٩٧

قل من كان . . . . .

جبريل : اسم ملك علم له ، وهو الذي نزل بالقرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهو اسم أعجمي ممنوع الصرف ، للعلمية والعجمة ، وأبعد من ذهب إلى أنه مشتق من جبروت اللّه ، ومن ذهب إلى أنه مركب تركيب الإضافة . ومعنى جبر : عبد وإيل ، اسم من أسماء اللّه ، لأن الأعجمي لا يدخله الاشتقاق العربي ، ولأنه لو كان مركباً تركيب الإضافة لكان مصروفاً . وقال المهدوي : ومن قال : جبر ، مثل : عبد وإيل ، اسم من أسماء اللّه ، جعله بمنزلة حضرموت . انتهى كلامه . يعني أنه يجعله مركباً تركيب المزح ، فيمنعه الصرف للعلمية والتركيب . وليس ما ذكر بصحيح ، لأنه إما أن يلحظ فيه معنى الإضافة ، فيلزم الصرف في الثاني ، وإجراء الأول بوجوه الإعراب ، أو لا يلحظ ، فيركبه تركيب المزج . فما يركب تركيب المزج يجوز فيه البناء والأضافة ومنع الصرف ، فكونه لم يسمع فيه الإضافة ، ولا البناء دليل على أنه ليس من تركيب المزج . وقد تصرّفت فيه العرب على عادتها في تغيير الأسماء الأعجمية ، حتى بلغت فيه إلى ثلاث عشرة لغة . قالوا : جبريل : كقنديل ، وهي لغة أهل الحجاز ، وهي قراءة ابن عامر وأبي عمرو ونافع وحفص . وقال ورقة بن نوفل : وجبريل يأتيه وميكال معهما

من اللّه وحي يشرح الصدر منزل

وقال عمران بن حطان : والروج جبريل منهم لا كفاء له

وكان جبريل عند اللّه مأموناً

وقال حسان : وجبريل رسول اللّه فينا

وروح القدس ليس له كفاء

وكذلك إلا أن الجيم مفتوحة ، وبها قراءة الحسن وابن كثير وابن محيصن . قال الفراء : لا أحبها ، لأنه ليس في الكلام فعليل ، وما قاله ليس بشيء ، لأن ما أدخلته العرب في كلامها على قسمين : منه ما تلحقه بأبنية كلامها ، كلجام ، ومنه ما لا تلحقه بها ، كابريسم . فجبريل ، بفتح الجيم ، من هذا القبيل .

وقيل : جبريل مثل شمويل ، وهو طائر . وجبرئيل كعنتر يس ، وهي لغة : تميم ، وقيس ، وكثير من أهل نجد . حكاها الفراء ، واختارها الزجاج وقال : هي أجود اللغات . وقال حسان : شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة

مدى الدهر إلا جبرئيل أمامها

وقال جرير : عبدوا الصليب وكذبوا بمحمد

وبجبرئيل وكذبوا ميكال

وهي قراءة الأعمش وحمزة والكسائي وحماد بن أبي زياد ، عن أبي بكر ، عن عاصم . ورواها الكسائي ، عن عاصم ، وكذلك . إلا أنه بغير ياء بعد الهمزة ، وهي رواية يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، عن عاصم . وتروى عن يحيى بن يعمر ، وكذلك . إلا أن اللام مشدّدة ، وهي قراءة أبان ، عن عاصم ويحيى بن يعمر . وجبرائيل وجبراييل ،

وقرأ بهما ابن عباس وعكرمة . وجبرالُ وجبرائل بالياء والقصر ، وبها قرأ طلحة . وجبراييل بألف بعد الراء ، بعدها يا آن ، أولاهما مكسورة ،

وقرأ بها الأعمش وابن يعمر أيضاً . وجبرين وجبرين ، وهذه لغة أسد . وجبرائين . قال أبو جعفر النحاس : جمع جبريل جمع التكسير على جباريل على اللغة العالية . إذن : به علم به ، وآذنه : أعلمه . آذنتكم على سواء : أعلمتكم . ثم يطلق على التمكين . إذن لي في كذا : أي مكنني منه . وعلى الاختيار فعلته بإذنك : أي باختيارك . ميكائيل : الكلام فيه كالكلام في جبريل ، أعني من منع الصرف . وبعد قول من ذهب إلى أنه مشتق من ملكوت اللّه ، أو ذهب إلى أن معنى ميكا : عبد ، وايل : اسم من أسماء اللّه تعالى ، وقد تصرفت فيه العرب . قالوا : ميكال ، كمفعال ، وبها قرأ أبو عمرو وحفص ، وهي لغة الحجاز . وقال الشاعر : ويوم بدر لقيناكم لنا مدد

فيه مع النصر ميكال وجبريل

وكذلك . إلا أن بعد الألف همزة ، وبها قرأ نافع وابن شنبوذ لقنبل ، وكذلك . إلا أنه بياء بعد الهمزة ، وبها قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وأبو بكر ، وغير ابن شنبوذ لقنبل والبزي . وميكييل كميكعيل ، وبها قرأ ابن محيصن ، وكذلك . إلا أنه لا ياء بعد الهمزة . وقرىء بها : وميكاييل بياءين بعد الألف ، أولاهما مكسورة ، وبها قرأ الأعم ٥ . نبذ الشيء ، ينبذه نبذاً : طرحه وألقاه . الظهر : معروف ، وجمع فعل الاسم غير المعتل العين على فعول قياس :

كظهور ، وعلى فعلان : كظهران ، وهو مشتق من الظهور . تقول : ظهر الشيء ظهوراً ، إذا بدا . تلا يتلو : تبع . وتلا القرآن : قرأه وتلا عليه كذب ، قاله أبو مسلم . وقال أيضاً : تلاعنه صدف ، فإذا لم يذكر الصلتين احتمل الأمرين . سليمان : اسم أعجمي ، وامتنع من الصرف للعلمية . والعجمة ، ونظيره من الأعجمية ، في أن في آخره ألفاً ونوناً : هامان ، وماهان ، وسامان ، وليس امتناعه من الصرف للعلمية ، وزيادة الألف والنون : كعثمان ، لأن يادة الألف والنون موقوفة على الاشتقاق والتصريف . والاشتقاق والتصريف العربيان لا يدخلان الأسماء العجمية . السحر : مصدر سحر يسحر سحراً ، ولا يوجد مصدر لفعل يفعل على وزن فعل إلا سحر وفعل ، قاله بعض أهل العلم . قال الجوهري : كل ما لطف ودق فهو سحر . يقال سحره : أبدى له أمراً يدق عليه ويخفى . انتهى . وقال :

أداء عراني من حبائك أم سحر

ويقال سحره : خدعه ، ومنه قول امرىء القيس : أرانا موضعين لأمر عيب

ونسحر بالطعام وبالشراب

أي نعلل ونخدع . وسيأتي الكلام على مدلول السحر في الآية . بابل : اسم أعجمي ، اسم أرض ، وسيأتي تعيينها . هاروت وماروت : اسمان أعجميان ، وسيأتي الكلام على مدلولهما ، ويجمعان على : هو اريت ومواريت ،

ويقال : هوارته وموارته ، ومثل ذلك : طالوت وجالوت . الفتنة : الابتلاء والاختبار . فتن يفتن فتوناً وفتنة . المرء : الرجل ، والأفصح فتح الميم مطلقاً ، وحكي الضم مطلقاً ، وحكي اتباع حركة الميم لحركة الإعراب فتقول : قام المرء : بضم الميم ، ورأيت المرء : بفتح الميم ، ومررت بالمرء : بكسر الميم ، ومؤنثه المرأة . وقد جاء جمعه بالواو والنون ، قالوا : المرؤوون . الضرر والنفع معروفان ،

ويقال : ضرّ يضر ، بضم الضاد ، وهو قياس المضعف المتعدي ومصدره : الضرّ والضرّ والضرر ،

ويقال : ضار يضير ، قال : يقول أناس لا يضيرك نابها

بلى كل ما شف النفوس يضيرها

ويقال : نفع ينفع نفعاً . ورأيت في شرح الموجز ، الذي للرماني في النحو ، وهو تأليف رجل يقال له الأهوازي ، وليس بأبي على الأهوازي المقري ، أنه لا يقال منه اسم مفعول نحو منفوع ، والقياس النحوي يقتضيه . الخلاق ، في اللغة : النصيب ، قاله الزجاج . قال : لكنه أكثر ما يستعمل في الخير ، قال : يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم

إلا السرابيل من قطر وأغلال

والخلاق : القدر ، قال الشاعر : فما لك بيت لدى الشامخات

وما لك في غالب من خلاق

مثوبة : مفعلة من الثواب ، نقلت حركة الواو إلى الثاء ، ويقال مثوبة . وكان قياسه الإعلال فتقول : مثابة ، ولكنهم

صححوه كما صححوا في الأعلام مكورة ، ونظيرهما في الوزن من الصحيح : مقبره ومقبره .

{قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ } : أجمع أهل التفسير أن اليهود قالوا : جبريل عدوّنا ، واختلف في كيفية ذلك ، وهل كان سبب النزول محاورتهم مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ،أو محاورتهم مع عمر ؟ وملخص العداوة : أن ذلك لكونه يأتي بالهلاك والخسف والحدب ، ولو كان ميكال صاحب محمد لاتبعناه ، لأنه يأتي بالخصب والسلم ، ولكونه دافع عن بخت نصّر حين أردنا قتله ، فخرب بيت المقدس وأهلكنا ، ولكونه يطلع محمداً صلى اللّه عليه وسلم على سرنا . والخطاب بقوله : قل للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، ومعمول القول : الجملة بعدو من هنا شرطية . وقال الراغب : العداوة ، التجاوز ومنافاة الالتئام . فبالقلب يقال العداوة ، وبالمشي يقال العدو ، وبالإخلال في العدل يقال العدوان ، وبالمكان أو النسب يقال قوم عدي ، أي غرباء .

{فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ } : ليس هذا جواب الشرط لما تقرر في علم العربية أن اسم الشرط لا بد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه ، فلو

قلت : من يكرمني ؟ فزيد قائم ، لم يجز . وقوله :{ فَإِنَّه نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ } ، ليس فيه ضمير يعود على من . وقد صرح بأنه جزاء للشرط الزمخشري ، وهو خطأ ، لما ذكرناه من عدم عود الضمير ، ولمضي فعل التنزيل ، فلا يصح أن تكون الجملة جزاء ، وإنما الجزاء محذوف لدلالة ما بعده عليه ، التقدير : فعداوته لا وجه لها ، أو ما أشبه هذا التقدير . والضمير في فإنه عائد على جبريل ، والضمير في نزله عائد على القرآن لدلالة المعنى عليه . ألا ترى إلى قوله :{ مُصَدّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } ؟ وهذه كلها من صفات القرآن . ولقوله :{ بِإِذُنِ اللّه } ،أي فإن جبريل نزل القرآن على قلبك بإذن اللّه .

وقيل : الضمير في فإنه عائد على اللّه ، وفي نزله عائد على جبريل ، التقدير : فإن اللّه نزل جبريل بالقرآن على قلبك . وفي كل من هذين التقديرين إضمار يعود على ما يدل عليه سياق المعنى . لكن التقدير الأول أولى ، لما ذكرناه ، وليكون موافقاً لقوله :{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ عَلَى قَلْبِكَ } ، وينظر للتقدير الثاني قراءة من قرأ : نزل بالتشديد ، والروح بالنصب . ومناسبة دليل الجزاء للشرط هو أن من كان عدواً لجبريل ، فعداوته لا وجه لها ، لأنه هو الذي نزل بالقرآن المصدق للكتب ، والهادي والمبشر ، كمن آمن . ومن كان هذه المثابة فينبغي أن يحب ويشكر ، إذ كان به سبب الهداية والتنويه بما في أيديهم من كتب اللّه ، أو من كان عدوًّا لجبريل ، فسبب عداوته أنه نزل القرآن المصدّق لكتابهم ، والملزم لهم اتباعك ، وهم لا يريدون ذلك ، ولذلك حرّفوا ما في كتبهم من صفاتك ، ومن أخذ العهود عليهم فيها ، بأن يتبعوك . والفرق بين كل واحد من هذين التقديرين : أن التقدير الأول موجب لعدم العداوة ، والتقدير الثاني كأنه كالعذر لهم في العداوة كقولك : إن عاداك زيد ، فقد آذيته وأسأت إليه .

{عَلَى قَلْبِكَ } : أتى بلفظ على ، لأن القرآن مستعل على القلب ، إذ القلب سامع له ومطيع ، يمتثل ما أمر به ، ويجتنب ما نهى عنه . وكانت أبلع من إلى ، لأن إلى تدل على الانتهاء فقط ، وعلى تدل على الاستعلاء . وما استعلى على الشيء يضمن الانتهاء إليه . وخص القلب ، ولم يأت عليك ، لأن القلب هو محل العقل والعلم وتلقي الواردات ، أو لأنه صحيفته التي يرقم فيها ، وخزانته التي يحفظ فيها ، أو لأنه سلطان الجسد . وفي الحديث : { إن في الجسد مضغة} . ثم قال أخيراً : { ألا وهي القلب} .أو لأن القلب خيار الشيء وأشرفه ، أو لأنه بيت اللّه ، أو لأنه كنى به عن العقل إطلاقاً للمحل على الحال به ، أو عن الجملة الإنسانية ، إذ قد ذكر الإنزال عليه في أماكن :{ مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى } ،{ وَأَنزَلَ اللّه عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } ،أو يكون إطلاقاً لبعض الشيء على كله ، أقوال سبعة . وأضاف القلب إلى الكاف التي للخطاب ، ولم يضفه إلى ياء المتكلم ، وإن كان نظم الكلام يقتضيه ظاهراً ، لأن قوله :{ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ } ، هو معمول لقول مضمر ، التقدير : قل يا محمد قال اللّه من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك . وإلى هذا نحا الزمخشري بقوله : جاءت على حكاية كلام اللّه تعالى ، كأنه قيل : ما تكلمت به من قولي :{ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ } ، وكلامه فيه تثبيج . و

قال ابن عطية : يحسن في كلام العرب أن يحرز اللفظ الذي يقوله المأمور بالقول ، ويحسن أن يقصد المعنى بقوله ، فيسرده مخاطبة له ، كما تقول : قل لقومك لا يهينوك ، فكذلك هذه الآية ، ونحو من هذا قول الفرزدق : ألم تر أني يوم جوّ سويقة

دعوت فنادتني هنيدة ماليا

فأحرز المعنى ، ونكب عن نداء هنيدة مالك . انتهى كلامه ، وهو تخريج حسن ، ويكون إذ ذاك الجملة الشرطية معمولة للفظ : قل ، لا لقول : مضمر ، وهو ظاهر الكلام { بِإِذُنِ اللّه } : أي بأمر اللّه ، اختاره في المنتخب ومنه :{ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } ،{ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} وقد صرح بذلك في :{ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } ،أو بعلمه وتمكينه إياه من هذه المنزلة ، قاله ابن عطية ؛ أو باختياره ، قاله الماوردي ، أو بتيسيره وتسهيله ، قاله الزمخشري .{ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } : انتصاب مصدقاً على الحال من الضمير المنصوب في نزله ، إن كان يعود على القرآن ، وإن عاد على جبريل فيحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون حالاً من المجرور المحذوف لفهم المعنى ، لأن المعنى : فإن اللّه نزل جبريل بالقرآن مصدقاً .

والثاني : أن يكون حالاً من جبريل . وما : في الموصولة ، وعنى بها الكتب التي أنزل اللّه على الأمم قبل إنزاله ، أو التوراة والإنجيل . والهاء : في بين يديه يحتمل أن تكون عائدة على القرآن ، ويحتمل أن تعود على جبريل . فالمعنى مصدقاً لما بين يديه من الرسل والكتب .

{وَهُدًى وَبُشْرَى } : معطوفان على مصدّقاً ، فهما حالان ، فيكون من وضع المصدر موضع اسم الفاعل كأنه قال : وهادياً ومبشراً ، أو من باب المبالغة ، كأنه لما حصل به الهدى والبشرى ، جعل نفس الهدى والبشرى . والألف في بشرى للتأنيث ، كهي في رجعى ، وهو مصدر . وقد تقدّم الكلام على المعنى في قوله :{ وَبَشّرِ الَّذِينَ ءامَنُواْ } في أوائل هذه السورة ، والمعنى : أنه وصف القرآن بتصديقه لما تقدّمه من الكتب الإلهية ، وأنه هدى ، إذ فيه بيان ما وقع التكليف به من أعمال القلوب والجوارح ، وأنه بشرى لمن حصل له الهدى . فصار هذا الترتيب اللفظي في هذه الأحوال ، لكون مدلولاتها ترتبت ترتيباً وجودياً . ف

الأول : كونه مصدّقاً للكتب ، وذلك لأن الكتب كلها من ينبوع واحد .

والثاني : أن الهداية حصلت به بعد نزوله على هذه الحال من التصديق . و

الثالث : أنه بشرى لمن حصلت له به الهداية . وقال الراغب : وهدى من الضلالة وبشرى بالجنة .{ لِلْمُؤْمِنِينَ } : خص الهدى والبشرى بالمؤمنين ، لأن غير المؤمنين لا يكون لهم هدى به ولا بشرى ، كما قال :{ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } ، ولأن المؤمنين هم المبشرون ، { فَبَشّرْ عِبَادِى } ،{ يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ} ودلت هذه الآية على تعظيم جبريل والتنويه بقدره ، حيث جعله الواسطة بينه تعالى وبين أشرف خلقه ، والمنزل بالكتاب الجامع للأوصاف المذكورة . ودلت على ذم اليهود حيث أبغضوا من كان بهذه المنزلة الرفيعة عند اللّه تعالى ، قالوا : وهذه الآية تعلقت بها الباطنية ، وقالوا : إن القرآن إلهام والحروف عبارة الرسول . وردّ عليهم : بأنه معجزة ظاهرة بنظمه ، وأن اللّه سماه وحياً وكتاباً وعربياً ، وأن جبريل نزل به ، والملهم لا يحتاج إلى جبريل .

﴿ ٩٧