١٧

مثلهم كمثل الذي . . . . .

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّه بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّه بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ}

: المثل في أصل كلام العرب بمعنى المثل والمثيل ، كشبه وشبه وشبيه ، وهو النظير ، ويجمع المثل والمثل على أمثال . قال اليزيدي : الأمثال : الأشباه ، وأصل المثل الوصف ، هذا مثل كذا ، أي وصفه مساً ولو صف الآخر بوجه من الوجوه . والمثل : القول السائر الذي فيه غرابة من بعض الوجوه .

وقيل : المثل ، ذكر وصف ظاهر محسوس وغير محسوس ، يستدل به علي وصف مشابه له من بعض الوجوه ، فيه نوع من الخفاء ليصير في الذهن مساوياً للأول في الظهور من وجه دون وجه . والمقصود من ذكر المثل أنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفسه ، لأن الغرض من ضرب المثل تشبيه الخفي بالجلي ، والغائب بالشاهد ، فيتأكد الوقوف على ماهيته ويصير الحس مطابقاً للعقل . والذي : اسم موصول للواحد المذكر ، ونقل عن أبي علي أنه مبهم يجري مجرى مَن في وقوعه على الواحد والجمع . وقال الأخفش : هو مفرد ، ويكون في معنى الجمع ، وهذا شبيه بقول أبي علي ، وقال صاحب التسهيل فيه ، وقد ذكر الذين ، قال : ويغني عنه الذي في غير تخصيص كثيراً وفيه للضرورة قليلاً وأصحابنا يقولون : يجوز أن تحذف النون من الذين فيبقي الذي ، وإذا كان الذي لمفرد فسمع تشديد الياء فيه

مكسورة أو مضمومة ، وحذف الياء وإبقاء الذال مكسورة أو ساكنة ، وأكثر أصحابنا على أن تلك لغات في الذي . والاستيقاد : بمعنى الإيقاد واستدعاء ذلك ، ووقود النار ارتفاع لهيبها . والنار : جوهر لطيف مضيء حار محرق . لما : حرف نفي يعمل الجزم وبمعنى إلا ، وظرفاً بمعنى حين عند الفارسي ، والجواب عامل فيها إذ الجملة بعدها في موضع جر ، وحرف وجوب لوجوب عند سيبويه ، وهو الصحيح لتقدمها على ما نفي بما ، ولمجيء جوابها مصدراً بإذا الفجائية . الإضاءة : الإشراق ، وهو فرط الإنارة . وحوله : ظرف مكان لا يتصرف ،

ويقال : حوال بمعناه ، ويثنيان ويجمع أحوال ، وكلها لا تتصرف وتلزم الإضافة . الذهاب : الانطلاق . النور : الضوء من كل نير ونقيضة الظلمة ، ويقال نار ينور إذا نفر ، وجارية نوار : أي نفور ، ومنه اسم امرأة الفرزدق ، وسمي نوراً لأن فيه اضطراباً وحركة . الترك : التخلية ، أترك هذا أي خله ودعه ، وفي تضمينه معنى التصيير وتعديته إلى اثنين خلاف ، الأصح جواز ذلك . الظلمة : عدم النور ،

وقيل : هو عرض ينافي النور ، وهو الأصح لتعلق الجعل بمعنى الخلق به ، والإعدام لا توصف بالخلق ، وقد رده بعضهم لمعنى الظلم ، وهو المنع ، قال : لأن الظلمة تسد البصر وتمنع الرؤية . الإبصار : الرؤية .

﴿ ١٧