سورة القيامة

٣٦

{ أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى }

١) الاستحسان (إبْطاله)

فصل ذكره الشافعى رحمه اللّه فى إبطال الاستحسان واستشهد فيه بآيات من القرآن

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعى (رحمه اللّه)

قال: حكم اللّه، ثم حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم حكم المسلمين - دليل على أن لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتياً: أن يحكم ولا أن يفتى إلا من جهة خبر لازم - وذلك: الكتاب، ثم السنة - أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه، أو قياسٍ على بعض هذا. ولا يجوز له: أن يحكم ولا يفتى بالاستحسان؛ إذ لم يكن الاستحسان واجباً، ولا فى واحد من هذه المعانى. وذكر - فيما احتج به -

قول اللّه عز وجل: {أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى}  قال فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن (السدى) الذى لا يؤمر ولا ينهى. ومن أفتى أو حكم بما لم يؤمر به فقد اختار لنفسه أن يكون فى معانى السدي - وقد أعلمه عز وجل أنه لم يترك سدى - ورأى أن قال أقول ما شئت؛ وادعى ما نزل القرآن بخلافه. قال اللّه (جل ثناؤه) لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: {ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} ؛

قال تعالى: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللّه وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللّه إِلَيْكَ}  ثم جاءه قوم، فسألوه عن أصحاب الكهف وغيرهم: فقال أعلمكم غداً. (يعنى: أسأل جبريل عليه السلام، ثم أعلمكم). فأنزل اللّه عز وجل:{وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللّه} . وجاءته امرأة أوس بن الصامت، تشكو إليه أوساً، فلم يجبها حتى نزل عليه: {قَدْ سَمِعَ ٱللّه قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}  وجاءه العجلانى يقذف امرأته ف

قال: لم ينزل فيكما وانتظر الوحى، فلما أنزل اللّه (عز وجل) عليه: دعاهما، وَلاَعَنْ بينهما كما أمر اللّه عز وجل وبسط الكلام فى الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، فى رد الحكم بما استحسنه الإنسان، دون القياس على الكتاب والسنة؛ والإجماع.

﴿ ٠