١٨٣

يا أيها الذين . . . . .

الصيام والصوم مصدران لصامَ ، والعرب تسمي كل ممسك صائماً ، ومنه الصوم في الكلام { إِنّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً } أي سكوتاً في الكلام ، وصامت الريح : أمسكت عن الهبوب ، والدابة : أمسكت عن الأكل والجري ، وقال النابغة الذبياني : خيل صيام وخيل غير صائمه

تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

أي : ممسكة عن الجري . وتسمى الدابة التي لا تدور : الصائمة ، قال الراجز .

والبكرات شرهن الصائمة

وقالوا : صام النهار : ثبت حره في وقت الظهيرة واشتد ، وقال .

ذمول إذا صام النهار وهجرا

وقال : حتى إذا صام النهار واعتدل

ومال للشمس لعابٌ فنزل

ومصام النجوم ، إمساكها عن اليسير ومنه .

كأن الثريا علقت في مصامها

فهذا مدلول الصوم من اللغة .

وأما الحقيقة الشرعية فهو : إمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص ويبين في الفقه . الطاقة ، والطوق : القدرة والاستطاعة ،

ويقال : طاق وأطاق كذا ، أي : استطاعه وقدر عليه ، قال أبو ذئب .

فقلت له اجمل فوق طوقك إنها

مطبعة من يأتها لا يضيرها

الشهر مصدر : شهر الشيء يشهره ، أظهره ومنه الشهرة ، وبه سمي الشهر ، وهو : المدة الزمانية التي يكون مبدأ الهلال فيها خافياً إلى أن يستسر ، ثم يطلع خافياً . سمي بذلك لشهرته في حاجة الناس إليه في المعاملات وغيرها من أمورهم وقال الزجاج : الشهر الهلال . قال :

والشهر مثل قلامة الظفر

سمي بذلك لبيانه ،

وقيل : سمي الشهر شهراً باسم الهلال إذا أهل سمي شهراً ، وتقول العرب : رأيت الشهر أي : هلاله . قال ذو الرمة } شعراً} .

ترى الشهر قبل الناس وهو نحيل

ويقال : أشهرنا ، أي : أتى علينا شهر ، وقال الفراء : لم أسمع منه فعلاً إلاَّ هذا ، وقال الثعلبي : يقال شَهَرَ الهلال إذا طلع ، ويجمع الشهر قلة على : أفعل ، وكثرة على : فعول ، وهما مقيسان فيه .

رمضان علم على شهر الصوم ، وهو علم جنس ، ويجمع على : رمضانات وأرمضة ، وعلقة هذا الاسم من مدة كان فيها في الرمضى ، وهو : شدة الحرة ، كما سمي الشهر ربيعاً من مدّة الربيع ، وجمادى من مدّة الجمود ،

ويقال : رمض الصائم يرمض : احترق جوفه من شدة العطش ، ورمضت الفِصال : أحرق الرمضاء أخفافها فبركت من شدّة الحر ، وانزوت إلى ظلّ أمهاتها ،

ويقال : أرمضته الرمضاء : أحرقته ، وأرمضني الأمر .

وقيل : سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب ، أي : يحرقها بالأعمال الصالحة ،

وقيل : لأن القلوب تحترق من الموعظة فيه والفكرة في أمر الآخرة ،

وقيل : من رمضت النصل : رققته بين حجرين ليرق ، ومنه : نصل رميض ومرموض ، عن ابن السكيت . وكانوا يرمضون أسلحتهم في هذا الشهر ليحاربوا بها في شوّال قبل دخول الأشهر الحرام ، وكان هذا الشهر في الجاهلية يسمى : ناتقاً أنشد المفضل .

وفي ناتق أجلت لدى حومة الوغى

وولت على الأدبار فرسان خثعما

وقال الزمخشري : الرمضان ، مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء . انتهى . ويحتاج في تحقيق أنه مصدر إلى صحة نقل لأن فعلاناً ليس مصدر اللازم بل ، إن جاء فيه ذلك كان شاذاً ، والأولى أن يكون مرتجلاً منقولاً .

وقيل : هو مشتق من الرمض ، وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر الأرض من الغبار .

القرآن : مصدر قرأ قرآنا . قال حسان ، رضي اللّه عنه : محوا باسمك عنوان السجود به

يقطّع الليل تسبيحاً وقرآناً

أي : وقراءة وأطلق على ما بين الدفتين من كلام اللّه عزّ وجلّ ، وصار علماً على ذلك ، وهو من إطلاق المصدر على اسم المفعول في الأصل ، ومعنى : قرآن ، بالهمز : الجمع لأنه يجمع السور ، كما قيل في القرء ، وهو : إجماع الدّم في الرحم أولاً ، لأن القارىء يلقيه عند القراءة من قول العرب : ما قرأت هذه الناقة سلا قط : أي : ما رمت به ، ومن لم يهمز فالأظهر أن يكون ذلك من باب النقل والحذف ، أو تكون النون أصلية من : قرنت الشيء إلى الشيء : ضممته ، لأن ما فيه من السور والآيات والحروف مقترن بعضها إلى بعض . أو لأن ما فيه من الحكم والشرائع كذلك ، أو ما فيه من الدلائل ومن القرائن ، لأن آياته يصدّق بعضها بعضاً ، ومن زعم من : قريت الماء في الحوض ، أي : جمعته ، فقوله فاسد لاختلاف المادتين .

السفر : مأخوذ من قولهم : سفرت المرأة إذا ألقت خمارها ، والمصدر السفور . قال الشاعر . وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت

فقد رابني منها الغداة سفورها

وتقول : سفر الرجل ألقى عمامته ، وأسفر الوجه ، والصبح أضاء الأزهري سمي مسافراً لكشف قناع الكنّ عن وجهه ، وبروزه للأرض الفضاء ، والسفْر ، بسكون الفاء : المسافرون ، وهو اسم جمع : كالصحْب والركْب ، والسفر من الكتب : واحد الأسفار لأنه يكشف عما تضمنة .

اليسر : السهولة ، يسَّر : سهّل ، ويسُر : سهُل ، وأيسر : استغنى ، ويسر ، من الميسر ، وهو : قمار ، معروف . وقال علقمة : . لا ييسرون بخيل قد يسرت بها

وكل ما يسر الأقوام مغروم

وسميت اليد اليسرى تفاؤلاً ، أو لأنه يسهل بها الأمر لمعاونتها اليمنى .

العسر : الصعوبة والضيق ، ومنه أعسر اعساراً ، وذو عسرة ، أي : ضيق .

الإ كمال : الإتمام .

والإجابة : قد يراد بها السماع ، وفي الحديث أن أعرابياً قال : يا محمد . قال : قد أجبتك . وقالوا :

دعاء من لا يجيب ، أي : من لا يسمع ، كما أن السماع قد يراد به الإجابة ، ومنه : سمع اللّه لمن حمده . وأنشد ابن الاعرابي حيث قال : دعوت اللّه حتى خفت أن لا

يكون اللّه يسمع ما أقول

وجهة المجاز بينهما ظاهرة لأن الإجابة مترتبة على السماع ، والإجابة حقيقة إبلاغ السائل ما دعا به ، وأجاب واستجاب بمعنى ، وألفه منقلبة عن واو ، يقال : جاب يجوب : قطع ، فكأن المجيب اقتطع للمسائل ما سأل أن يعطاه ،

ويقال : أجابت المساء بالمطر ، وأجابت الأرض بالنبات ، كأن كلاَّ منهما سأل صاحبه فأجابه بما سأل .

قال زهير . وغيث من الوسمى حلو بلاغه

أجابت روابيه النجا وهواطل

الرشد . ضد الغي ، يقال : رشد بالفتح ، رشداً ، ورشِد بالكسر رِشداً ، وأرشدت فلاناً : هديته ، وطريق أرشد ، أي : قاصد ، والمراشد : مقاصد الطريق ، وهو لرشده ، أي : هو لحلال ، وهو خلاف هو لزينة ، وأم راشد : المفازة ، وبنو رشدان : بطن من العرب ، وبنو راشد قبيلة كبيرة من البربر .

الرفث : مصدر رفث ،

ويقال : أرفث : تكلم بالفحش . قال العجاج : وربّ أسراب حجيج كظم

عن اللغا ورفث التكلم

وقال ابن عباس ، والزجاج ، وغيرهما : الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة . وأنشد ابن عباس : وهنّ يمشين بنا هميسا

إن تصدق الطيرننك لميسا

فقيل له : أترفث وأنت محرم ، فقال : إنما الرفث عند النساء ، وفي الحديث :  { من حج هذا البنية فلم يرفث ولم يفسق خرج منها كيوم ولدته أمة} .

وقيل : الرفث : الجماع ، واستدل على ذلك بقول الشاعر : ويرين من أنس الحديث زوانيا

ولهنّ عن رفث الرجال نفار

وبقول الآخر .

فبأتوا يرفثون وبات منّا

رجال في سلاحهم ركوبا

وبقول الآخر : فظلنا هناك في نعمة

وكل اللذاذة غير الرفث

ولا دلالة في ذلك ، إذ يحتمل أن يكون أراد المقدمات : كالقبلة والنظرة والملاعبة .

أختان : من الخيانة ، يقال : خان خوناً وخيانةً ، إذا لم يف ، وذلك ضد الأمانة ، وتخونت الشيء : نقصته ، ومنه الخيانة ، وهو ينقص المؤتمن . وقال زهير : بآرزة الفقارة لم يخنها

قطاف في الركاب ولا خلاء

وتخوّنه وتخوّله : تعهده .

الخيط . معروف ، ويجمع على فعول وهو فيه مقيس ، أعني في فعل الاسم الياء العين نحو : بيت وبيوت ، وجيب وجيوب ، وغيب وغيوب ، وعين وعيون ، والخيط ، بكسر الخاء : الجماعة من النعام ، قال الشاعر : فقال ألا هذا صوار وعانة

وخِيطُ نعام يرتقي متفرق

البياض والسواد لونان معروفان ، يقال منهما : بيض وسود . فهو أبيض وأسود ، ولم يعل العين بالنقل والقلب لأنها في معنى ما يصح وهما : أبيض وأسود .

العكوف : الإقامة ، عكف بالمكان : أقام به ،

قال تعالى : { يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ } وقال الفرزدق يصف الجفان : ترى حولهنّ المعتفين كأنهم

على صنم في الجاهلية عكّف

وقال الطرماح : فباتت بنات الليل حولي عكّفا

عكوف البواكي بينهن صريع

وفي الشرع عبارة عن عكوف مخصوف ، وقد بين في كتب الفقه .

الحد ، قال الليث : حدّ الشيء : منتهاه

ومنقطعه ، والمراد بحدود اللّه مقدّراته بمقادير مخصوصة وصفات مخصوصة .

الإدلاء : الإرسال للدلو ، اشتق منه فعل ، فقالوا : أدلى دلوه ، أي : أرسلها ليملأها ،

وقيل : أدلى فلان بماله إلى الحاكم : رفعه . قال : وقد جعلت إذا ما حاجة عرضت

بباب دارك أدلوها بأقوامِ

ويقال : أدلى فلان بحجته : قام بها ، وتدلى من كذا أي : هبط . قال : كتيس الظباء الأعفر انضرجت له

عقاب تدلت من شماريخ ثهلان

{رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ } : مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه أخبر تعالى : أولاً بكتب القصاص وهو : إتلاف النفوس ، وهو من أشق التكاليف ، فيجب على القاتل إسلام نفسه للقتل ، ثم أخبر ثانياً بكتب الوصية وهو : إخراج المال الذي هو عديل الروح ، ثم انتقل ثالثاً إلى كتب الصيام ، وهو : منهك للبدن ، مضعف له ، مانع وقاطع ما ألفه الإنسان من الغذاء بالنهار ، فابتداء بالأشق ثم بالأشق بعده ، ثم بالشاق فبهذا انتقال فيما كتبه اللّه على عباده في هذه الآية ، وكان فيما قبل ذلك قد ذكر أركان الإسلام ثلاثة : الإيمان ، والصلاة ، والزكاة ، فأتى بهذا الركن الرابع ، وهو : الصوم .

وبناء { كِتَابَ } للمفعول في هذه المكتوبات الثلاثة ، وحذف الفاعل للعلم به ، إذ هو : اللّه تعالى ، لأنها مشاق صعبة على المكلف ، فناسب أن لا تنسب إلى اللّه تعالى ، وإن كان اللّه تعالى هو الذي كتبها ، وحين يكون المكتوب للمكلف فيه راحة واستبشار يبني الفعل للفاعل ، كما

قال تعالى :{ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ }{ كَتَبَ اللّه لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى }{ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ } وهذا من لطيف علم البيان .

أما بناء الفعل للفاعل في قوله :{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } فناسب لاستعصاء اليهود وكثرة مخالفاتهم لأنبيائهم بخلاف هذه الأمة المحمدية ، ففرق بين الخطابين لافتراق المخاطبين ، ونادى المؤمنين عند إعلامهم بهذا المكتوب الثالث الذي هو الصيام لينبههم على استماع ما يلقي إليهم من هذا التكليف ، ولم يحتج إلى نداء في المكتوب الثاني لانسلاكه مع الأول في نظام واحد ، وهو : حضور الموت بقصاص أو غيره ، وتباين هذا التكليف الثالث منها ، وقدم الجار والمجرور على المفعول به الصريح وإن كان أكثر الترتيب العربي بعكس ذلك ، نحو : ضُرب زيد بسوط ، لأن ما أحتيج في تعدي الفعل إليه إلى واسطة دون ما تعدى إليه بغير واسطة ، لأن البداءة بذكر المكتوب عليه أكثر من ذكر المكتوب لتعلق الكتب لمن نودي ، فتعلم نفسه أولاً أن المنادى هو المكلف ، فيرتقب بعد ذلك لما كلف به .

والألف واللام في : الصيام ، للعهد إن كانت قد سبقت تعبداتهم به ، أو للجنس إن كانت لم تسبق .

وجاء هذا المصدر على فعال ، وهو أحد البنائين الكثيرين في مصدر هذا النوع من الفعل ، وهو الفعل الواوي العين ، الصحيح الآخر ، والبناءان هما فعول وفعال ، وعدل عن الفعول وإن كان الأصل لاستثقال الواوين ، وقد جاء منه شيء على الأصل : كالفوور ، ولثقل اجتماع الواوين همز بعضهم فقال : الفؤور .

{كَمَا كُتِبَ } الظاهر أن هذا المجرور في موضع الصفة لمصدر محذوف ، أو في موضع الحال على مذهب سيبويه على ما سبق ، أي : كتباً مثل ما كتب أو كتبه ، أي : الكتب منها كتب ، وتكون السببية قد وقع في مطلق الكتب وهو الإيجاب ، وإن كان متعلقه مختلفاً بالعدد أو بغيره ، وروي

هذا المعنى عن معاذ بن جبل ، وعطاء ، وتكون إذ ذاك ما مصدرية .

وقيل : الكاف في موضع نصب على الحال من الصيام ، أي : مشبها ما كتب على الذين من قبلكم ، وتكون ما موصولة أي : مشبهاً الذي كتب عليكم ، وذو الحال هو : الصيام ، والعامل فيها العامل فيه ، وهو : كتب عليكم .

وأجاز ابن عطية أن تكون الكاف في موضع صفة لصوم محذوف ، التقدير : صوماً كما ، وهذا فيه بُعد ، لأن تشبيه الصوم بالكتابة لا يصح ، هذا إن كانت ما مصدرية ،

وأما إن كانت موصولة ففيه أيضاً بُعد ، لأن تشبيه الصوم بالمصوم لا يصح إلاَّ على تأويل بعيد .

وأجاز بعض النحاة أن تكون الكاف في موضع رفع على أنها نعت لقوله : الصيام ، قال : إذ ليس تعريفه بمستحسن لمكان الإجمال الذي فيه مما فسرته الشريعة ، فلذلك جاز نعته بكما ، إذ لا ينعت بها إلاَّ النكرات ، فهي بمنزلة : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ } انتهى كلامه ، وهو هدم للقاعدة النحوية من وجوب توافق النعت والمنعوت في التعريف والتنكير ، وقد ذهب بعضهم إلى نحو من هذا ، وأن الألف واللام إذا كانت جنسية جاز أن يوصف مصحوبها بالجملة ، وجعل من ذلك قوله تعالى :{ وَءايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ } ولا يقوم دليل على إثبات هدم ما ذهب إليه النحويون ، وتلخص في : ما ، من قوله : كما وجهان

أحدهما : أن تكون مصدرية ، وهو الظاهر ، والآخر : أن تكون موصولة ، بمعنى . الذي .

{عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } : ظاهره عموم الذين من قبلنا من الأنبياء وأممهم من آدم إلى زماننا . وقال عليّ : أولهم آدم ، فلم يفترضها عليكم ، يعني : أن الصوم عبادة قديمة أصلية ما أخلى اللّه أمة من افتراضها عليهم ، فلم يفترضها عليكم خاصة ،

وقيل : الذين من قبلنا هم النصارى .

قال الشعبي وغيره : والمصوم معين وهو رمضان فرض على الذين من قبلنا وهم النصارى ، احتاطوا له بزيادة يوم قبله ويوم بعده قرناً بعد قرن حتى بلغوه خمسين يوماً ، فصعب عليهم في الحر ، فنقلوه إلى الفصل الشمسي .

قال النقاش : وفي ذلك حديث عن دغفل ، والحسن ، والسدي .

وقيل : بل مرض ملك من ملوكهم ، فنذر أن برىء أن يزيد فيه عشرة أيام ، ثم آخر سبعة ، ثم آخر ثلاثة ، ورأوا أن الزيادة فيه حسنة بإزاء الخطأ في نقله .

وقيل : كان النصارى أولاً يصومون ، فإذا أفطروا فلا يأكلون ولا يشربون ولا يطؤون إذا ناموا ، ثم انتبهوا في الليل ، وكان ذلك في أول الإسلام ، ثم نسخ بسبب عمر ، وقيس بن صرمة . قال السدي أيضاً ، والربيع وأبو العالية .

قيل : وكذا كان صوم اليهود ، فيكون المراد : بالذين من قبلنا ، اليهود والنصارى ،

وقيل : الذين من قبلنا : هم اليهود خاصة ، فرض علينا كما فرض عليهم ، ثم نسخه اللّه بصوم رمضان .

قال الراغب : للصوم فائدتان رياضة الإنسان نفسه عن ما تدعوه إليه من الشهوات ، والاقتداء بالملأ الأعلى على قدر الوسع . انتهى . وحكمة التشبيه أن الصوم عبادة شاقة ، فإذا ذكر أنه كان مفروضاً على من تقدّم من الأمم سهلت هذه العبادة .

{تَتَّقُونَ } الظاهر : تعلق ، لعل بكتب ، أي : سبب فرضية الصوم هو رجاء حصول التقوى لكم ، فقيل : المعنى تدخلون في زمرة المتقين ، لأن الصوم شعارهم ،

وقيل : تجعلون بينكم وبين النار وقاية بترك المعاصي ، فإن الصوم لإضعاف الشهوة وردعها ، كما قال عليه السلام } فعليه بالصوم فإن الصوم له وجاء} .

وقيل : تتقون الأكل والشرب والجماع في وقت وجوب الصوم ، قاله السدي .

وقيل : تتقون المعاصي ، لأن الصوم يكف عن كثير مما تتشوق إليه النفس ، قاله الزجاج .

وقيل : تتقون محظورات الصوم ، وهذا راجع لقول السدي .

﴿ ١٨٣