٢٣١

وإذا طلقتم النساء . . . . .

بلغ : يبلغ بلوغاً ، وصل إلى الشيء ، قال الشاعر : ومجر كغلان الأنيعم بالغ

دياراً لعدو ذي زهاء وأركان

والبلغة منه ، والبلاغ الأصل ، يقع على المدة كلها وعلى آخرها .

يقال لعمر الانسان : أجل : وللموت الذي ينتهي : أجل ، وكذلك الغاية والأمد .

العضل : المنع ، عضل أيّمه منعها من الزوج يعضلها بكسر الضاد وضمها ، قال ابن هرمة : وإن قضاء ئدي لك فاصطنعني

كرائم قد عضلن عن النكاح

ويقال : دجاج معضل إذا احتبس بيضها ، قاله الخليل ، وقال : ونحن عضلنا بالرماح نساءنا

وما فيكم عن حرمة اللّه عاضل

ويقال : أصله الضيق ، عضلت المرأة نشب الولد في بطنها ، وعضلت الشاة وعضلت الأرض بالجيش ضاقت بهم ؛ قال أوس :

ترى الأرض منا بالفضاء مريضة

معضلة منا بجيش عرمرم

وأعضل الداء الأطباء أعياهم ، وداء عضال ضاق علاجه ولا يطاق ، قالت ليلى الأخيلية :

شفاها من الداء العضال الذي بها

غلام إذا هزَّ القناة سقاها

وأعضل الأمر اشتدّ وضاق ، وكل مشكل عند العرب معضل ، وقال الشافعي رحمة اللّه عليه :

إذا المعضلات تصدينني

كشفت حقائقها بالنظر

الرضع : مص الثدي لشرب اللبن ، يقال منه : رضع يرضع رضعاً ورضاعاً ورضاعةً ، وأرضعته أمّه ويقال ، للئيم : راضع وذلك لشدّة بخله لا يحلب الشاة مخافة أن يسمع منه الحلب ، فيطلب منه اللبن ، فيرضع ثدي الشاة حتى لا يفطن به .

الحَول : السنة وأحول الشيء صار له حول ؛ قال الشاعر :

من القاصرات الطرف لو دب محول

من الذرّ بفوق الأتب منها لأثَّرا

ويجمع على أحوال ، والحول الحيلة ، وحال الشيء انقلب وتحوّل انتقل ، ورجل حوّل كثير التقليب والتصرّف ، وقد تقدّم أن حول يكون ظرف مكان ، تقول : زيد حولك وحواليك وحوالك وأحوالك ، أي : فيما قرب منك من المكان .

الكسوة : اللباس يقال منه كسا يكسو ، وفعله يتعدى إلى اثنين تقول : كسوت زيداً ثوباً ، وقد جاء متعدياً إلى واحد ، قال الشاعر :

واركب في الروع خيفانة

كسا وجهها سعف منتشر

ضمنه معنى غطاء ، فتعدى إلى واحد ،

ويقال : كسى الرجل فهو كاسٍ ، قال الشاعر :

وأن يعرين إن كسي الجواري

وقال :

واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

التكليف : الإلزام وأصله من الكلف ، وهو الأثر على الوجه من السواد ، فلان كلف بكذا أي مغرى به ، وقال الشاعر :

يهدى بها أكلف الخدين مختبر

من الجمال كثير اللحم عيثوم

الوارث : معروف يقال منه : ورث يرث بكسر الراء ، وقياسها في المضارع الفتح ،

ويقال : أرث وورث ،

ويقال : الإرث كما يقال ألده في ولده ، والأصل الواو .

الفصال : مصدر فصل فصلاً وفصالاً ، وجمع فصيل ، وهو المفطوم عن ثدي أمه ، وفصل بين الخصمين فرق فانفصلا ، وفصلت العير خرجت ، والمعنى فارقت مكانها ، وفصيلة الرجل أقرب الناس إليه ، والفصيلة قطعة من لحم الفخذ ، والتفصيل بمعنى التبيين ،  { مّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ } وتفصيل كل شيء تبيينه ، وهو راجع لمعنى تفريق حكم من حكم ، فيحصل به البيين ، ومدار هذه اللفظة على التفرقة والتبعيد .

التشاور : في اللغة هو استخراج الرأي ، من قولهم : شرت العسل أشوره إذا اجتنيته ، والشورة والمشورة ، وبضم العين وتنقل الحركة ، كالمعونة قال حاتم : وليس على ناري حجاب أكفها

لمقتبس ليلاً ولكن أشيرها

وقال أبو زيد : شرت الدابة وشورتها أجريتها لاستخراج جريها ، وكان مدار الكلمة على الإظهار ، فكأن كل واحد من المشاورين أظهر ما في قلبه للآخر ، ومنه الشوار ، وهو متاع البيت لظهوره للمناظر ، وشارة الرجل هيئته لأنها تظهر من زيه ، وتبتدىء من زينته ، وأو رد بعضهم عند ذكر المادة هذه الإشارة فقال : والإشارة هي إخراج ما في نفسك وإظهار للمخاطب بالنطق وغيره . إنتهى . فإن كان هذا أراد أنهما يتقاربان من حيث المعنى فصحيح ، وإن أراد أنهما مشتركان في المادة فليس بصحيح ، وقد جرت هذه المسألة بين الأمير بن أغلب متولي أفريقية وبعض العلماء من أهل بلده ، كيف يقال إذا أشاروا إلى الهلال عند طلوعه ؟ وبنوا من الإشارة تفاعلنا ، فقال ابن الاغلب : تشاورنا ، وقال ذلك العالم تشايرنا ، وسألوا قتيبة صاحب الكسائي ، وكان قد أقدم ابن الاغلب من العراق إلى افريقية لتعليم أولاده ، فقال له : كيف تبني من الإشارة : تفاعلنا ؟ فقال : تشايرنا . وأنشد للعرب بيتاً شاهداً على ذلك عجزه .

فيا حبذا يا عز ذاك التشاير

فدل ذلك على اختلاف المادتين من ذوات الياء ، والمادة الأخرى من ذوات الواو .

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } نزلت في ثابت بن بشار ، ويقال اسنان الأنصاري ، طلق امرأته حتى إذا بقي من عدّتها يومان أو ثلاثة ، وكادت أن تبين راجعها ، ثم طلقها ثم راجعها ، ثم طلقها حتى مضت سبعة أشهر مضارّة لها ، ولم يكن الطلاق يومئذ محصوراً .

والخطاب في : طلقتم ظاهره أنه للأزواج ،

وقيل : لثابت بن يسار ، خوطب الواحد بلفظ الجمع للاشتراك في الحكم وأبعد من قال : إن الخطاب للأولياء لقوله :{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } ونسبة الطلاق والإمساك والتسريح للأولياء بعيد جداً .

فبلغن أي : قاربن انقضاء العدة والأجل ، هو الذي ضربه اللّه للمعتدّات من الأقراء ، والأشهر ، ووضع الحمل . وأضاف الأجل إليهم لأنه أمس بهنّ ، ولهذا قيل : الطلاق للرجال والعدة للنساء ، ولا يحمل : بلغن أجلهنّ على الحقيقة ، لأن الإمساك إذ ذاك ليس له ، لأنها ليست بزوجة ، إذ قد تقضت عدتها فلا سبيل له عليها .

{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي راجعوهنّ قبل انقضاء العدّة ، وفسر المعروف بالإشهاد على الرجعة ،

وقيل : بما يجب لها من حق عليه ، قاله بعض العلماء ، وهو قول عمر ، وعلي ، وأبي هريرة ، وابن المسيب ،

ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، واسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي ثور ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، قالوا : الإمساك بمعروف هو أن ينفق عليها ، فإن لم يجد طلقها ، فإذا لم يفعل خرج عن حدّ المعروف ، فيطلق عليه الحاكم من أجل الضرر الذي يلحقها بإقامتها عند من لا يقدر على نفقتها ، حتى قال ابن المسيب : إن ذلك سنة .

وفي { صحيح} البخاري : تقول المرأة إما أن تطعمني ، و إما أن تطلقني وقال عطاء ، والزهري ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : لا يفرق بينهما ، ويلزمها الصبر عليه ، وتتعلق النفقة بذمته لحكم الحاكم .

والقائلون بالفرقة اختلفوا ، فقال مالك : هي طلقة رجعية لأنها فرقة بعد البناء لم يستكمل بها العدد ، ولا كانت بعوض ، ولا لضرر بالزوج ، فكانت رجعية كضرر المولي . وقال الشافعي : هي طلقة بائنة ،

وقيل : بالمعروف من غير طلب ضراءَ بالمراجعة .

{أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي : خلوهنّ حتى تنقضي عدتها ، وتبين من غير ضرار ، وعبر بالتسريح عن التخلية لأن مآلها إليه ، إذ بانقضاء العدّة حصلت البينونة .

{وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لّتَعْتَدُواْ } هذا كالتوكيد لقوله تعالى :{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } نهاهم أن لا يكون الإمساك ضراراً ، وحكمة هذا النهي أن الأمر في قوله :{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } يحصل بإمساكها مرة بمعروف ، هذا مدلول الأمر ، ولا يتناول سائر الأوقات وجاء النهي ليتناول سائر الأوقات ليعمها ، ولينبه على ما كانوا يفعلونه من الرجعة ، ثم الطلاق ، ثم الرجعة ، ثم الطلاق على سبيل الضرار ، فنهى عن هذه الفعلة القبيحة يخصوصها ، تعظيماً لهذا المرتكب الشيء الذي هو أعظم إيذاء النساء ، حتى تبقى عدتها في ذوات الأشهر تسعة أشهر .

ومعنى : ضراراً ، مضارة وهو مصدر ضار ضراراً ومضارّة ، وفسر بتطويل العدّة ، وسوء العشرة ، وبتضييق النفقة ، وهو أعم من هذا كله ، فكل إمساك لأجل الضرر والعدوان فهو منهي عنه .

وانتصب : ضراراً ، على أنه مفعول من أجله ،

وقيل : هو مصدر في موضع الحال ، أي : مضارين لتعتدوا ، أي : لتظلموهن ،

وقيل : لتلجئوهن إلى الافتداء .

واللام : لام كي ، فإن كان ضراراً حالاً تعلقت اللام به ، أو : بلا تمسكوهن ، إن كان مفعولاً من أجله تعلقت اللام به ، وكان علة للعلة ، تقول : ضربت ابني تأديباً لينتفع ، ولا يجوز أن يتعلق : بلا تمسكوهن ، لأن الفعل لا يقضي من المفعول من أجله اثنين إلاَّ بالعطف ، أو على البدل ، ولا يمكن هنا البدل لاجل اختلاف الإعراب ، ومن جعل اللام للعاقبة جوّز أن يتعلق : بلا تمسكوهن ، فيكون الفعل قد تعدى إلى علة وإلى عاقبة ، وهما مختلفان .

قوله تعالى { وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ذلك إشارة إلى الإمساك على سبيل الضرار

والعدوان ، وظلم النفس بتعويضها العذاب ، أو بأن فوت على نفسه منافع الدين من الثواب الحاصل على حسن العشرة ، ومنافع الدنيا من عدم رغبة التزويج به لاشتهاره بهذا الفعل القبيح .

{وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللّه هُزُوًا } قال أبو الدرداء : كان الرجل يطلق في الجاهلية ويقول : طلقت وأنا لاعب ، ويعتق وينكح ويقول مثل ذلك ، فأنزل اللّه هذه الآية ، فقرأها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وقال : { من طلق أو حرّر أو نكح فزعم أنه لاعب فهو جدّ} .

وقال الزمخشري : أي جدّوا في الأخذ بها ، والعمل بما فيها ، وارعوها حق رعايتها وألاَّ فقد اتخذتموها هزواً ولعباً ، ويقال لمن لم يجدّ في الأمر إنما أنت لاعب وهازي . إنتهى كلامه .

وقاله معناه جماعة من المفسرين ، وقال ابن عطية ، المراد آياته النازلة في الأوامر والنواهي ، وخصها الكلبي بقوله :{ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }{ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ}

وقال الحسن : نزلت هذه الآية فيمن طلق لاعباً وهازلاً ، أو راجع كذلك ، والذي يظهر أنه تعالى لما أنزل آيات تضمنت الأمر والنهي في النكاح ، وأمر الحيض والإيلاء ، والطلاق والعدة ، والرجعة والخلع ، وترك المعاهدة ، وكانت هذه أحكامها جارية بين الرجل وزوجته ، وفيها إيجاب حقوق للزوجة على الزوج ، وله عليها ، وكان من عادة العرب عدم الاكتراث بأمر النساء والاغتفال بأمر شأنهن ، وكنّ عندهم أقل من أن يكون لهنّ أمر أو حق على الزوج ، فأنزل اللّه فيهنّ ما أنزل من الاحكام ، وحدّ حدوداً لا تتعدى ، وأخبرهم أن من خالف فهو ظالم متعدَ ، أكد ذلك بالنهي عن اتخاذ آيات اللّه ، التي منها هذه الآيات النازله في شأن النساء ، هزؤاً ، بل تؤخذ وتتقبل بجد واجتهاد ، لأنها من أحكام اللّه ، فلا فرق بينها وبين الآيات التي نزلت في سائر التكاليف التي بين العبد وربه ، وبين العبد والناس .

وانتصب : هزؤاً ، على أنه مفعول ثانٍ : لتتخذوا ، وتقول : هزأ به هزءاً استخف .

وقرأ حمزة : هزأ ، بإسكان الزاي ، وإذا وقف سهل الهمزة على مذهبه في تسهيل الهمز ، وذكروا في كيفية تسهيله عنده فيه وجوهاً تذكر في علم القراءات ، وهو من تخفيف فعل : كعنق ، وقد تقدم الكلام في ذلك . قال عيسى بن عمر : كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وثانيه ففيه لغتان : التخفيف والتثقيل .

وقرأ هزواً بضم الزاي وابدال من الهمزة واواً ، وذلك لأجل الضم .

وقرأ الجمهور : هزؤاً بضمتين والهمز ، قيل : وهو الأصل ، وقد تقدم الكلام على ذلك في قوله تعالى: { أتتخذنا هزواً} .

{وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ } هذا أمر معطوف على أمر في المعنى ، وهو : ولا تتخذوا آيات للّه هزواً ، والنعمة هنا ليست التاء فيها للوحدة ، ولكنها بني عليها المصدر ، ويريد : النعم الظاهرة والباطنة ، وأجلها ما أنعم به من الإسلام ونبوّة محمد علية الصلاة والسلام .

و : ما أنزل عليكم ، معطوف على نعمة ، وهو تخصيص بعد تعميم ، إذ ما أنزل هو من النعمة ، وهذا قد ذكرنا أنه يسمى التجريد ، كقوله :{ وَجِبْرِيلُ } بعد ذكر الملائكة ، وتقدم القول فيه ، وأتى : بعليكم ، تنبيهاً للمأمورين وتشريفاً لهم ، إذ في الحقيقة ما أنزل إلاَّ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولكنه لما كنا مخاطبين بأحكامه ، ومكلفين باتباعه ، صار كأنه نزل علينا .

و : الكتاب ، القرآن ، و : الحكمة ، هي السنة التي بها كمال الأحكام التي لم يتضمنها القرآن ، والمبينة ما فيه من الإجمال . ودل هذا على أن السنة أنزلها اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، كما

قال تعالى :{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى}

وقيل : وفي ظاهره رد على من زعم أن له الحكم بالاجتهاد ، لأن ما يحكم به من السنة ينزل من اللّه عليه ، فلا اجتهاد ، وذكر : النعم ، لا يراد به سردها على اللسان ، وإنما المراد بلذكر الشكر عليها ، لأن ذكر المسلم النعمة سبب لشكرها ، فعبر بالسبب عن المسبب ، فإن أريد بالنعمة المنعم به فيكون : عليكم ، في موضع الحال ، فيتعلق بمحذوف ، أي : كائنة عليكم ، ويكون في ذلك تنبيه على أن نعمته تعالى منسحبة علينا ، قد استعلت وتجللت وصارت كالظلة لنا ، وإن أريد بالنعمة الإنعام فيكون : عليكم ، متعلقاً بلفظ النعمة ، ويكون إذ ذاك مصدراً من : أنعم ، على غير قياس ، كنبات من أنبت .

وعليكم ، الثانية متعلقة بأنزل ، و : من ، في موضع الحال ، أي : كائناً من الكتاب ، ويكون حالاً من ما أنزل أو من الضمير العائد على الموصول

المحذوف ، إذ تقديره : وما أنزل عليكم . ومن أثبت لمن معنى البيان للجنس جوز ذلك هنا ، كأنه قيل : وما أنزله عليكم الذي هو الكتاب والسنة .

{يَعِظُكُمْ بِهِ } يذكركم به ، والضمير عائد على : ما ، من قوله : وما أنزل ، وهي جملة حالية من الفاعل المستكن في : أنزل ، والعامل فيها : أنزل ، وجوزوا في : ما ، من قوله : وما أنزل ، أن يكون مبتدأ . و : يعظكم ، جمله في موضع الخبر ، كأنه قيل : والمنزله اللّه من الكتاب والحكمة يعظكم به ، وعطفه على النعمة أظهر .

{وَاتَّقُواْ اللّه} لما كان تعالى قد ذكر أوامر ونواهي ، وذلك بسبب النساء اللاتي هنّ مظنة الإهمال وعدم الرعاية ، أمر اللّه تعالى بالتقوى ، وهي التي بحصولها يحصل الفلاح في الدنيا والآخرة ، ثم عطف عليها ما يؤكد طلبها وهي قوله :{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } والمعنى : بطلب العلم الديمومة عليه ، إذ هم عالمون بذلك ، وفي ذلك تنبيه على أنه يعلم نياتكم في المضارة والاعتداء ، فلا تلبسوا على أنفسكم . وكرر اسم اللّه في قوله تعالى :{ وَاتَّقُواْ اللّه }{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه } لكونه من جملتين ، فتكريره أفخم ، وترديده في النفوس أعظم .

﴿ ٢٣١