١٨١فمن بدله بعد . . . . . {فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ } : الظاهر أن الضمير يعود على الوصية بمعنى الإيصاء ، أي : فمن بدّل الإيصاء عن وجهه إن كان موافقاً للشرع من الأوصياء والشهود بعدما سمعه سماع تحقق وتثبت ، وعوده على الإيصاء أولى من عوده على الوصية ، لأن تأنيث الوصية غير حقيقي ، لأن ذلك لا يراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي ، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي في ذلك تقول : هند خرجت . والشمس طلعت ، ولا يجوز طلع إلاَّ في الشعر ، والتذكير على مراعاة المعنى وارد في لسانهم ، ومنه . كخرعوبة البانة المنفطر ذهب إلى معنى : القضيب ، كأنه قال : كقضيب البانة ، ومنه في العكس : جاءته كتابي ، فاحتقرها على معنى الصحيفة . والضمير في { سَمِعَهُ } عائد على الإيصاء كما شرحناه ، وقيل : يعود على أمر اللّه تعالى في هذه الآية . وقيل : الهاء ، في :{ فَمَن بَدَّلَهُ } عائدة إلى الفرض ، والحكم ، والتقدير : فمن بدل الأمر المقدم ذكره ، ومَنْ : الظاهر أنها شرطية ، والجواب :{ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ } وتكون : مَنْ ، عامة في كل مبدل : مَنْ رضي بغير الوصية في كتابة ، أو قسمة حقوق ، أو شاهد بغير شهادة ، أو يكتمها ، أو غيرهما ممن يمنع حصول المال ووصوله إلى مستحقه ، وقيل : المراد بِمَنْ : متولي الإيصاء دون الموصي والموصى له ، فإنه هو الذي بيده العدل والجنف والتبديل والإمضاء ، وقيل : المراد : بِمَنْ : هو الموصي ، نهي عن تغيير وصيته عن المواضع التي نهى اللّه عن الوصية إليها ، لأنهم كانوا يصرفونها إلى الأجانب ، فأمروا بصرفها إلى الأقربين . ويتعين على هذا القول أن يكون الضمير في قوله :{ فَمَن بَدَّلَهُ } وفي قوله :{ بَعْدَمَا سَمِعَهُ } عائداً على أمر اللّه تعالى في الآية ، وفي قوله :{ بَعْدَمَا سَمِعَهُ } دليل على أن الإثم لا يترتب إلاَّ بشرط أن يكون المبدل قد علم بذلك ، وكنى بالسماع عن العلم لأنه طريق حصوله .{ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ } : الضمير عائد على الإيصاء المبدل ، أو على المصدر المفهوم من بدله ، أي : فإنما إثم التبديل على المبدل ، وفي هذا دليل على أن من اقترف ذنباً ، فإنما وباله عليه خاصةً ، فإن قصر الوصي في شيء مما أوصى به الميت ، لم يلحق الميت من ذلك شيء ، وراعى المعنى في قوله :{ عَلَى الَّذِينَ يُبَدّلُونَهُ } إذ لو جرى على نسق اللفظ الأول لكان : فإنما إثمه ، أو فإنما إثمه عليه على الذي يبدله ، وأتي في جملة الجواب بالظاهر مكان المضمر ليشعر بعلية : الإثم الحاصل ، وهو التبديل ، وأتى بصلة : الذين ، مستقبلة جرياً على الأصل ، إذ هو مستقبل . {إِنَّ اللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ } في هاتين الصفتين تهديد ووعيد للمبدلين ، فلا يخفي عليه تعالى شيء ، فهو يجازيهم على تبديلهم شر الجزاء ، وقيل : سميع لقول الموصي ، عليم بفعل الموصي ، وقيل : سميع لو صاياه ، عليم بنياته . والظاهر القول الأول المجيئه في أثر ذكر التبديل وما يترتب عليه من الإثم . |
﴿ ١٨١ ﴾