٣٣

قال يا آدم . . . . .

{قَالَ يَاءادَمُ ءادَمَ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ } : نادى آدم باسمه العلم ، وهي عادة اللّه مع أنبيائه ،

قال تعالى :{ قِيلَ يانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مّنَّا } ،{ قَالَ يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } ،{ أَن ياإِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا } ،{ أَن يامُوسَى إِنّى أَنَا اللّه } ،{ اللّه ياعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ } ، ونادى محمداً نبينا صلى اللّه عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء بالوصف الشريف من الإرسال والإنباء فقال :{ اللّه وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ }{ مُّنتَظِرُونَ ياأَيُّهَا النَّبِىّ} فانظر تفاوت ما بين هذا النداء وذاك النداء ، والضمير في أنبئهم عائد إلى الملائكة ، وفي بأسمائهم عائد على المعروضين على الخلاف السابق . قال القشيري : من آثار العناية بآدم عليه السلام لما قال للملائكة : أنبئوني ، داخلهم من هيبة الخطاب ما أخذهم عنهم ، لا سيما حين طالبهم بإنبائهم إياه ما لم تحط بهم علمومهم . ولما كان حديث آدم رده في الإنباء إليهم فقال :{ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ } ، ومخاطبة آدم للملائكة لم توجب الاستغراق في الهيبة . فلما أخبرهم آدم عليه السلام بأسماء ما تقاصرت عنه علومهم ، ظهرت فضيلته عليهم فقال :{ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ } ، يعني ما تقاصرت عنه علوم الخلق وأعلم ما تبدون من الطاعات وتكتمون من اعتقاد الخيرية على آدم . انتهى كلام القشيري .

والجملة المفتتحة بالقول إذا كانت مرتباً بعضها على بعض في المعنى ، فالأصح في لسان العرب أنها لا يؤتى فيها بحرف ترتب ، اكتفاء بالتريب المعنوي ، نحو قوله تعالى :{ قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا } ، أتى بعده ، { قَالَ إِنّي أَعْلَمُ } ، ونحو :{ قَالُواْ سُبْحَانَكَ } ،{ قَالَ يَاءادَمُ ءادَمَ أَنبِئْهُم } ، ونحو :{ قَالَ لاَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّه } ،{ قَالَ أَنَّى يُحْىِ هَاذِهِ اللّه } ،{ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } ،{ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ } ،{ قَالَ أُوْحِى لَّمْ تُؤْمِنُواْ قَالَ بَلَى وَلَاكِن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى } ،{ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطَّيْرِ} وقد جاء في سورة الشعراء من ذلك عشرون موضعاً في قصة موسى ، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام ، في إرساله إلى فرعون ومحاورته معه ، ومحاورة السحرة ، إلى آخر القصة ، دون ثلاثة ، جاء منها اثنان جواباً وواحد كالجواب ، ونحو هذا في القرآن كثير .

وقرأ الجمهور : أنبئهم بالهمز وضم الهاء ، وهذا الأصل كما تقول : أكرمهم . وروي عن ابن عباس : أنبئهم بالهمز وكسر الهاء ، ووجهه أنه أتبع حركة الهاء لحركة الباء ، ولم يعتد بالهمزة لأنها ساكنة ، فهي حاجز غير حصين . وقرىء : أنبيهم ، بإبدال الهمزة وكسر الهاء .

وقرأ الحسن والأعرج وابن كثير من طريق القواس : أنبهم ، على وزن أعطهم ، قال ابن جني : هذا على إبدال الهمزة ياء ، على أنك تقول : أنبيت ، كأعطيت ، قال : وهذا ضعيف في اللغة لأنه بدل لا تخفيف . والبدل عندنا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر . انتهى كلام أبي الفتح . وما ذكر من أنه لا يجوز إلا في ضرورة الشعر ليس بصحيح .

حكى الأخفش في الأوسط : أن العرب تحول من الهمزة موضع اللام ياء ، فيقولون : قريت ، وأخطيت ، وتوضيت ، قال : وربما حولوه إلى الواو ، وهو قليل

نحو : رفوت ، والجيد : رفأت ، ولم أسمع : رفيت . انتهى كلام الأخفش . ودل ذلك على أنه ليس من ضرائر الشعر ، كما ذكر أبو الفتح ، وهو قوله تعالى : { أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ} وقوله :{ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِم } : جملة محذوفة ، التقدير : فأنبئهم بها ، فلما أنبأهم حذفت لفهم المعنى ،

وفي قوله : أنبئوني ، فلما أنبأهم تنبيه على إعلام اللّه أنه قد أعلم اللّه أنه قد أعلم آدم من أحوالهم ما لم يعلمهم من حاله ، لأنهم رأوه قبل النفخ مصوراً ، فلم يعلموا ما هو ، وعلى أنه رفع درجة آدم عندهم ، لكونه قد علم لآدم ما لم يعلمهم ، وعلى إقامته مقام المفيد المعلم ، وإقامتهم مقام المستفيدين منه ، لأنه أمره أن يعلمهم أسماء الذين عرضهم عليهم وعلى أدبهم على ترك الأدب من حيث قالوا :{ أَتَجْعَلُ فِيهَا } ، فإن الطواعية المحضة ويكونوا مع عدم العلم بالحكمة فيما أمروا به ، وعدم الاطلاع على ذلك الأمر ومصلحته ومفسدته كهم مع العلم والاطلاع . وكان الامتثال والتسليم ، بغير تعجب ولا استفهام ، أليق بمقامهم لطهارة ذواتهم وكمال صفاتهم .

وفي كتاب بعض من عاصرناه ، قالت المعتزلة : ظهر من آدم عليه السلام في علمه بالأسماء معجزة دالة على نبوته في ذلك الوقت ، والأقرب أنه كان مبعوثاً إلى حواء ، ولا يبعد أن يكون أيضاً مبعوثاً إلى من توجه التحدي إليهم من الملائكة ، لأن جميعهم ، وإن كانوا رسلاً ، فقد يجوز الإرسال إلى الرسول ، كبعثه إبراهيم عليه السلام إلى لوط عليه السلام ، واحتجوا بكونه ناقضاً للعادة . ولقائل أن يقول : حصول العلم باللغة لمن علمه اللّه وعدم حصوله لمن لم يعلم ليس بناقض للعادة . وأيضاً ، فالملائكة أما إن علموا وضع تلك الأسماء للمسميات فلا مزية أو لا ، فكيف علموا إصابته في ذلك ؟ والجواب من وجهين :

أحدهما : أنه ربما يكون لكل صنف منهم لغة ، ثم حضر جميعهم فعرف كل صنف إصابته في تلك اللغة ، إلا أنهم بأسرهم عجزوا عن معرفتها بأسرها .

الثاني : أن اللّه عرفهم الدليل على صدقه ، ولم لا يكون من باب الكرامات أو من باب الإرهاص ؟ واحتج من قال : لم يكن نبياً ، بوجوه :

أحدها : صدور المعصية عنه بعد ، وذلك غير جائز على النبي . وثانيها : أنه لو كان مبعوثاً لكان إلى أحد ، لأن المقصود منه التبليغ ، وذلك لا يكون الملائكة ، لأنهم أفضل ، ولا حوّاء ، لأنها مخاطبة بلا واسطة بقوله :{ وَلاَ تَقْرَبَا } ، ولا الجن ، لأنهم لم يكونوا في السماء . وثالثها : قوله :{ ثُمَّ اجْتَبَاهُ } ، وهذا يدل على أن الاجتباء كان بعد الزلة ، والنبي لا بد أن يكون مجتبى وقت كونه نبياً .

{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ } ؛ جواب فلما ، وقد تقدّم ذكر الخلاف في لما المقتضية للجواب ، أي حرف أم ظرف ؟ ورجحنا الأول وذكرنا أنه مذهب سيبويه . وألم : أقل تقرير ، لأن الهمزة إذا دخلت على النفي كان الكلام في كثير من المواضع تقريراً نحو قوله تعالى :{ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ } ؟{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } ؟{ أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيداً } ؟ ولذلك جاز العطف على جملة إثباتية نحو : ووضعنا ، ولبثت ، ولكم فيه ، تنبيههم بالخطاب وهزهم لسماع المقول ، نحو قوله :{ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً } نبهه في الثانية بالخطاب . وقد تقدم أن اللام في نحو : قلت لك ، أو لزيد ، للتبليغ ، وهو أحد المعاني التي ذكرناها فيها .{ إِنِي أَعْلَمُ } : ياء المتكلم المتحرك ما قبلها ، إذا لقيت همزة القطع المفتوحة ، جاز فيها وجهان : التحريك والإسكان ، وقرىء بالوجهين في السبعة ، على اختلاف بينهم في بعض ذلك ، وتفصيل ذلك مذكور في كتب القراءات . وسكنوا في السبعة إجماعاً تفتني إلا ، { أَرِنِى أَنظُرْ } ،{ فَاتَّبِعْنِى أَهْدِكَ }{ وَتَرْحَمْنِى أَكُن } ، ولا يظهر بشيء من اختلافهم واتفاقهم علة إلا اتباع الرواية . والخلاف الذي تقدم في أعلم من كونه منصوباً أو مجروراً جاز هنا ، وقد تقدم إيضاحه هناك فلا نعيده هنا .

وقد حكى ابن عطية عن المهدوي ما نصه : قال المهدوي : ويجوز أن يكون قوله : أعلم اسماً بمعنى التفضيل

في العلم ، فتكون ما في موضع خفض بالإضافة .

قال ابن عطية : وإذا قدر الأول اسماً ، فلا بد من إضمار فعل ينصب غيب ، تقديره : إني أعلم من كل أعلم غيب ، وكونها في الموضعين فعلاً مضارعاً أخصر وأبلغ . انتهى . وما نقله ابن عطية عن المهدوي وهم . والذي ذكر المهدوي في تفسيره ما نصه : { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } ، يجوز أن ينتصب ما بأعلم على أنه فعل ، ويجوز أن يكون بمعنى عالم ، أو يكون ما جراً بالإضافة ، ويجوز أن يقدر التنوين في أعلم إذا قدرته بمعنى عالم وتنصب ما به ، فيكون بمعنى حواج بيت اللّه ، انتهى . فأنت ترى أنه لم يذهب إلى أن أفعل للتفضيل وأنه لم يجز الجر في ما والنصب ، وتكون أفعل اسماً إلا إذا كان بمعنى فاعل لا أفعل تفضيل ، ولا يمكن أن يقال ما نقله ابن عطية عن المهدوي من جواز أن يكون أعلم أفعل بمعنى التفضيل ، وخفض ما بالإضافة ألبتة .

{غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ } : تقدم الكلام على هذه الألفاظ الثلاثة ، واختلف في الغيب هنا ، فقيل : غيب السموات : كل آدم وحواء من الشجرة ، لأنها أول معصية وقعت في السماء ، وغيب الأرض : قتل قابيل هابيل ، لأنها أول معصية كانت في الأرض .

وقيل : غيب السموات ما قضاه من أمور خلقه ، وغيب الأرض ما فعلوه فيها بعد القضاء .

وقيل : غيب السموات ما غاب عن ملائكته المقربين وحملة عرشه مما استأثر به تعالى من أسرار الملكوت الأعلى ، وغيب الأرض ما أخفاه عن أنبيائه وأصفيائه من أسرار ملكوته الأدنى وأمور الآخرة الأولى .

{وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } قال علي وابن مسعود وابن عباس ، رضوان اللّه عليهم أجمعين : ما تبدون : الضمير للملائكة ، وما كنتم تكتمون : يعني إبليس . فيكون من خطاب الجمع ، ويراد به الواحد نحو :{ إَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} وروي أن إبليس مرّ على جسد آدم بين مكة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح فقال : لأمر مّا خلق هذا ، ثم دخل من فيه وخرج من دبره وقال : إنه خلق لا يتمالك لأنه أجوف ، ثم قال للملائكة الذين معه : أرأيتم إن فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ما تصنعون ؟ قالوا : نطيع اللّه ، فقال إبليس في نفسه : واللّه لئن سلّطت عليه لأهلكنه ، ولئن سلّط علي لأعصينه ، فهذا قوله تعالى :{ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } الآية ، يعني : من قول الملائكة وكتم إبليس . وقال الحسن وقتادة : ما أبدوه هو قولهم :{ أَتَجْعَلُ فِيهَا وَمَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ وَقُل رَّبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا } ، وما كتموه أضمروه من الطاعة للّه والسجود لآدم .

وقيل : ما أبدوه هو الإقرار بالعجز ، وما كتموه الكراهية لاستخلاف آدم عليه السلام .

وقيل : هو عام فيما أبدوه وما كتموه من كل أمورهم ، وهذا هو الظاهر . وأبرز الفعل في قوله :{ وَاعْلَمْ } ليكون متعلقه جملة مقصودة بالعامل ، فلا يكون معمولها مندرجاً تحت الجملة الأولى ، وهو يدل على الاهتمام بالإخبار ، إذ جعل مفرداً بعامل غير العامل ، وعطف قوله { وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } هو من باب الترقي في الإخبار ، لأن علم اللّه تعالى واحد لا تفاوت فيه بالنسبة إلى شيء من معلوماته ، جهراً كان أو سراً ، ووصل ما بكنتم يدل على أن الكتم وقع فيما مضى ، وليس المعنى أنهم كتموا عن اللّه لأن الملائكة أعرف باللّه وأعلم ، فلا يكتمون اللّه شيئاً ، وإنما المعنى أنه هجس في أنفسهم شيء لم يظهره بعضهم لبعض ، ولا أطلعه عليه ، وإن كان المعنى إبليس ، فقد تقدم أنه قال في نفسه : ما حكيناه قيل عنه ، فكتم ذلك عن الملائكة . وقد تضمن آخر هذه الآية من علم البديع الطباق وهو قوله :{ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لاًّدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }

قوله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لاِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } السجود : التذلل والخضوع ، وقال ابن السكيت : هو الميل ،

وقال بعضهم : سجد وضع جبهته بالأرض ، وأسجد : ميل رأسه وانحنى ، وقال الشاعر :

ترى ألا كم فيها سجداً للحوافر

يريد أن الحوافر تطأ الأكم ، فجعل تأثر الأكم للحوافر سجوداً مجازاً ، وقال آخر :

كما سجدت نصرانة لم تحنف

وقال آخر :

سجود النصارى لأحبارها

يريد الإنحناء .

إبليس : اسم أعجميّ منع الصرف للعجمة والعلمية ، قال الزجاج : ووزنه فعليل ، وأبعد أبو عبيدة وغيره في زعمه أنه مشتق من الإبلاس ، وهو الإبعاد من الخير ، ووزنه على هذا ، فعيل ، لأنه قد تقرر في علم التصريف أن الاشتقاق العربي لا يدخل في الأسماء الأعجمية ، واعتذر من قال بالاشتقاق فيه عن منع الصرف بأنه لا نظير له في الأسماء ، وردّ بإغريض ، وإزميل ، وإخريط ، وإجفيل ، وإعليط ، وإصليت ، وإحليل ، وإكليل ، وإحريض . وقد قيل : شبه بالأسماء الأعجمية ، فامتنع الصرف للعلمية ، وشبه العجمة ، وشبه العجمة هو أنه وإن كان مشتقاً من الإبلاس فإنه لم يسم به أحد من العرب ، فصار خاصاً بمن أطلقه اللّه عليه ، فكأنه دليل في لسانهم ، وهو علم مرتجل . وقد روي اشتقاقه من الإيلاس عن ابن عباس والسدي ، وما إخاله يصح . الإباء : الامتناع ، قال الشاعر :

وأما أن تقولوا قد أبينا

فشرّ مواطن الحسب الإباء

والفعل منه : أبي يأبى ، ولما جاء مضارعه على يفعل بفتح العين وليس بقياس أمرى ، كأنه مضارع فعل بكسر العين ، فقالوا فيه : يئبى بكسر حرف المضارعة ، وقد سمع فيه أبي بكسر العين فيكون يأبى على هذه اللغة قياساً ، ووافق من قال أبي بفتح العين على هذه اللغة . وقد زعم أبو القاسم السعدي أن أبى يأتي بفتح العين لا خلاف فيه ، وليس بصحيح ، فقد حكى أبى بكسر العين صاحب المحكم . وقد جاء يفعل في أربعة عشر فعلاً وماضيها فعل ، وليست عينه ولا لامه حرف حلق . وفي بعضها سمع أيضاً فعل بكسر العين ، وفي بعض مضارعها سمع أيضاً يفعل ويفعل بكسر العين وضمها ، ذكرها التصريفيون . الاستكبار والتكبر : وهو مما جاء فيه استفعل بمعنى تفعل ، وهو أحد المعاني الإثنى عشر التي جاءت لها استفعل ، وهي مذكورة في شرح نستعين .

﴿ ٣٣