سورة الإنسان

٢

{ إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }

قال الشافعى): وما اختَلَطَ سَمَّتْهُ العرَبُ: أمْشاجاً.

وقال اللّه تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} الآيةَ .فأخبَرَ (جل ثناؤه): أنَّ كلَّ آدَمِىٍّ: مَخلُوقٌ من ذكَرٍ وأنثَى؛ وسَمَّى الذكَرَ: أباً؛ والأنثَى: أُمَّاً.ونَبَّهَ: أنَّ ما نُسِبَ -: من الوَلَدِ. - إلى أبيه: نِعْمةٌ من نعَمِه؛ ف

قال: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ؛

قال: {يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ} .

قال الشافعى: ثم كان بَيِّناً فى أحكامِه (جل ثناؤه): أنَّ نِعْمتَه لا تكونُ: من جِهةِ مَعصِيَته؛ فأحَلَّ النكاحَ، ف

قال: {فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ} ؛

وقال تبارك وتعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} . وحَرَّم الزِّنا، ف

قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ} ؛ معَ ما ذكَرَه: فى كتابِه.فكان مَعقُولا فى كتابِ اللّه: أنَّ ولَدَ الزِّنا لا يكونُ مَنْسُوباً إلى أبيه: الزّانى بأمِّه. لِمَا وَصَفْنا: من أنَّ نِعْمتَه إنَّما تكونُ: من جِهةِ طاعَتِه؛ لا: من جِهةِ مَعصِيَتِه.ثم: أبَانَ ذلك على لسانِ نبيِّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وبسَطَ الكلامَ فى شرْحِ ذلك.

٧

{ يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً }

١) وجوب الإيفاء بالعقود والمعاهدات

(أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: جِمَاعُ الوَفاءِ بالنَّذْرِ، والعَهْدِ -: كان بيمينٍ، أو غيرِها. - فى قول اللّه تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ} ؛ وفى قوله تعالى: { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} .. وقد ذكَر اللّه (عز وجل) الوفاءَ بالعقودِ:بالأيْمانِ؛ فى غيرِ ايةٍ: من كتابِه؛ منها: قولُه عز وجل: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللّه إِذَا عَاهَدتُّمْ}؛ ثم: {وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} الآية: ؛

وقال عز وجل: {ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللّه وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ} ؛ مع ما ذَكَر به الوفاءَ بالعهدِ.

قال الشافعى: هذا من سَعَةِ لسانِ العربِ الذى خُوطِبَتْ به؛ فظاهرُه عامٌّ على كل عَقْدٍ. ويُشْبِهُ (واللّه أعلم): أنْ يكونَ اللّه (تبارك وتعالى) أراد: أنْ يُوفُوا بكل عَقْدٍ -: كان بيمِينٍ، أو غيرِ يمِينٍ. - وكلِّ عَقْدِ نَذْرٍ: إذا كان فى العَقْدَيْن للّه طاعةٌ، أو لم يكنْ له -فيما أمَرَ بالوفاء منها – معصيةٌ..

٨

{ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }

١) عقائد (موادّة من حادَّ اللّه)

وقرأتُ فى كتاب. (السُّنَنِ) - رِوايةِ حَرْمَلَةَ بن يَحيَى، عن الشافعى رحمه اللّه -:

قال: قال اللّه عز وجل: {لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللّه عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ}، الآيتَيْن: .

قال: يُقالُ (واللّه أعلم): إنَّ بعضَ المسلمينَ تأثَّمَ من صِلةِ المشركينَ - أحْسَبُ ذلك: لَمَّا نزَل فرْضُ جِهادِهم، وقطعِ الوِلايَة بيْنهم وبيْنهم، ونزَل: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللّه وَرَسُولَهُ}، الآيةَ: . - فلمّا خافُوا أنْ تكونَ المَوَدَّةُ: الصِّلةَ بالمالِ، أُنزِل: {لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللّه عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ إِنَّ ٱللّه يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ ٱللّه عَنِ ٱلَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ} .

قال الشافعي (رحمه اللّه): وكانتْ الصِّلةُ بالمالِ، والبِرُّ، والإقْساطُ، ولِينُ الكلامِ، والمُرَاسَلةُ -: بحُكمِ اللّه. - غيرَ مانُهُوا عنه: من الوِلاَيَةِ لِمَن نُهُوا عن وِلاَيَتِه: معَ المُظاهَرَةِ على المسْلمينَ.وذلك: أنَّه أباحَ بِرَّ مَن لم يُظاهِرْ عليهم -: من المشركينَ. -والإقْساطَ إليهم؛ ولم يُحَرِّمْ ذلك: إلى مَن أظْهَرَ عليهم؛ بلْ: ذَكَر الذين ظاهرُوا عليهم، فنَهَاهُم: عن وِلايَتِهم. وكان الوِلايَةُ: غيرَ البِرِّ والإِقْساطِ.وكان النبىُّ (صلى اللّه عليه وسلم): فادَى بعضَ أسَارَى بَدْرٍ؛ وقد كان أبُو عَزَّةَ الجُمَحِىُّ: ممَّن مَنَّ عليه -: وقد كان مَعرُوفاً: بعَدَاوَتِه، والتَّأْلِيبِ عليه: بنفْسِه ولسانِه. - ومَنَّ بعدَ بَدْرٍ: على ثُمَامَةَ بنِ أُثَالٍ: وكان مَعرُوفاً: بعَدَاوَتِه؛ وأمَرَ: بقتْلِه؛ ثم مَنَّ عليه بعدَ إسَارِه. وأسْلَمَ ثُمَامَةُ، وحَبَسَ المِيرَةَ عن أهلِ مَكَّةَ: فسَألُوا رسولَ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، أنْ يَأذَنَ له: أنْ يَمِيرَهُم؛ فأذِن له: فَمارَهُم.وقال اللّه عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} ؛ والأسْرى يكونونَ: ممَّن حادَّ اللّه ورسوله..

٣٠

{ وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللّه إِنَّ ٱللّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

١) تفسير (مشيئة اللّه)

(أنا) أبو عبد اللّه محمد بن حيان القاضى. أنا محمد بن عبد الرحمن ابن زياد:

قال: أخبرنى أبو يحيى الساجى (أو فيما أجاز لى مشافهة)

قال: ثنا. الربيع، قال سمعت الشافعى يقول: فى كتاب اللّه (عز وجل) المشيئة له دون خلقه؛ والمشيئة: إرادة اللّه. يقول اللّه عز وجل: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللّه}  و . فاعلم خلقه: أن المشيئة له.

﴿ ٠