٨١-٨٣

{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * فَإِن رَّجَعَكَ ٱللّه إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ }

١) الجهاد

٢) الجهاد (حكمه)

٣) الجهاد (الحث عليه)

٤) الجهاد (أحوال المنافقين فيه)فَصْلٌ فِى أَصْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ

قال الشافعى (رحمه اللّه): ولَمَّا مَضَتْ لرسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مُدَّةٌ: من هِجرتِه؛ أنعَمَ اللّه فيها على جماعاتٍ، باتِّباعِه -: حدَثَتْ لهم بها، معَ عَوْنِ اللّه (عز وجل)، قُوَّةٌ: بالعَدَد؛ لم يكن قبلها.فَفَرض اللّه (عز وجل) عليهم، الجهادَ - بعدَ إذ كان:إباحةً؛ لا: فرْضاً. - فقال تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} الآية: ؛ وقال جل ثناؤه: {إِنَّ ٱللّه ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ} الآية: ؛

وقال تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّه وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ؛

قال: {وَجَاهِدُوا فِي ٱللّه حَقَّ جِهَادِهِ} ؛

قال تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ} ؛

قال تعالى: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللّه ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ}؛ إلى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية: ؛

قال تعالى: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} الآية: .ثم ذَكر قوماً: تَخَلَّفُوا عن رسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم) -: ممن كان يُطْهِرُ الإسلامَ. - ف

قال: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ} . فأبَانَ فى هذه الآيةِ: أنَّ عليهم الجِهادَ قَرُبَ وبَعُدَ؛ مَع إبَانَتِهِ ذلك فى غير مكانٍ: فى قوله: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللّه}؛ إلى: {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} .

قال الشافعى (رحمه اللّه): سنُبَيِّنُ من ذلك، ما حَضَرَنا: على وَجْهِه؛ إن شاء اللّه عزوجل.وقال جل ثناؤه: {فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه}؛ إلى: {لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} ؛

قال: {إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} ؛

قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . معَ ما ذَكر به فَرْضَ الجهادِ، وأوْجَب على المُتَخلِّفِ عنه..

* * *

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): غزَا رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، فغزا معه بعضُ مَن يُعرَفُ نفاقُه: فانْخَزَلَ عنه يومَ أُحِدٍ بثلاثِمائةٍ.ثم شَهِدوا معه يومَ الخَنْدَقِ: فتكلموا بما حَكى اللّه (عز وجل): من قولهم: {مَّا وَعَدَنَا ٱللّه وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} .ثم غزَا بنى المصْطَلِقِ، فشَهِدها معه منهم، عَددٌ: فتكلموا بما حَكى اللّه (عز وجل): من قولهم: {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ} ؛ وغيرِ ذلك مما حَكى اللّه: من نفاقِهمثم غزا غَزْوةَ تَبُوكَ، فشَهِدها معه منهم، قومٌ: نَفَرُوا به ليْلةَ العَقَبَةِ: ليقتلوه؛ فوقاه اللّه شرَّهم. وتَخَلَّف آخرون منهم: فيمن بحَضْرَتِه. ثم أنزل اللّه (عز وجل) عليه، فى غَزَاةِ تَبُوكَ، أو مُنْصَرَفِه منها - ولم يكن له فى تَبُوكَ قتالٌ -: من أخبارهم؛ فقال اللّه تعالى: {وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللّه ٱنبِعَاثَهُمْ}؛ قرأ إلى قوله: {وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ} . فأظهَرَ اللّه (عز وجل) لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم): أسرارَهم، وخَبَر السَّمَّاعِينَ لهم، وابتِغاءَهم: أن يَفْتِنوا مَن معه: بالكذبِ والإرجافِ، والتَّخْذِيلِ لهم. فأخبرَ: أنه كَرِه انْبِعاثَهم، فَثَبَّطَهُمْ: إذ كانوا على هذه النِّيّةِ،فكان فيها ما دَلَّ: على أن اللّه (عز وجل) أمَر: أنْ يُمنَعَ مَن عُرِف بما عُرِفوا به، من أن يَغزُوَ مع المسلمين: لأنه ضَررٌ عليهم.ثم زاد فى تأكيد بيانِ ذلك، بقوله تعالى: {فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه} - (صلى اللّه عليه وسلم) - قرأ إلى قوله تعالى: {فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ} .. وبسط الكلام فيه.

﴿ ٨٣