سورة النور٣{ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } ١) النكاح (ما نسخ من أحكامه) (أنا) أبو زكريا بن أبى إسحق - فى آخرين - قالوا: نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع بن سليمان، نا الشافعى: أنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسَيّبِ: أنه قال - فى قول اللّه عز وجل: {ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ} . -: إنها منسوخة نسخها قولُ اللّه عزوجل: {وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ} ؛ فهى: من أيَامَى المسلمين.. قال الشافعى (رحمه اللّه) - فى غير هذه الرواية -: فهذا: كما قال ابن المسيَّب إن شاء اللّه؛ وعليه دلائلُ: من القرآن والسنة.. وذكر الشافعى (رحمه اللّه) سائرَ ما قيل فى هذه الآية؛ وهو منقول فى (المبسوط)، وفى كتاب: (المعرفة). ٤-٧{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ١) العقوبات (حد القذف) ٢) الشهادات ٣) الشهادة (في دفع دعوى الزنا) (أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس الأصمُّ، أنا الربيع، أنا الشافعى، قال: قال اللّه عزوجل: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآية. قال: فلم أعلم خلافاً : فى أن ذلك إذا طلبت المقذوفةُ الحدَّ، ولم يأت القاذفُ بأربعة شهداءَ: يخرجونه من الحد. * * * قال الشافعى - فى قوله عزوجلّ: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} -:المحصَناتُ ههنا: البَوَالِغُ الحرائرُ المسلماتُ.. * * * وبهذا الإسنادِ، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه تبارك وتعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ} .فأمَرَ اللّه (عز وجل): بضرْبِه، وأمَرَ: أن لا تُقبَلَ شهادتُه؛ وسمَّاه: فاسقاً. ثم اسْتثنَى له: إلاَّ أنْ يتوبَ. والثُّنْيَا -: فى سِياقِ الكلامِ. -: على أولِ الكلامِ وآخرِه؛ فى جميعِ ما يذهبُ إليه أهلُ الفقهِ؛ إلاَّ: أنْ يُفَرِّقَ بيْنَ ذلك خبَرٌ. ورَوَى الشافعى قَبولَ شهادةِ القاذفِ: إذا تاب؛ عن عمرَ بن الخطابِ (رضي اللّه عنه)، وعن ابنِ عباسٍ (رضي اللّه عنه)؛ ثم عن عطاءٍ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ. قال: وسُئِل الشَّعْبِىُّ: عن القاذفِ؛ ف قال: يَقبَلُ اللّه تَوْبَته: ولا تَقبَلُون شهادتَه.؟!.. ٦-٩{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللّه إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ *وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللّه عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللّه إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ * وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللّه عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } ١) طلاق (اللعان) قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللّه إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ} إلى آخرها. قال الشافعى: فكان بَيِّناً فى كتاب اللّه (عز وجل): أنه أخرَج الزوجَ من قذف المرأة (يعنى: باللِّعَان.): كما أخرَج قاذفَ المُحْصَنَةِ غيرِ الزوجة: بأربعة شهود يشهدون عليها، بما قذفها به: من الزنا.وكانت فى ذلك، دلالةٌ: أن ليس على الزوج أن يَلْتَعِنَ، حتى تطلب المرأة المقذوفةُ حدَّها.. وقاسها (أيضاً): على الأجنبية. قال: ولما ذكر اللّه (عز وجل) اللِّعَانَ على الأزواج مطلَقاً -: كان اللِّعانُ على كل زوج: جاز طلاقُه، ولزمه الفرضُ: وعلى كل زوجة: لزمها الفرض.. قال الشافعى: فإِن قال: لا ألْتَعِنُ؛ وطلبتْ أن يُحَدَّ لها -: حُدَّ.. قال: ومتى التَعَن الزوجُ: فعليها أن تلتعِن. فإن أبتْ: حُدَّتْ؛ لقول اللّه عزوجل: {وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللّه} الآية. والعذابُ: الحدُّ.. (وأنبأنى) أبو عبداللّه الحافظ، ثنا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى: ولمَّا حَكى سَهْلُ بن سعد، شُهودَ المتلاعنين مع حَدَاثَته، وحكاه ابنُ عمرَ -: استدللنا على أن اللِّعَان لا يكون. إلا بمَحْضَرٍ من طائفة: من المؤمنين.وكذلك جميعُ حدود اللّه: يَشْهَدُها طَائفةٌ من المؤمنين، أقلها: أربعة. لأنه لا يجوز فى شهادة الزنا، أقلُّ منهم.وهذا: يُشْبِه قولَ اللّه (عز وجل) فى الزانِيَيْنِ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} .. وقال - فى قوله عزوجل: {فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ} . -: الطائفةُ: ثلاثةٌ فأكثَرُ.. وإنما قال ذلك: لأن القصدَ من صلاة النبى (صلى اللّه عليه و سلم) بهم: حصولُ فضيلة الجماعة لهم. وأقلُّ الجماعة إقامةً: ثلاثةٌ. فاستَحَب: أن يكونوا ثلاثة فصاعدا. وذكَر جهة استحبابه: أن يكونوا أربعة فى الحدود. وليس ذلك: بتوقيف، فى الموضعَيْن جميعا. ٢٢{ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللّه وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللّه لَكُمْ وَٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ١) الهجرة (الإذن بها) ٢) الأيمان والنذورالإِذْنُ بِالْهِجْرَةِ (أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): وكان المسلمون مُسْتَضْعَفِينَ بمكةَ، زمانا: لم يؤذَنْ لهم فيه بالهجرةِ منها؛ ثم أذِنَ اللّه لهم بالهجرة، وجعل لهم مَخْرَجاً. في قال: نزلت: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّه يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} وأمَرَهم: ببلاد الحَبَشَةِ. فهاجرتْ إليها منهم طائفةٌ. ثم دخل أهلُ المدينةِ فى الإسلام: فأمَرَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) طائفةً - فهاجرتْ إليهم -: غيرَ محَرِّمٍ على من بقىَ، تركَ الهجرة. وذَكر اللّه (عز وجل) أهلَ الهجرةِ، ف قال: {وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ} ؛ قال: {لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ} ؛ قال: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . قال: ثم أذِنَ اللّه لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم): بالهجرةِ منها؛ فهاجر رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى المدينةِ.ولم يُحَرِّم فى هذا، على مَن بقىَ بمكةَ، المُقامَ بها -: وهى دارُ شركٍ. - وإن قَلُّوا: بأن يُفْتَنُوا. و لم يأذنْ لهم بجهاد. ثم أذِن اللّه (عز وجل) لهم: بالجهادِ؛ ثم فَرَض - بعد هذا - عليهم: أنْ يُهاجِروا من دارِ الشركِ. وهذا موضوعٌ فى غير هذا الموضع.. * * *مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِى الايْمَانِ وَالنُّذُورِ (أنا) أبو سعيد بنُ أبى عمرو، أنا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى - فى قولِ اللّه عز وجل: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ} . -: نَزَلتْ فى رجلٍ حَلَف: أن لا يَنفَعَ رجلاً؛ فأمَرَه اللّه (عز وجل): أنْ يَنفَعَه.. قال الشيخُ: وهذه الآيةُ نزَلتْ فى أبى بكْرٍ الصِّدِّيقِ (رضى اللّه عنه): حَلَف: أن لا يَنفَعَ مِسْطَحاً؛ لِما كان منه: فى شأنِ عائشة (رضي اللّه عنها). فنزَلتْ هذه الآيةُ. ٣٢{ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللّه مِن فَضْلِهِ وَٱللّه وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ١) النكاح (الولاية على الإماء والثيّب) ٢) النكاح (أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس، نا الربيع، أنا الشافعى، قال: قال اللّه عزَّ وجلَّ: {وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} . قال: ودلت أحكام اللّه، ثم رسولِهِ (صلى اللّه عليه وسلم): على أن لا مِلْكَ للأَولياء آباءً كانوا أو غيرَهم؛ على أيَامَاهم -وأيَامَاهم: الثيِّباتُ. -: قال اللّه عز وجل: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} ؛ وقال (تعالى) فى المُعْتَدَّات: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ} الآية؛ وقال رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): الأَيِّمُ أحقُّ بنفسها من وليِّها؛ والبكرُ تُسْتأذَن فى نفسها؛ وإذنُها: صُمَاتُها.. مع ما سوى ذلك.ودل الكتابُ والسنةُ: على أن المماليك لمن ملَكهم، وأنهم لا يملكون من أنفسهم شيئا.ولم أعلم دليلا: على إيجاب إنكاح صالحى العبيد والإماء - كما وجدت الدلالة: على إنكاح الحرائر. - إلا مطلقا.فأحَبُّ إلىَّ: أن يُنْكَحَ من بلغ: من العبيد والإماء، ثم صالحوهم خاصة.ولا يَبِين لى: أن يُجْبرَ أحد عليه؛ لأن الآية محتملة: أن تكون أريد بها: الدلالة؛ لا الإيجاب.. وذَهبَ فى القديم: إلى أن للعبد أن يشترىَ: إذا أذن له سيده.. وأجاب عن قوله: {ضَرَبَ ٱللّه مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ} ؛ بأن قال: إنما هذا - عندنا -: عبدٌ ضربه اللّه مثلا؛ فإن كان عبدا: فقد يُزْعَم: أن العبد يقدر على أشياء؛ (منها): ما يُقِرُّ به على نفسه: من الحدود التى تُتْلفه أو تَنْقُصُه. (ومنها): ما إذا أُذِنَ له فى التجارة: جاز بيعه وشراؤه وإقراره.فإن اعتُلَّ بالإذن: فالشرى بإذن سيده أيضا. فكيف يَملك بأحد الإذنين، ولا يَملك بالآخَر؟!.. ثم رَجع عن هذا، فى الجديد؛ واحتج بهذه الآية، وذكر قولَهُ تعالى: {وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} و . ثم قال: فدل كتاب اللّه (عز وجل): على أن ما أباح -: من الفروج. - فإنما أباحه من أحد وجهين: النكاحِ، أو ما ملكتْ اليمينُ فلا يكون العبد مالكا بحال.. وبسط الكلام فيه. ٣٣{ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللّه مِن فَضْلِهِ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللّه ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللّه مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ١) النكاح (آدابه) ٢) العتق (الكتابة) ٣) أحكام الرق (المكاتبة) ٤) الوصية و قال - فى قوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللّه مِن فَضْلِهِ} . -:معناه (واللّه أعلم): ليصبروا حتى يُغْنِيَهم اللّه. وهو: كقوله (عز وجل) فى مال اليتيم: {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ} : لِيَكُفَّ عن أكله بسلف، أو غيرِه.. قال: وكان - فى قول اللّه عز وجل: {وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} . - بيانُ: أن المخاطَبينَ بها: الرجال؛ لا: النساءُ.فدل: على أنه لا يَحِل للمرأة: أن تكون مُتَسَرِّيَةً بما ملكت يمينها؛ لأنها مُتَسَرَّاة أو منكوحةٌ؛ لا: ناكحةٌ؛ إلا بمعنى: أنها منكوحة.. * * * (أنا) أبو سعيد بنُ أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعي (رحمه اللّه): قال اللّه جل ثناؤه: {وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} .. قال الشافعى: فى قولِ اللّه عز وجل: {وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ}؛ دَلاَلةٌ: على أنه إنما أذِنَ: أنْ يُكاتَبَ مَن يَعقِلُ ما يَطلُبُ؛ لا: مَن لا يَعقِلُ أنْ يَبْتَغِىَ الكِتابةَ: من صبِىٍّ؛ ولا: مَعتوهٌ.. (أنا) أبو سعيدٍ، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى: أنا عبدُ اللّه بنُ الحارِثِ بنِ عبدِ المَلِكِ، عن ابن جُرَيْجٍ: أنه قال لعَطَاءٍ: ما الخيرُ؟ المالُ؟ أو الصَّلاحُ؟ أمْ كلُّ ذلك؟ قال: ما نُراه إلاَّ المالَ؛ قلتُ: فإن لم يكن عندَه مالٌ: وكان رجُلَ صِدْقٍ؟ قال: ما أحْسَبُ ما خَيْراً إلاَّ: ذلك المالَ؛ لا: الصَّلاحَ. قال: وقال مُجاهدٌ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}: المالَ؛ كايِنةُ أخْلاقُهم وأدْيانُهم ما كانت قال الشافعي: الخيْرُ كلِمةٌ: يُعْرَفُ ما أريدَ بها، بالمُخاطَبةِ بها. قال اللّه تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ} ؛ فعَقَلْنا: أنهم خيرُ البَرِيَّةِ: بالإيمانِ وعَمَلِ الصَّالحات؛ لا: بالمالِ.وقال اللّه عز وجل: {وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللّه لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} ؛ فَعَلْنا: أنَّ الخيرَ:المنفَعةُ بالأجْرِ؛ لا: أنَّ فى البُدْنِ لهم مالاً. * * *وقال اللّه عز وجل: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً} ؛ فعَقَلْنا: أنه: إنْ ترَك مالاً؛ لأنَّ المالَ: المَتْروكُ؛ ولقولِه:{ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ}.فَلمَّا قال اللّه عز وجل: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} : كان أظهَرث مَعانِيها -: بدَلالةِ ما اسْتَدْلَلْنا به: من الكتابِ. - قُوَّةً على اكتِساب المالِ، وأمانةً. لأنه قد يكونُ: قوِيّاً فيَكسِبُ؛ فلا يُؤَدِّى: إذا لم يكن ذا أمانةٍ. و: أميناً، فلا يكونُ قَوِيّاً على الكَسْبِ: فلا يُؤَدِّى. ولا يَجُوز عندى (واللّه أعلم) - فى قولهِ تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}. - إلا هذا.وليس الظاهرُ: أنَّ القولَ: إِنْ علِمتَ فى عبدِك مالاً؛ لمَعْنَيَيْنِ: (أحدُهما): أنَّ المالَ لا يكونُ فيه؛ إنما يكونُ: عندَه؛ لا: فيه. ولكنْ: يكونُ فيه الاكتِسابُ:الذى يفيدُه المالَ. (والثانى): أنَّ المالَ - الذى في يدِه - لسَيِّدِه: فكيفَ يُكاتِبُه بمالِه؟! - إنما يُكاتِبُه: بما يُفيدُ العبدُ بعدَ الكتابةِ -: لأنه حينَئذٍ، يُمنَعُ ما أفاد العبدُ: لأداءِ الكتابةِ.ولعلَّ مَن ذهبَ: إلى أنَّ الخيرَ: المالُ؛ أراد: أنه أفاد بكَسبِه مالاً للسَّيدِ؛ فيَسْتَدِلُّ: على أنه يُفيدُ مالاً يَعتِقُ به؛ كما أفاد أوَّلاً. قال الشافعى: وإذا جَمع القُوَّةَ على الاكتِسابِ، والأمانةَ -: فأحَبُّ إلىَّ لسَيدِه: أنْ يُكاتِبَه. ولا يَبِينُ لى: أنْ يُجبَرُ عليه؛ لأنَّ الآيةَ مُحتَمِلةٌ: أنْ يكونَ: إرشاداً، أو إباحةً؛ لا: حَتْما. وقد ذَهب هذا المذهَب، عددٌ: ممن لقِيتُ من أهلِ العلمِ.. وبَسطَ الكلامَ فيه؛ واحتَجَّ - فى جُملةِ ما ذَكَر -: بأنه لو كان. واجباً: لكان مَحدُوداً: بأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ الكتابةِ؛ أو: لغايةٍ معلومةٍ.. (أنا) أبو سعيدٍ، نا أبو العباس، أنا الربيع، نا الشافعى: أنا الثِّقةُ، عن أيُّوبَ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ: أنه كاتب عبداً له بخمسةٍ وثلاثينَ ألفاً؛ ووَضَع عنه خمسةَ آلافٍ. أحسَبُه قال: من آخِرِ نُجُومِه.قال الشافعي: وهذا عندى (واللّه أعلم): مِثْلُ قولِ اللّه عز وجل: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ} . فيُجْبَرُ سَيدُ المُكاتَبِ: على أنْ يَضَعَ عنه -: ممَّا عقَد عليه الكِتابةَ. - شيئاً؛ وإذا وَضَع عنه شيئاً ما كان: لم يُجْبَرْ على أكثرَ منه.وإذا أدَّى المكاتَبُ الكِتابةَ كلَّها، فعلى السَّيدِ: أنْ يَرُدَّ عليه منها شيئاً، ويُعطِيَه ممَّا أخَذ منه: لأنَّ قوله عز وجل: {مِّن مَّالِ ٱللّه ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ} ؛ يُشْبِهُ (واللّه أعلم): آتاكم منهم؛ فإذا أعطاه شيئاً غيرَه: فلم يُعطِه مِن الذى أُمِر: أنْ يُعطِيَه منه.. وبَسَط الكلامَ فيه. ٤٨{ وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللّه وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } ١) أصول فقه (حجية الكتاب والسنة) قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية: . قال الشافعى: نزلت هذه الآية فيما بلغنا - واللّه أعلم - فى رجل خاصم الزبير رضى اللّه عنه فى أرض، فقضى النبى صلى اللّه عليه وسلم بها للزبير رضي اللّه عنه، وهذا القضاء سنة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لا حكم منصوص فى القران. وقال عز وجل: {وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللّه وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ} والآيات بعدها. فأعلم اللّه الناس أن دعاءهم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليحكم بينهم، دعاء إلى حكم اله، وإذا سلموا لحكم النبى صلى اللّه عليه وسلم، فإنما سلموا لفرض اللّه. وبسط الكلام فيه. ٥٤{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللّه وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } ١) أصول فقه (الرسول أول المخاطبين بالتكليف) مُبْتَدَأُ التَّنْزِيلِ، وَالْفَرْضِ عَلَى النَّبِىِّ صلى اللّه عليهِ وسلمَ، ثُمَّ عَلَى النَّاسِ (أنا) أبو الحافظُ، وأبو سعيد بن أبى عمرو، قالا: نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): لما بعث اللّه نبيَّه (صلى اللّه عليه وسلم): أنزل عليه فرائضَه كما شاء: {لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} ؛ ثم:أتْبَعَ كلَّ واحد منها، فَرْضاً بعد فَرْضٍ: فى حينٍ غيرِ حينِ الفرضِ قبلَه. قال: ويقال (واللّه أعلم): إن أولَ ما أنزل اللّه عليه -: من كتابه. -: {ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ} .ثم أُنزِل عليه ما لم يؤمَرْ فيه:بأن يدعُوَ إليه المشركين. فمرْت لذلك مدةٌ.ثم ي قالُ: أتاه جبريلُ (عليه السلامُ) عن اللّه (عز وجل): بأنْ يُعْلِمَهُمْ نزولَ الوحىِ عليه، ويدعُوَهُم إلى الإيمان به. فكبُرَ ذلك عليه؛ وخاف: التكذيبَ، وأنْ يُتَنَاوَلَ. فنزل عليه: {يَـۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللّه يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ} . ف قال: يعصمُك مِنْ قَتْلِهم: أن يَقْتُلُوكَ؛ حتى تُبَلِّغَ ما أنزِل إليك. فبَلَّغَ ما أُمِرَ به: فاستهزأ به قومٌ؛ فنزل عليه: {فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ} قال: وأعلمه: مَن عَلم منهم أنه لا يؤمنُ به؛ ف قال: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً}؛ إلى قوله: {هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} . قال الشافعى (رحمه اللّه): وأنزَل إليه (عز وجل) - فيما يُثَبِّتُه به: إذا ضاق من أذاهم. -: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ * وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ} .ففَرَض عليه: إبلاغَهم، وعبادتَه. ولم يَفْرِضْ عليه قتالَهم؛ وأبَانَ ذلك فى غير آيةٍ: من كتابه؛ ولم يأمرْه: بعُزْلَتِهِمْ؛ وأنزَل عليه: {قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} ؛ وقوله: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ} ؛ وقولَه: {مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ} ؛ مع أشياءَ ذُكرتْ فى القرآن - فى غير موضع -: فى مثل هذا المعنى.وأمَرهم اللّه (عز وجل): بأن لا يَسُبُّوا أندادَهم؛ ف قال: {وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللّه فَيَسُبُّواْ ٱللّه عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية: ؛ مع ما يُشْبِهُها.ثم أنزل (جل ثناؤه) -بعد هذا -: فى الحال الذى فَرض فيها عُزْلةَ المشركينَ؛ ف قال: {وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} .وأبَانَ لمن تَبِعه، ما فَرَض عليهم: مما فَرَض عليه؛ قال: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللّه يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} الآية: .. ٥٩{ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللّه لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ١) الصلاة (المكلف بها) ٢) الجهاد ٣) الجهاد (من لا يجب عليه الجهاد) (أنا) أبو سعيد، أنا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): ذكر اللّه (تعالى) الاستئذان، فقال فى سياق الآية: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛ قال: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} . فلم يذكر الرشد -: الذى يستوجبون به أن ندفع إليهم أموالهم.- إلا بعد بلوغ النكاح. قال: وفرض اللّه الجهاد، فأبانَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم): أنه على من استكمل خمسَ عشرةَ سنةً؛ بأن أجاز ابنَ عمر- عام الخندق -: ابنَ خمسَ عشرةَ سنةً؛ ورَدَّه - عام أُحُدٍ -: ابنَ أرْبعَ عشرةَ سنةً. قال: فإذا بلغ الغلام الحُلُمَ، والجاريةُ المحيضَ -: غيرَ مغلوبين على عقولهما.-: وجبت عليهما الصلاة والفرائض كلها: وإن كانا ابنى أقلَّ من خمس عشر سنة؛ وأُمِرَ كل واحد منهما بالصلاة: إذا عَقَلَها؛ وإذا لم يفعلا لم يكونا كمن تركها بعد البلوغ؛ وأُدِّيا على تركها أدبا خفيفا.. قال: ومن غُلِبَ على عقله بعارض أو مرض أىَّ مرض كان -: ارتفع عنه الفرض. لقول اللّه تعالى: {وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ} ؛ وقولِهِ: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ} و : وإن كان معقولا: أن لا يخاطب بالأمر والنهى إلا من عَقَلَهما.. * * *فَصْلٌ فِى أَصْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ قال الشافعى (رحمه اللّه): ولَمَّا مَضَتْ لرسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مُدَّةٌ: من هِجرتِه؛ أنعَمَ اللّه فيها على جماعاتٍ، باتِّباعِه -: حدَثَتْ لهم بها، معَ عَوْنِ اللّه (عز وجل)، قُوَّةٌ: بالعَدَد؛ لم يكن قبلها.فَفَرض اللّه (عز وجل) عليهم، الجهادَ - بعدَ إذ كان:إباحةً؛ لا: فرْضاً. - فقال تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} الآية: ؛ وقال جل ثناؤه: {إِنَّ ٱللّه ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ} الآية: ؛ وقال تبارك وتعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّه وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ؛ قال: {وَجَاهِدُوا فِي ٱللّه حَقَّ جِهَادِهِ} ؛ قال تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ} ؛ قال تعالى: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللّه ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ}؛ إلى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية: ؛ قال تعالى: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} الآية: .ثم ذَكر قوماً: تَخَلَّفُوا عن رسولِ اللّه(صلى اللّه عليه وسلم) -: ممن كان يُطْهِرُ الإسلامَ. - ف قال: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ} . فأبَانَ فى هذه الآيةِ: أنَّ عليهم الجِهادَ قَرُبَ وبَعُدَ؛ مَع إبَانَتِهِ ذلك فى غير مكانٍ: فى قوله: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللّه}؛ إلى: {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} . قال الشافعى (رحمه اللّه): سنُبَيِّنُ من ذلك، ما حَضَرَنا: على وَجْهِه؛ إن شاء اللّه عزوجل.وقال جل ثناؤه: {فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللّه}؛ إلى: {لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} ؛ قال: {إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} ؛ قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . معَ ما ذَكر به فَرْضَ الجهادِ، وأوْجَب على المُتَخلِّفِ عنه.. * * *فَصْلٌ فِيمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وبهذا الإسناد، قال الشافعى: فلما فَرَض اللّه (عز وجل). الجهادَ -: دَلَّ فى كتابه، ثم على لسانِ نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): أن ليس يُفْرَضُ الجهادُ على مملوكٍ، أو أنثى: بالغٍ؛ ولا حُرّ: لم يَبْلُغْ.لقول اللّه عز وجل: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} ؛ فكان حَكَم. أن لا مالَ للمملوكِ؛ ولم يكنْ مجاهدٌ إلا: وعليه فى الجهاد، مُؤْنَةٌ: من المال؛ ولم يكن للمملوك مالٌ.وقال (تعالى) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: {حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ} ؛ فدَلَّ: على أنه أراد بذلك: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ. لأن الإناثَ: المؤمناتُ. قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً} ؛ قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} ؛ وكل هذا يَدُلُّ: على أنه أراد به: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ وقال عز وجل -: إذ أمَر بالاسْتِئْذانِ. -: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛ فأعلَم:أنَّ فَرْضَ الاسْتِئْذانِ، إنما هو: على البالِغِينَ. قال تعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ؛ فلم يَجعلْ لرُشْدِهم حُكْماً: تَصِيرُ به أموالُهم إليهم؛ إلا: بعدَ البلوغِ. فدَلَّ: على أن الفرضَ فى العملِ، إنما هو: على البالِغينَ.ودَلَّتْ السنةُ، ثم ما لم أعلمْ فيه مخالفا -: من أهل العلمِ. -: على مثل ما وصَفتُ.. وذَكر حديثَ ابن عمرَ فى ذلك وبهذا الإسناد، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه (جل ثناؤه) فى الجهاد: {لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّه وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ}؛ إلى: {وَطَبَعَ ٱللّه عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ؛ وقال عزوجل: {لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ} . قال الشافعى: وقيل: الأعرَجُ: المُقْعَدُ. والأغلَبُ: أن العَرَجَ فى الرِّجلِ الواحدةِ.وقيل: نزلتْ فى أن لا حَرَجَ عليهم: أن لا يُجاهِدوا.وهو: أشْبَهُ ما قالوا، وغيرُ مُحتَمِلَةٍ غيرَه. وهم: داخلونَ فى حَدِّ الضُّعَفَاءِ، وغيرُ خارجينَ: من فرْضِ الحجِّ، ولا الصلاةِ، ولا الصومِ، ولا الحُدودِ. فلا يَحْتَمِلُ (واللّه أعلم): أنْ يكونَ أُرِيدَ بهذه الآيةِ، إلا: وَضْعُ الحرَجِ: فى الجهادِ؛ دونَ غيرِه: من الفرائضِ.. وقال فيما بَعُدَ غَزْوُه عن المُغازى - وهو: ما كان على الليْلتَينِ فصاعداً. -: إنه لا يَلْزَمُ القوىَّ السالمَ البَدَنِ كلِّه: إذا لم يَجِدْ مَرْكباً وسلاحاً ونفقةً؛ ويَدَعْ لمن يَلْزَمُه نفقتُه، قوَته: إلى قَدْرِ ما يَرى أنه يَلبَثُ فى غزوِه. وهو: ممن لا يَجدُ ما يُنفِقُ. قال اللّه عز وجل: {وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ} .. ٦١{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللّه مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللّه لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ١) الجهاد ٢) الجهاد (من لا يجب عليه الجهاد)فَصْلٌ فِيمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وبهذا الإسناد، قال الشافعى: فلما فَرَض اللّه (عز وجل). الجهادَ -: دَلَّ فى كتابه، ثم على لسانِ نبيِّه (صلى اللّه عليه وسلم): أن ليس يُفْرَضُ الجهادُ على مملوكٍ، أو أنثى: بالغٍ؛ ولا حُرّ: لم يَبْلُغْ.لقول اللّه عز وجل: {ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللّه} ؛ فكان حَكَم. أن لا مالَ للمملوكِ؛ ولم يكنْ مجاهدٌ إلا: وعليه فى الجهاد، مُؤْنَةٌ: من المال؛ ولم يكن للمملوك مالٌ.وقال (تعالى) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: {حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ} ؛ فدَلَّ: على أنه أراد بذلك: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ. لأن الإناثَ: المؤمناتُ. قال تعالى: {وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً} ؛ قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ} ؛ وكل هذا يَدُلُّ: على أنه أراد به: الذُّكورَ، دونَ الإناثِ وقال عز وجل -: إذ أمَر بالاسْتِئْذانِ. -: {وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} ؛ فأعلَم:أنَّ فَرْضَ الاسْتِئْذانِ، إنما هو: على البالِغِينَ. قال تعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ؛ فلم يَجعلْ لرُشْدِهم حُكْماً: تَصِيرُ به أموالُهم إليهم؛ إلا: بعدَ البلوغِ. فدَلَّ: على أن الفرضَ فى العملِ، إنما هو: على البالِغينَ.ودَلَّتْ السنةُ، ثم ما لم أعلمْ فيه مخالفا -: من أهل العلمِ. -: على مثل ما وصَفتُ.. وذَكر حديثَ ابن عمرَ فى ذلك وبهذا الإسناد، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): قال اللّه (جل ثناؤه) فى الجهاد: {لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّه وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ}؛ إلى: {وَطَبَعَ ٱللّه عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ؛ وقال عز وجل: {لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ} . قال الشافعى: وقيل: الأعرَجُ: المُقْعَدُ. والأغلَبُ: أن العَرَجَ فى الرِّجلِ الواحدةِ.وقيل: نزلتْ فى أن لا حَرَجَ عليهم: أن لا يُجاهِدوا.وهو: أشْبَهُ ما قالوا، وغيرُ مُحتَمِلَةٍ غيرَه. وهم: داخلونَ فى حَدِّ الضُّعَفَاءِ، وغيرُ خارجينَ: من فرْضِ الحجِّ، ولا الصلاةِ، ولا الصومِ، ولا الحُدودِ. فلا يَحْتَمِلُ (واللّه أعلم): أنْ يكونَ أُرِيدَ بهذه الآيةِ، إلا: وَضْعُ الحرَجِ: فى الجهادِ؛ دونَ غيرِه: من الفرائضِ.. وقال فيما بَعُدَ غَزْوُه عن المُغازى - وهو: ما كان على الليْلتَينِ فصاعداً. -: إنه لا يَلْزَمُ القوىَّ السالمَ البَدَنِ كلِّه: إذا لم يَجِدْ مَرْكباً وسلاحاً ونفقةً؛ ويَدَعْ لمن يَلْزَمُه نفقتُه، قوَته: إلى قَدْرِ ما يَرى أنه يَلبَثُ فى غزوِه. وهو: ممن لا يَجدُ ما يُنفِقُ. قال اللّه عز وجل: {وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ} .. ٦٢{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللّه وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللّه وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللّه إِنَّ ٱللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ١) أصول فقه (حجية الكتاب والسنة) فصل فى فرض اللّه عز وجل فى كتابه واتباع سنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم أنا، أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى رحمه اللّه تعالى: وضع اللّه جل ثناؤه رسوله صلى اللّه عليه وسلم - من دينه وفرضه وكتابه - الموضع الذى أبان (جل ثناؤه) أنه جعله علماً لدينه بما افترض من طاعته، وحرم من معصيته. وأبان فضيلته بما قرر: من الإيمان برسوله مع الإيمان به. فقال تبارك وتعالى: {آمِنُواْ بِٱللّه وَرَسُولِهِ} . قال تعالى: {إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللّه وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ} . فجعل دليل ابتداء الإيمان - الذى ما سواه تبع له - الإيمان باللّه ثم برسوله صلى اللّه عليه وسلم. فلو آمن به عبد ولم يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم - لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله (عليه السلام) معه. |
﴿ ٠ ﴾