٦٢إن الذين آمنوا . . . . . هاد : ألفه منقلبة عن واو ، والمضارع يهود ، ومعناه : تاب ، أو عن ياء والمضارع يهيد ، إذا تحرك . والأولى الأول لقوله تعالى : { إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} وسيأتي الكلام على لفظه اليهود حيث انتهينا إليها في القرآن ، إن شاء اللّه تعالى . والنصارى : جمع نصران ونصرانه ، مثل ندمان وندمانة . قال سيبويه وأنشد : وكلتاهما خرت وأسجد رأسها كما سجدت نصرانة لم تحنف وأنشد الطبري : يظل إذا دار العشي محنفا ويضحى لديه وهو نصران شامس منع نصرانا الصرف ضرورة ، وهو مصروف لأن مؤنثه على نصرانه . قال سيبويه : إلا أنه لا يستعمل في الكلام إلا بياء النسب ، فيكون : كلحيان ولحياني وكأحمري . وقال الخليل : واحد النصارى نصرى ، كمهرى ومهاري . قيل : وهو منسوب إلى نصرة ، قرية نزل بها عيسى . وقال قتادة : نسبوا إلى ناصرة ، وهي قرية نزلوها . فعلى هذا يكون من تغييرات النسب . والصابئين : الصائبون ، قيل : الخارجون من دين مشهور إلى غيره ، من صبوء السن والنجم ، يقال : صبأت النجوم : طلعت ، وصبأت ثنية الغلام : خرجت ، وصبأت على القوم بمعنى : طرأت ، قال : إذا صبأت هوادي الخيل عنا حسبت بنحرها شرق البعير ومن قرأ بغير همز فسنتكلم على قراءته . قال الحسن والسدي : هم بين اليهود والمجوس . وقال قتادة : والكلبي : هم بين اليهود والنصارى ، يحلقون أوساط رؤوسهم ويجبون مذاكيرهم . وقال الخليل : هم أشباه النصارى ، قبلتهم مهب الجنوب ، يقرون بنوح ، ويقرؤون الزبور ، ويعبدون الملائكة . وقال عبد العزيز بن يحيى : لا عن منهم ولا أثر . وقال المغربي ، عن الصابي صاحب الرسائل : هم قريب من المعتزلة ، يقولون بتدبير الكواكب . وقال مجاهد : هم قوم لا دين لهم ، ليسوا بيهود ولا نصارى . قال ابن أبي نجيح : قوم تركب دينهم بين اليهودية والمجوسية ، لا تؤكل ذبائحهم . وقال ابن زيد : قوم يقولون لا إلاه إلا اللّه ، وليس لهم عمل ولا كتاب ، كانوا بالجزيرة والموصل . وروي عن الحسن وقتادة أيضاً أنهم قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون الخمس للقبلة ، ويقرؤون الزبور ، رآهم زياد بن أبي سفيان ، فأراد وضع الجزية عنهم حتى عرف أنهم يعبدون الملائكة . وقال ابن عباس : هم قوم من اليهود والنصارى ، لا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبائحهم . وقال أبو العالية : قوم من أهل الكتاب ، ذبائحهم كذبائح أهل الكتاب ، يقرؤون الزبر ، ويخالفونهم في بقية أفعالهم . وقال الحسن والحكم : قوم كالمجوس . وقيل : قوم موحدون يعتقدون تأثير النجوم ، وأنها فعالة . وأفتى أبو سعيد الأصطخري القادر باللّه حين سأله عنهم بكفرهم . وقيل : قوم يعبدون الكواكب ، ثم لهم قولان : أحدهما : أن خالق العالم هو اللّه ، إلا أنه أمر بتعظيم الكواكب واتخاذها قبلة للصلاة والتعظيم والدعاء . الثاني : أنه تعالى خلق الأفلاك والكواكب ، ثم إن الكواكب هي المدبرة لما في هذا العالم من الخير والشر والصحة والمرض ، فيجب على البشر تعظيمها لأنها هي الآلهة المدبرة لهذا العالم ، ثم إنها تعبد اللّه ، وهذا المذهب هو المنسوب للذين جاءهم إبراهيم عليه السلام راداً عليهم . الأجر : مصدر أجر بأجر ، ويطلق على المأجور به ، وهو الثواب . والأجور : جبر كسر معوج ، والأجار : السطح ، قال الشاعر : تبدوا هواديها من الغبار كالجيش الصف على الإجار الرفع : معروف ، وهو أعلى الشيء ، والفعل منه رفع يرفع ، الطور : اسم لكل جبل ، قال مجاهد وعكرمة وقتادة . أو الجبل المنبت دون غير المنبت ، قاله ابن عباس والضحاك ، أو الجبل الذي ناجى اللّه عليه موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام . وقال العجاج : دانى جناحيه من الطور فر تقضي البازي إذا البازي كسر وقال آخر : وإن تر سلمى الجن يستأنسوا بها وإن ير سلمى صاحب الطور ينزل وأصله الناحية ، ومنه طوار الدار . وقال مجاهد : هو جنس الجبل بالسريانية . القوة : الشدّة ، وهي مصدر قوي يقوى ، وطيء تقول : قوي ، يفتحون العين والتاء مفتوحة فتنقلب ألفاً ، يقولون في بقي : بقى ، وفي زهي : زها ، وقد يوجد ذلك في لغة غيرهم . قال علقمة بن عبدة التميمي : زها الشوق حتى ظل إنسان عينه يفيض بمغمور من الدمع متأف وهذه المادة قليلة ، وهي أن تكون العين واللام واوين . التولي : الإعراض بعد الإقبال . لولا : للتحضيض بمنزلة هلا ، فيليها الفعل ظاهراً أو مضمراً ، وحرف امتناع لوجود فيكون لها جواب ، ويجيء بعدها اسم مرفوع بها عند الفراء ، وبفعل محذوف عند الكسائي ، وبالابتداء عند البصريين ، والخبر محذوف عند جمهورهم ، وعند بعضهم فيه تفصيل ذكرناه في { منهج السالك} من تأليفنا ، وليست جملة الجواب الخبر ، خلافاً لأبي الحسين بن الطراوة ، وإن وقع بعدها مضمر فيكون ضمير رفع مبتدأ عند البصريين ، ويجوز أن يقع بعدها ضمير الجرّ فتقول : لولاني ولولاك ولولاه ، إلى آخرها ، وهو في موضع جر بلولا عند سيبويه ، وفي موضع رفع عند الأخفش ، استعير ضمير الجر للرفع ، كما استعاروا ضمير الرفع للجر في قولهم : ما أنا كانت ، ولا أنت كانا . والترجيح بين المذهبين مذكور في النحو . ومن ذهب إلى أن لولا نافية ، وجعل من ذلك { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ } ، فبعيد قوله عن الصواب . السبت : اسم ليوم معلوم ، وهو مأخوذ من السبت الذي هو القطع ، أو من السبات ، وهو الدعة والراحة ، وقال أبو الفرج بن الجوزي : هذا خطأ لا يعرف في كلام العرب سبت بمعنى استراح ، والسبت : الحلق والسير ، قال الشاعر : بمقوّرة الألياط أمّا نهارها فسبت وأمّا ليلها فذميل والسبت : النعل ، لأنه يقطع كالطحن والرعي . قال ابن جريج : سمي يوم السبت لأنه قطعة زمان ، قال لبيد : وغنيت سبتاً قبل مجرى داحس لو كان للنفس اللحوح خلود القرد : معروف ، ويجمع فعل الاسم قياساً على فعول نحو : قرد وقرود ، وجسم وجسوم ، وقليلاً على فعلة نحو : قرد وقردة ، وحسل وحسلة . الخسىء : الصغار والطرد ، والفعل : خسأ ، ويكون لازماً ومتعدّياً ، يقال : خسأ الكلب خسوا : ذل وبعد ، وخسأته : طردته وأبعدته ، خسأ : كرجع رجوعاً ، ورجعته رجعاً . النكال : العبرة ، وأصله المنع ، والنكل : القيد . وقال مقاتل : النكال : العقوبة اليد : عضو معروف أصله يدي ، وقد صرّح بهذا الأصل ، وقد أبدلوا ياءه همزة قالوا : قطع اللّه أديه : يريدون يديه ، وجمعت على أفعل ، قالوا : أيد ، أصله : أيدي ، وقد استعملت للنعمة والإحسان . وأما الأيادي فهو في الحقيقة جمع جمع ، واستعماله في النعمة أكثر من استعماله للجارحة ، كما أن استعمال الأيدي في الجارحة أكثر منه في النعمة . خلف : ظرف مكان مبهم ، وهو متوسط التصرف ، ويكون أيضاً وصفاً ، يقال رجل خلف : بمعنى رديء ، وسكت ألفاً ونطق خلفاً : أي نطقاً رديئاً . موعظة : مفعلة ، من الوعظ ، والوعظ : الإذكار بالخير بما يرق له القلب ، وكسر عين الكلمة فيما كان على هذا الوزن وعلى مفعل هو القياس ، وقد شذ : موءلة وكلم ، ذكرها النحويون جاءت مفتوحة العين . قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ } الآية . نزلت في أصحاب سلمان ، وذلك أنه صحب عباداً من النصارى ، فقال له أحدهم : إن زمان نبي قد أظل ، فإن لحقته فآمن به . ورأى منهم عبادة عظيمة ، فلما جاء النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ذكر له خبرهم وسأله عنهم ، فنزلت هذه الآية ، حكى هذه القصة مطوّلة ابن إسحاق والطبري والبيهقي . وروي عن ابن عباس أنها نزلت في أوّل الإسلام ، وقدر اللّه بها أن من آمن بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، ومن بقي على يهوديته ونصرانيته وصابئيته ، وهو مؤمن باللّه واليوم الآخر ، فله أجره ، ثم نسخ ما قدر من ذلك بقوله :{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} وردّت الشرائع كلها إلى شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم. وقال غير ابن عباس : ليست بمنسوخة ، وهي فيمن ثبت على إيمانه بالنبي صلى اللّه عليه وسلم. وروى الواحدي ، بإسناد متصل إلى مجاهد ، قال : لما قص سلمان على النبي صلى اللّه عليه وسلم قصة أصحابه ، وقال له هم في النار ، قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت إلى { يَحْزَنُونَ } ، قال : فكأنما كشف عني جبل . ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما ذكر الكفرة من أهل الكتاب ، وما حل بهم من العقوبة ، أخبر بما للمؤمنين من الأجر العظيم ، دالاً على أنه يجزي كلاً بفعله ، والذين آمنوا منافقوا هذه الأمّة ، أي آمنوا ظاهراً ، ولهذا قرنهم بمن ذكر بعدهم ، ثم بين حكم من آمن ظاهراً وباطناً ، قاله سفيان الثوري أو المؤمنون بالرسول . ومن آمن : معناه من داوم على إيمانه ، وفي سائر الفرق : من دخل فيه ، أو الحنيفيون ممن لم يلحق الرسول : كزيد بن عمرو بن نفيل ، وقيس بن ساعدة ، وورقة بن نوفل ، ومن لحقه : كأبي ذر ، وسلمان ، وبحيرا . ووفد النجاشي الذين كانوا ينتظرون المبعث ، فمنهم من أدرك وتابع ، ومنهم من لم يدركه ، والذين هادوا كذلك ، ممن لم يلحق إلا من كفر بعيسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، والنصارى كذلك ، والصابئين كذلك ، قاله السدّي أو أصحاب سلمان ، وقد سبق حديثهم ، أو المؤمنون بعيسى قبل أن يبعث الرسول ، قاله ابن عباس ، أو المؤمنون بموسى ، وعملوا بشريعته إلى أن جاء عيسى فآمنوا به وعملوا بشريعته ، إلى أن جاء محمد ، قاله السدي عن أشياخه ، أو مؤمنوا الأمم الخالية ، أو المؤمنون باللّه وملائكه وكتبه ورسله من سائر الأمم . فهذه ثمانية أقوال في المعنى بالذين آمنوا والذين هادوا وهم اليهود . وقرأ الجمهور : هادوا بضم الدال . وقرأ أبو السماك العدوي : بفتحها من المهاداة ، قيل :أي مال بعضهم إلى بعض ، فالقراءة الأولى مادتها هاء وواو ودال ، أو هاء وياء ودال ، والقراءة الثانية مادتها هاء ودال وياء ، ويكون فاعل من الهداية ، وجاء فيه فاعل موافقة فعل ، كأنه قيل : والذين هدوا ، أي هدوا أنفسهم نحو : جاوزت الشيء بمعنى جزته .{ وَالنَّصَارَى } : الألف للتأنيث ، ولذلك منع الصرف في قوله :{ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى } ، وهذا البناء ، أعني فعالى ، جاء مقصوراً جمعاً ، وجاء ممدوداً مفرداً ، وألفه للتأنيث أيضاً نحو : بركاء . وقرأ الجمهور : والصابئين مهموزاً ، وكذا والصابئون ، وتقدم معنى صبأ المهموز . وقرأ نافع : بغير همز ، فيحتمل وجهين أظهرهما أن يكون من صبأ : بمعنى مال ، ومنه قول الشاعر : إلى هند صبا قلبي وهند مثلها يصبي والوجه الآخر يكون أصله الهمز ، فسهل بقلب الهمز ألفاً في الفعل وياء في الاسم ، كما قال الشاعر : إن السباع لتهدي في مرابضها والناس ليس بهاد شرهم أبدا وقال الآخر : وكنت أذل من وتد بقاع يشجج رأسه بالفهرواج وقال آخر : فارعى فزارة لا هناك المرتع إلا أن قلب الهمزة ألفاً يحفظ ولا يقاس عليه . وأما قلب الهمزة ياء فبابه الشعر ، فلذلك كان الوجه الأول أظهر . وذكر بعض المفسرين مسائل من أحكام اليهود والنصارى . { وَالصَّابِئِينَ } : لا يدل عليها لفظ القرآن هنا ، فلم يذكرها ، وموضعها كتب الفقه . . {مَنْ ءامَنَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الاْخِرِ } ، من : مبتدأة ، ويحتمل أن تكون شرطية ، فالخبر الفعل بعدها ، وإذا كانت موصولة ، فالخبر قوله :{ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ } ، ودخلت الفاء في الخبر ، لأن المبتدأ الموصول قد استوفى شروط جواز دخول الفاء في الخبر ، وقد تقدم ذكرها . واتفق المعربون والمفسرون على أن الجملة من قوله :{ مَنْ ءامَنَ } في موضع خبر إن إذا كان من مبتدأ ، وإن الرابط محذوف تقديره : من آمن منهم ، ولا يتم ما قالوه إلا على تغاير الإيمانين ، أعني : الذي هو صلة الذين ، والذي هو صلة من ، إما في التعليق ، أو في الزمان ، أو في الإنشاء والاستدامة . وأما إذا لم يتغايرا ، فلا يتم ذلك ، لأنه يصير المعنى : إن الذين آمنوا : من آمن منهم ، ومن كانوا مؤمنين ، لايقال : من آمن منهم إلا على التغاير بين الإيمانين . وذهب بعض الناس إلى أن ذلك على الحذف ، وأن التقدير : أن الذين آمنوا لهم أجرهم عند ربهم ، والذين هادوا والصابئين والنصارى من آمن منهم ، أي من الأصناف الثلاثة ، فلهم أجرهم ، وذلك لما لم يصلح أن يكون عنده من آمن خبراً عن الذين آمنوا ، ومن بعدهم . ومن أعرب من مبتدأ ، فإنما جعلها شرطية . وقد ذكرنا جواز كونها موصولة ، وأعربوا أيضاً من بدلاً ، فتكون منصوبة موصولة . قالوا : وهي بدل من اسم إن وما بعده ، ولا يتم ذلك أيضاً إلا على تقدير تغاير الإيمانين ، كما ذكرنا ، إذا كانت مبتدأة . والذي نختاره أنها بدل من المعاطيف التي بعد اسم إن ، فيصح إذ ذاك المعنى ، وكأنه قيل : إن الذين آمنوا من غير الأصناف الثلاثة ، ومن آمن من الأصناف الثلاثة ، فلهم أجرهم . ودخلت الفاء في الخبر ، لأن الموصول ضمن معنى الشرط ، ولم يعتد بدخول إن على الموصول ، وذلك جائز في كلام العرب ، ولا مبالاة بمن خالف في ذلك . ومن زعم أن من آمن معطوف على ما قبله ، وحذف منه حرف العطف ، التقدير : ومن آمن باللّه فقوله بعيد عن الصواب ، ولا حاجة تدعو إلى ذلك ، وقد اندرج في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالرسل ، إذ البعث لا يعرف إلا من جهة الرسل . {وَعَمِلَ صَالِحَاً } : هو عام في جميع أفعال الصلاح وأقوالها وأداء الفرائض ، أو التصديق بمحمد صلى اللّه عليه وسلم أقوال . الثاني يروى عن ابن عباس ، وقد حمل الصلة أو فعل الشرط والمعطوف على لفظ من ، فأفرد الضمير في آمن وعمل ثم قال :{ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ } إلى آخر الآية ، فجمع حملاً على المعنى . وهذان الحملان لا يتمان إلا بإعراب من مبتدأ ، وأما على إعراب من بدلاً ، فليس فيه إلا حمل على اللفظ فقط . وللحمل على اللفظ والمعنى قيود ذكرت في النحو . قال أبو محمد بن عطية : وإذا جرى ما بعد على اللفظ فجائز أن يخالف به بعد على المعنى ، وإذا جرى ما بعدها على المعنى ، لم يجز أن يخالف به بعد على اللفظ ، لأن الإلباس يدخل في الكلام . انتهى كلامه . وليس كما ذكر ، بل يجوز إذا راعيت المعنى أن تراعي اللفظ بعد ذلك . لكنّ الكوفيين يشترطون الفصل في الجمع بين هذه الحملين فيقولون : من يقومون في غير شيء ، وينظر في أمورنا قومك والبصريون لا يشترطون ذلك ، وهذا على ما قرر في علم العربية : تروى الأحاديث عن كل مسامحة وإنما لمعانيها معانيها وأجرهم : مرفوع بالابتداء ، ولهم في موضع الخبر . وعند الأخفش والكوفيين : إن أجرهم مرفوع بالجار والمجرور .{ عِندَ رَبّهِمْ } : ظرف يعمل فيه الاستقرار الذي هو عامل في لهم ، ويحتمل أن ينتصب على الحال ، والعامل فيه محذوف تقديره : كائناً عند ربهم . وقرأ الجمهور :{ وَلاَ خَوْفٌ } ، بالرفع والتنوين . وقرأ الحسن : ولا خوف ، من غير تنوين . وقد تقدم الكلام على قوله :{ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } في آخر قصة آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، فأغنى عن إعادته هنا . ومناسبة ختم هذه الآية بها ظاهره ، لأن من استقر أجره عند ربه لا يلحقه حزن على ما مضى ، ولا خوف على ما يستقبل . قال القشيري : اختلاف الطرق مع اتحاذ الأصل لا يمنع من حسن القبول ، فمن صدق اللّه تعالى في إيمانه ، وآمن بما أخبر به من حقه وصفاته ، فاختلاف وقوع الاسم غير قادح في استحقاق الرضوان . |
﴿ ٦٢ ﴾