٦٧وإذ قال موسى . . . . . البقرة : الأنثى من هذا الحيوان المعروف ، وقد يقع على الذكر . والباقر والبقير والبيقور والباقور ، قالوا : وإنما سميت بقرة لأنها تبقر الأرض ، أي تشقها للحرث ، ومنه سمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : الباقر . وكان هو وأخوه زيد بن علي من العلماء الفصحاء . العياذ والمعاذ : الاعتصام . الفعل منه : عاذ يعوذ . الجهل : معروف ، والفعل منه : جهل يجهل ، قيل : وقد جمع على أجهال ، وهو شاذ . قال الشنفري : ولا تزدهي الأجهال حلمي ولا أرى سؤولاً بأطراف الأقاويل أنمل ويحتمل أن يكون جمع جاهل ، كأصحاب : جمع صاحب . الفارض : المسن التي انقطعت ولادتها من الكبر . يقال : فرضت وفرضت تفرض ، بفتح العين في الماضي وضمها ، والمصدر فروض ، والفرض : القطع ، قال الشاعر : كميت بهيم اللون ليس بفارض ولا بعوان ذات لون مخصف ويقال لكل ما قدم وطال أمره : فارض ، قال الشاعر : يا ربّ ذي ضغن عليّ فارض له قروء كقروء الحائض وكأنّ المسن سميت فارضاً لأنها فرضت سنها ، أي قطعتها وبلغت آخرها ، قال خفاف بن ندبة : لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضا تساق إليه ما تقوم على رجل ولم تعطه بكراً فيرضى سمينه فكيف تجازى بالمودة والفضل البكر : الصغيرة التي لم تلد من الصغر ، وقال ابن قتيبة : التي ولدت ولداً واحداً . والبكر من النساء : التي لم يمسها الرجل ، وقال ابن قتيبة : هي التي لم تحمل . والبكر من الأولاد : الأول ، ومن الحاجات : الأولى . قال الراجز : يا بكر بكرين ويا خلب الكبد أصبحت مني كذراع من عضد والبكر ، بفتح الباء : الفتى من الإبل ، والأنثى : بكرة ، وأصله من التقدم في الزمان ، ومنه البكرة والباكورة . والعوان : النصف ، وهي التي ولدت بطناً أو بطنين ، وقيل : التي ولدت مرة . وقالت العرب : العوان لا تعلم الخمرة ، ويقال : عونت المرأة ، وحرب عوان ، وهي التي قوتل فيها مرة بعد مرة ، وجمع على فعل : قالوا عون ، وهو القياس في المعتل من فعأل ، ويجوز ضم عين الكلمة في الشعر ، منه : وفي الأكف اللامعات سور بين : ظرف مكان متوسط التصرف ، تقول : هو بعيد بين المنكبين ، ونقي بين الحاجبين . قال تعالى : { هَاذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } ، ودخولها إذا كانت ظرفاً : بين ما تمكن البينية فيه ، والمال بين زيد وبين عمرو ، ومسموع من كلامهم ، وينتقل من المكانية إلى الزمانية إذا لحقتها ما ، أو الألف ، فيزول عنها الاختصاص بالأسماء ، فيليها إذذاك الجملة الإسمية والفعلية ، وربما أضيفت بيناً إلى المصدر . ولبين في علم الكوفيين باب معقود كبير . اللون : معروف ، وجمعه على القياس ألوان . واللون : النوع ، ومنه ألوان الطعام : أنواعه . وقالوا : فلان متلوّن : إذا كان لا يثبت على خلق واحد وحال واحد ، ومنه : يتلوّن تلوّن الحرباء ، وذلك أن الحرباء ، لصفاء جسمها ، أي لون قابلته ظهر عليها ، فتنقلب من لون إلى لون . الصفرة : لون معروف ، وقياس الفعل من هذا المصدر : صفر ، فهو أصفر ، وهي صفراء ، كقولهم : شهب : فهو أشهب ، وهي شهباء . الفقوع : أشدّ ما يكون من الصفرة وأبلغه ، يقال : أصفر فاقع ووارس ، وأسود حالك وحايك ، وأبيض نقق ولمق ، وأحمر قاني وزنجي ، وأخضر ناضر ومدهام ، وأزرق خطباني وأرمك رداني . السرور : لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه أو رؤية أمر معجب رائق . وقال قوم : السرور والفرح والحبور والجذل نظائر ، ونقيض السرور : الغم . الذلول : الريض الذي زالت صعوبته ، يقال : دابة ذلول : بينة الذل ، بكسر الذال ، ورجل ذليل : بين الذل بضم الذال ، والفعل : ذل يذل . الإثارة : الاستخراج والقلقلة من مكان إلى مكان ، وقال امرؤ القيس : يهيل ويذري تربها ويثيره إثارة نباش الهواجر مخمس وقال النابغة : يثرن الحصى حتى يباشرن تربه إذا الشمس مجت ريقها بالكلاكل الحرث : مصدر حرث يحرث ، وهو شق الأرض ليبذر فيها الحب ، ويطلق على ما حرث وزرع ، وهو مجاز في : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} والحرث : الزرع ، والحرث : الكسب ، والحرائث : الإبل ، الواحدة حريثة . وفي الحديث أصدق الأسماء الحارث ، لأن الحارث هو الكاسب ، واحتراث المال : اكتسابه . المسلمة المخلصة المبرأة من العيوب ، سلم له كذا : أي خلص ، سلاماً وسلامة مثل : اللذاذ واللذاذة . الشية : مصدر وشى الثوب ، يشيه وشياً وشية : حسنه وزينه بخطوط مختلفة الألوان ، ومنه قيل للساعي في الإفساد بين الناس : واشٍ ، لأنه يحسن كذبه عندهم حتى يقبل ، والشية : اللمعة المخالفة للون ، ومنه ثور موشى القوائم ، قال الشاعر : من وحش وجرة موشيّ أكارعه طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد الآن : ظرف زمان ، حضر جميعه أو بعضه ، والألف واللام فيه للحضور . وقيل : زائدة ، وهو مبني لتضمنه معنى الإشارة . وزعم الفراء أنه منقول من الفعل ، يقال : آن يئين أيناً : أي حان . الدّر : الدفع ، ويدرأ عنها العذاب . وقال الشاعر : فنكب عنهم درء الأعادي وادّار : تفاعل منه ، ولمصدره حكم يخالف مصادر الأفعال التي أوّلها همزة وصل ذكر في النحو . القساوة : غلظ القلب وصلابته . يقال : قسا يقسو قسواً وقسوة وقساوة ، وقسا وجسا وعساً متقاربة . الشق ، أن يجعل الشيء شقين ، وتشقق منه . الخشية : الخوف مع تعظم المخشي . يقال : خشي يخشى . الغفلة والسهو والنسيان متقاربة . يقال منه : غفل يغفل ، ومكان غفل لم يعلم به . {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } الآية . وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل ، ولم يدروا قاتله ، واختلفوا فيه وفي سبب قتله . فقال عطاء والسدّي : كان القاتل ابن عم المقتول ، وكان مسكيناً ، والمقتول كثير المال . وقيل : كان أخاه ، وقيل : ابن أخيه ، ولا وارث له غيره ، فلما طال عليه عمره قتله ليرثه . وقال عطاء أيضاً : كان تحت عاميل بنت عم لا مثل لها في بني إسرائيل في الحسن والجمال ، فقتله لينكحها . وطوّل المفسرون في هذه الحكاية بما يوقف عليه في كتبهم . والذي سأل موسى البيان هو القاتل ، قاله أبو العالية . وقال غيره : بل اجتمع القوم فسألوا موسى ، ووجه مناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه تقدم ذكر مخالفتهم لأنبيائهم وتكذيبهم لهم في أكثر أنبائهم ، فناسب ذلك ذكر هذه الآية لما تضمنت من المراجعة والتعنت والعناد مرة بعد مرّة . وقوله :{ وَإِذْ قَالَ } معطوف على قوله :{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } ، وقوم موسى أتباعه وأشياه . وقرأ الجمهور : يأمركم ، بضم الراء ، وعن أبي عمرو : والسكون والاختلاس وإبدال الهمزة ألفاً ، وقد تقدم توجيه ذلك عند الكلام على بارئكم ويأمركم بصيغة المضارع ، فيحتمل أن يراد به الحال ، ويحتمل أن يراد به الماضي إن كان الأمر بذبح البقرة بما أنزل اللّه في التوراة ، أو بما أخبر موسى ، وأن تذبحوا في موضع المفعول الثاني ليأمر ، وهو على إسقاط الحرف ، أي بأن تذبحوا . والحذف هنا مسوّغان : أحدهما : أنه يجوز فيه ، إذا كان المفعول متأثراً بحرف الجر ، أن يحذف الحرف ، كما قال : أمرتك الخير فافعل ما أمرت به والثاني : كونه مع إن ، وهو يجوز معها حذف حرف الجر إذا لم يلبس . ودلالة الكلام على أن المأمور به أن تذبحوا بقرة ، فأي بقرة كانت لو ذبحوها لكان يقع الامتثال . وقد روى الحسن مرفوعاً ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : { والذي نفس محمد بيده لو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ، ولكن شددوا فشدّد اللّه عليهم} . وإنما اختص البقر من سائر الحيوانات لأنهم كانوا يعظمون البقر ويعبدونها من دون اللّه ، فاختبروا بذلك ، إذ هذا من الابتلاء العظيم ، وهو أن يؤمر الإنسان بقتل من يحبه ويعظمه ، أو لأنه أراد تعالى أن يصل الخير للغلام الذي كان بارًّا بأمّه . وقال طلحة بن مصرّف : لم تكن من بقر الدنيا ، بل نزلت من السماء . وقال بعض أهل العلم : البقر سيد الحيوانات الأنسية . وقرأ :{ أتتخدنا } ؟ الجمهور : بالتاء ، على أن الضمير هو لموسى . وقرأ عاصم الجحدري وابن محيصن بالياء ، على أن الضمير للّه تعالى ، وهو استفهام على سبيل الإنكار .{ أُنْذِرُوا هُزُواً } ، قرأ حمزة ، وإسماعيل ، وخلف في اختياره ، والقزاز ، عن عبد الوارث والمفضل ، بإسكان الزاي . وقرأ حفص : بضم الزاي والواو بدل الهمز . وقرأ الباقون : بضم الزاي والهمزة ، وفيه ثلاث لغات التي قرىء بها ، وانتصابه على أنه مفعول ثان لقوله :{ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا } ، فإما أن يريد به اسم المفعول ، أي مهزوأ ، كقوله : درهم ضرب الأمير ، وهذا خلق اللّه ، أو يكون أخبروا به على سبيل المبالغة ، أي أتتخذنا نفس الهزوّ ، وذلك لكثرة الاستهزاء ممن يكون جاهلاً ، أو على حذف مضاف ، أي مكان هزء ، أو ذوي هزء ، وإجابتهم نبيهم حين أخبرهم عن أمر اللّه بأن يذبحوا بقرة ، بقولهم :{ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا } دليل على سوء عقيدتهم في نبيهم وتكذيبهم له ، إذ لو علموا أن ذلك إخبار صحيح عن اللّه تعالى ، لما كان جوابهم إلا امتثال الأمر ، وجوابهم هذا كفر بموسى . وقال بعض الناس : كانوا مؤمنين مصدقين ، ولكن جرى هذا على نحو ما هم عليه من غلظ الطبع والجفاء والمعصية . والعذر لهم أنهم لما طلبوا من موسى تعيين القاتل فقال لهم :{ إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ } ، رأوا تباين ما بين السؤال والجواب وبعده ، فتوهموا أن موسى داعبهم ، وقد لا يكون أخبرهم في ذلك الوقت بأن القتيل يضرب ببعض البقرة المذبوحة فيحيا ويخبر بمن قتله ، أو يكون أخبرهم بذلك ، فتعجبوا من إحياء ميت ببعض ميت ، فظنوا أن ذلك يجري مجرى الاستهزاء . وقيل : في الكلام محذوف تقديره : آللّه أمرك أن تتخذنا هزواً ؟ وقيل : هو استفهام حقيقة ليس فيه إنكار ، وهو استفهام استرشاد لا استفهام إنكار وعناد . {قَالَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } ، لما فهم موسى عليه السلام عنهم أن تلك المقالة التي صدرت عنهم إنما هي لاعتقادهم فيها أنه أخبر عن اللّه بما لم يأمر به ، استعاذ باللّه وهو الذي أخبر عنه ، أن يكون من الجاهلين باللّه ، فيخبر عنه بأمر لم يأمر به تعالى ، إذ الإخبار عن اللّه تعالى بما لم يخبر به اللّه إنما يكون ذلك من الجهل باللّه تعالى . وقوله : من الجاهلين ، فيه تصريح أن ثم جاهلين ، واستعاذ باللّه أن يكون منهم ، وفيه تعريض أنهم جاهلون ، وكأنه قال : أن أكون منكم ، لأنهم جوّزوا على من هو معصوم من الكذب ، وخصوصاً في التبليغ ، عن اللّه أن يخبر عن اللّه بالكذب . قالوا : والجهل بسيط ، ومركب البسيط : عام وخاص . العام : عدم العلم بشيء من المعلومات ، والخاص : عدم العلم ببعض المعلومات ، والمركب : أن يجهل ، ويجهل أنه يجهل . فالعام والمركب لا يوصف بهما من له بعض علم ، فضلاً عن نبي شرف بالرسالة والتكليم ، وذلك مستحيل عليه ، فيستحيل أن يستعيذ منه إلا على سبيل الأدب . فالذي استعاذ منه موسى هو خاص ، وهو المفضي إلى أن يخبر عن اللّه تعالى مستهزئاً ، أو المقابل لجهلهم . فقالوا : أتتخذنا هزواً لمن يخبرهم عن اللّه ، أو معناه الاستهزاء بالمؤمنين . فإن ذلك جهل ، أو من الجاهلين بالجواب ، لا على وفق السؤال ، إذ ذاك جهل ، والأمر من تلقاء نفسي ، وأنسبه إلى اللّه ، والخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء ، فإن ذلك جهل . وهذه الوجوه الستة مستحيلة على موسى . قيل : وإنما استعاذ منها بطريق الأدب ، كما استعاذ نوح عليه السلام { أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ } ، وكما في :{ وَقُلْ رَّبّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ } ، وإنما قالوا ذلك بطريق الأدب مع اللّه والتواضع له . |
﴿ ٦٧ ﴾