاة على مَن لا يَغفِرُ له.. قال الشافعى: ولم يَمنعْ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) - من الصلاة عليهم -: مُسْلما؛ ولم يَقتلْ منهم - بعد هذا - أحداً.. قال الشافعى - فى غير هذا الموضع -: وقد قيل - فى قول اللّه عزوجل: {وَٱللّه يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} . -: ماهم بِمُخْلِصِينَ.. |
﴿ ٧٤ ﴾