٢٥٨

عبد الرزاق قال نا معمر عن الكلبي وقتادة في قوله ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه قالا هو جبار اسمه نمرود وهو أول من تجبر في الأرض فحاج إبراهيم في ربه أن آتاه الملك أي أن آتى اللّه الجبار الملك وإذ قال إبراهيم ربي الذي يحى ويميت فقال ذلك الجبار فأنا أحيي وأميت يقول أنا أقتل من شئت وأحيي من شئت

عبد الرزاق قال نا بكار بن عبد اللّه قال سمعت وهب بن منبه يحدث قال لما خرج أو قال برز طالوت لجالوت قال جالوت أبرزوا إلي من يقاتلني فإن قتلني فلكم ملكي وإن قتلته فلي ملككم فأتى داود إلى طالوت فقاضاه إن قتله بأن ينكحه ابنته ويحكمه في ملكه قال فألبسه طالوت سلاحه فكرة داود أن يقاتله بسلاح وقال إن اللّه لم ينصرني عليه لم يغن السلاح شيئا فخرج إليه بالمقلاع وبمخلاة فيها أحجاره ثم برز إليه فقال جالوت أنت تقاتلني قال داود نعم قال ويلك ما خرجت إلي إلا كما يخرج للكلب بالمقلاع والحجارة لأبددن لحمك ولأطعمنه اليوم السباع والطير فقال له داود بل أنت عدو اللّه شر من الكلب فأخذ داود حجرا فرماه بالمقلاع فأصاب بين عينية حتى نفذت في

دماغه فصرع جالوت وانهزم من معه واحتز داود رأسه فلما رجعوا إلى طالوت ادعى الناس قتل جالوت فمنهم من يأتي بالسيف وبالشئ من سلاحه أو جسده وخبأ داود رأسه فقال طالوت من جاء برأسه فهو الذي قتله فجاء به داود ثم قال لطالوت أعطني ما وعدتني فندم طالوت على ما شرط له وقال إن بنات الملوك لا بد لهن من صداق وأنت رجل جرئ شجاع فاجعل لها صداقا ثلاث مائة غلفة من أعدائنا وكان يرجو بذلك أن يقتل داود فغزا داود فأسر ثلاث مائة وقطع غلفهم وجاء بها فلم يجد طالوت بدا من أن يزوجه فزوجه ثم أدركته الندامة فأراد قتل داود فهرب منه إلى الجبل فنهض إليه طالوت فحاصره فلما كان ذات ليلة سلط النوم على طالوت وحرسه فهبط إليهم داود فأخذ إبريق طالوت الذي يشرب به ويتوضأ وقطع شعيرات من لحيته وشيئا من هدب ثيابه ثم رجع داود إلى مكانه فناداه أن تعاهد حرسك فإني لو شئت أن أقتلك البارحة فعلت بآية أن هذا إبريقك وشئ من شعر لحيتك وهدب ثيابك وبعث به إليه فعلم طالوت أنه لو شاء قتله فعطفه ذلك عليه فأمنه وعاهده اللّه ألا يرى منه بأسا ثم انصرف ثم كان في آخر أمر طالوت أنه كان يدس لقتله وكان طالوت لا يقاتل عدوا إلا هزم حتى مات قال بكار وسئل وهب وأنا أسمع أنبيا كان طالوت يوحى إليه

فقال لا لم يأته وحي ولكن كان معه نبي يوحى إليه يقال له اسمويل لأن يوحى إليه هو الذي ملك طالوت حديث نمرود

عبد الرزاق قال نا معمر عن زيد بن أسلم أن أول جبار كان في الأرض نمرود قال وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام فخرج إبراهيم يمتار مع من يمتار قال فإذا مر به الناس قال من ربكم قالوا أنت حتى مر به إبراهيم قال من ربك قال الذي يحى ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن اللّه يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر قال فرده بغير طعام قال فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب رمل أعفر فقال ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي فتطيب نفوسهم حين أدخل عليهم فأخذ منه فأتى أهله قال فوضع متاعه ثم نام قال فقامت امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هو بأجود طعام رآه أحد فصنعت له منه فقربته إليه وكان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام فقال من أين هذا فقالت من الطعام الذي جئت به فعرف أن اللّه زرقة فحمد اللّه ثم بعث اللّه تعالى إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأتركك على ملكك قال فهل رب غيري قال فجاءه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه ثم أتاه الثالثة فأبى عليه فقال له الملك فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام فجمع الجبار جموعه

قال فأمر اللّه الملك ففتح عليه بابا من البعوض قال فطلعت الشمس فلم يروها من كثرها قال فبعثها اللّه تعالى عليهم فأكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم تبق إلا العظام والملك كما هو لم يصبه من ذلك شئ قال فبعث اللع عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربع مائة سنة يضرب رأسه بالمطارق وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه وكان جبارا أربع مائه سنة فعذبه اللّه أربع مائة سنة كملكه ثم أماته اللّه وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء فأتى اللّه بنيانه من القواعد وهو الذي قال اللّه تبارك وتعالى فأتى اللّه بنينهم من القواعد

﴿ ٢٥٨