٨ومن الناس من . . . . . الناس : اسم جمع لا واحد له من لفظه ، ومرادفه : أناسي ، جمع : إنسان أو إنسي . قد قالت العرب : ناس من الجن ، حكاه ابن خالويه ، وهو مجاز إذ أصله في بني آدم ، ومادته عند سيبويه رحمه اللّه والفراء : همزة ونون وسين ، وحذفت همزته شذوذاً ، وأصله أناس ونطق بهذا الأصل ، قال تعالى : { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } ، فمادته ومادة الإنس واحدة . وذهب الكسائي إلى أن مادته نون وواو وسين ، ووزنه فعل مشتق من النوس وهو الحركة ، يقال : ناس ينوس نوساً إذا تحرك ، والنوس : تذبذب الشيء في الهواء ، ومنه نوس القرط في الأذن وذلك لكثرة حركته . وذهب قوم إلى أنه من نسي ، وأصله نسي ثم قلب فصار نيس ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً فقيل : ناس ، ثم دخلت الألف واللام . والكلام على هذا الأقوال مذكور في علم التصريف . من : موصولة ، وشرطية ، واستفهامية ، ونكرة موصوفة ، وتقع على ذي العلم ، وتقع أيضاً على غير ذي العلم إذا عومل معاملة العالم ، أو اختلط به فيما وقعت عليه أو فيما فصل بها ، ولا تقع على آحاد ما لا يعقل مطلقاً خلافاً لزاعم ذلك . وأكثر لسان العرب أنها لا تكون نكرة موصوفة إلا في موضع يختص بالنكرة ، كقول سويد بن أبي كاهل : رب من أنضجت غيظاً صدره لو تمنى لي موتاً لم يطع ويقل استعمالها في موضع لا يختص بالنكرة ، نحو قول الشاعر : فكفى بنا فضلاً على من غيرنا حب النبي محمد إيانا وزعم الكسائي أن العرب لا تستعمل من نكرة موصوفة إلا بشرط وقوعها في موضع لا يقع فيه إلا النكرة ، وزعم هو وأبو الحسن الهنائي أنها تكون زائدة ، وقال الجمهور : لا تزاد . وتقع من على العاقل المعدوم الذي لم يسبقه وجود ، تتوهمه ، موجوداً خلافاً لبشر المريسي ، وفاقاً للقراء ، وصححه أصحابنا . فأما قول العرب : أصبحت كمن لم يخلق فنزيد : كمن قد مات ، وأكثر المعربين للقرآن متى صلح عندهم تقدير ما أو من بشيء جوزوا فيها أن تكون نكرة موصوفة ، وإثبات كون ما نكرة موصوفة يحتاج إلى دليل ، ولا دليل قاطع في قولهم : مررت بما معجب لك لإمكان الزيادة ، فإن اطرد ذلك في الرفع والنصب من كلام العرب ، كان سرني ما معجب لك وأحببت ما معجباً لك ، كان في ذلك تقوية لما دعى النحويون من ذلك ، ولو سمع لأمكنت الزيادة أيضاً لأنهم زادوا ما بين الفعل ومرفوعه والفعل ومنصوبه . الزيادة أمر ثابت لما ، فإذا أمكن ذلك فيها فينبغي أن يحمل على ذلك ولا يثبت لها معنى إلا بدليل قاطع . وأمعنت الكلام في هذه المسألة بالنسبة إلى ما يقع في هذا الكتاب من علم النحو لما ينبني على ذلك في فهم القرآن . القول : هو اللفظ الموضوع لمعنى وينطلق على اللفظ الدال على النسبة الإسنادية ، وهو الكلام وعلى الكلام النفساني ، ويقولون في أنفسهم : { لَوْلاَ يُعَذّبُنَا اللّه } ، وتراكيبه الست تدل على معنى الخفة والسرعة ، وهو متعد لمفعول واحد ، فإن وقعت جملة محكية كانت في موضع المفعول ، وللقول فصل معقود في النحو . |
﴿ ٨ ﴾