٢٦١مثل الذين ينفقون . . . . . الحبة : اسم جنس لكل ما يزرعه ابن آدم ويقتاته ، وأشهر ذلك البر ، وكثيراً ما يراد بالحب . ومنه قول المتلمس : آليت حب العراق الدهر أطعمه والحب يأكله في القرية السوس وحبة القلب سويداؤه ، والحِبة بكسر الحاء بذور البقل مما ليس بقوت ، والحُبة بالضم الحب والحب الحبيب . الإنبات : الإخراج على سبيل التولد . السنبلة : معروفة ، ووزنها فنعله ، فالنون زائدة بذلك على قولهم : أسبل الزرع أرسل ما فيه كما ينسبل الثوب ، وحكى بعض اللغويين سنبل الزرع . قال بعض أصحابنا النون أصلية ، ووزنه فعلل ، لأن فنعل لم يثبت فيكون مع أسبل كسبط وسبطر . المنّ : ما يوزن به ، والمنّ قدر الشيء ووزنه ، والمنّ والمنة النعمة ، منّ عليه أنعم . ومن أسمائه تعالى : المنان ، والمنّ النقص من الحق والبخس له ، ومنه المنّ المذموم ، وهو ذكر المنة للمنعم عليه على سبيل الفخر عليه بذلك ، والاعتداد عليه باحسانه ، وأصل المنّ القطع ، لأن المنعم يقطع قطعة من ماله لمن ينعم عليه . الغني : فعيل للمبالغة من غنى وهو الذي لا حاجة له إلى أحد كما قال الشاعر : كلانا غني عن أخيه حياته ويقال غني أقام بالمكان ، والغانية هي التي غنيت بحسنها عن التحسن . الرئاء : فعال مصدر من راء من الرؤية ، ويجوز إبدال همزته ياء لكسرة ما قبلها ، وهو أن يرى الناس ما يفعله من البر حتى يثنوا عليه ويعظموه بذلك لا نية له غير ذلك . الصفوان : الحجر الكبير الأملس ، وتحريك فائه بالفتح لغة ، وقيل : هو اسم جنس واحده صفوانة . وقال الكسائي : الصفوان واحده صفي ، وانكره المبرد ، وقال : صفي جمع صفا نحو : عصا وعصي ، وقفا وقفي . وقال الكسائي أيضاً : صفوان واحد ، وجمعه صِفوان بكر الصاد . وقاله النحاس : يجوز أن يكون المكسور الصاد واحداً . وما قاله الكسائي غير صحيح ، بل صِفوان جمع لصفا . كورل وورلان ، وأخ وإخوان . وكرى وكروان . التراب : معروف ويقال فيه توراب ، وترب الرجل افتقر ، واترب استغنى ، الهمزة فيه للسلب ، أي : زال عنه الترب وهو القر ، وإذا زال عنه كان غنياً . الوابل : المطر الشديد ، وبلت السماء تبل ، والأرض موبولة . وقال النضر : أول ما يكون المطر رشاً ، ثم طساً ، ثم طلاًّ ، ورذاذاً ، ثم نضحاً وهو قطرتين قطرتين ، ثم هطلاً وتهتاناً ثم وابلاً وجوداً . والوبيل : الوخيم ، والوبيل : العصا الغليظة ، والوبيلة حزمة الحطب . الصلد : الأجرد الأملس النقي من التراب الذي كان عليه ، ومنه صلد جبين الأصلع برق . يقال : صلد يصلد صلداً . بتحريك اللام فهو صلد بالإسكان . وقال النقاش : الصلد الأجرد بلغة هذيل . وحكى أبان بن تغلب : أن الصلد هو اللين من الحجارة . وقال علي بن عيسى : الصلد ، الخالي من الخير من الحجارة والأرضين وغيرهما ، ومنه : قدر صلود : بطيئة الغليان . الربوة : قال الخليل : أرض مرتفعة طيبة ، ويقال فيها : الرباوة ، وتثلث الراء في اللغتين ، ويقال : رابية . قال الشاعر : وغيث من الوسمي جوّ تلاعه أجابت روابيه النجا وهواطله وقال الأخفش : ويختار الضم في ربوة لأنه لا يكاد يسمع في الجمع إلاَّ الربا ، وأصله من ربا الشيء زاد وارتفع . وتفسير السدّي بأنها : ما انخفض من الأرض ليس بشيء . الطل : المستدق من القطِ الخفيف ، هذا مشهور اللغة . وقال قوم ، منهم مجاهد : الطل الندى ، وهذا تجوّز . وفي { الصحاح} : الطل أضعف المطر ، والجمع طلال ، يقال : طلت الأرض وهو مطلوب . قال الشاعر : ولما نزلنا منزلاً طله الندى ويقال أيضاً : أطلها الندى ، والطلة الزوجة . النخيل : اسم جمع أو جمع تكسير ، كنخل إسم الجنس ، كما قالوا كلب وكليب . قال الراغب : سمي بذلك لأنه منخول الأشجار وصفوها ، وذلك أنه أكرم ما ينبت ، لكونه مشبهاً للحيوان في احتياج الأنثى منه إلى الفحل في التذكير . أي التلقيح ، وأنه إذا قطع رأسه لم يثمر . العنب : ثمر الكرم ، وهو اسم جنس ، واحده عنبة ، وجمع على أعناب . ويقال : عنباء بالمدغير منصرف على وزن سيراء في معنى العنب . الإعصار : ريح شديدة ترتفع فيرتفع معها غبار إلى السماء يسميها العامة الزوبعة ، قاله الزجاج ، وقيل : الريح السموم التي تقتل ، سميت بذلك لأنها تعصر السحاب ، وجمعها أعاصير . الاحتراق : معروف وفعله لا يتعدى ، ومتعديه رباعي ، تقول : أحرقتِ النارُ الحطب والخبز ، وحرق ناب الرجل ثلاثي لازم إذا احتك بغيره غيظاً ، ومتعد تقول : حرق الرجل نابه ، حكه بغيره من الغيظ . قال الشاعر : أبى الضيم والنعمان يحرق نابه عليه فأفضى والسيوف معاقله قرأناه برفع الناب ونصبه . {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّه كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } مناسبة هذه الآية لما قبلها هي أنه لما ذكر قصة المارِّ على قرية وقصة إبراهيم ، وكانا من أدل دليل على البعث ، ذكر ما ينتفع به يوم البعث ، وما يجد جدواه هناك . وهو الإنفاق في سبيل اللّه ، كما أعقب قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت بقوله :{ مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا } وكما أعقب قتل داود جالوت ، وقوله :{ وَلَوْ شَاء اللّه مَا اقْتَتَلُواْ } بقوله :{ مَا يُرِيدُ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ } فكذلك أعقب هنا ذكر الإحياء والإماتة بذكر النفقة في سبيل اللّه ، لأن ثمرة النفقة في سبيل اللّه إنما تظهر حقيقة يوم البعث :{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا } واستدعاء النفقة في سبيل اللّه مذكر بالبعث ، وخاض على اعتقاده ، لأنه لو لم يعتقد وجوده لما كان ينفق في سبيل اللّه ، وفي تمثيل النفقة بالحبة المذكورة إشارة أيضاً إلى البعث ، وعظيم القدرة ، إذ حبة واحدة يخرج اللّه منها سبعائة حبة ، فمن كان قادراً على مثل هذا الأمر العجاب ، فهو قادر على إحياء الموات ، وبجامع ما اشتركا فيه من التغذية والنمو . ويقال : لما ذكر المبدأ والمعاد ، ودلائل صحتها ، أتبع ذلك ببيان الشرائع والأحكام والتكاليف ، فبدأ بإنفاق الأموال في سبيل اللّه ، وأمعن في ذلك ، ثم انتقل إلى كيفية تحصيل الأموال بالوجه الذي جوز شرعاً . ولما أمل في ذكر التضعيف في قوله :{ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } وأطلق في قوله :{ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ } فصل في هذه الآية ، وقيد بذكر المشبه به ، وما بين الآيات دلالة على قدرته على الإحياء والإماتة ، إذا لولا ذلك لم يحسن التكليف كما ذكرناه ، فهذه وجوه من المناسبة والمثل هنا الصفة ، ولذك قال :{ كَمَثَلِ حَبَّةٍ } أي كصفة حبة ، وتقدير زيادة الكاف ، أو زيادة مثل . قول بعيد . وهذه الآية شبيهة في تقدير الحذف بقوله :{ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ } فيحتمل أن يكون الحذف من الأول ، أي : مثل منفق الذين ، أو من الثاني :أي كمثل زارع حتى يصح التشبيه ، أو من الأول ومن الثاني باختلاف التقدير ، أي : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه ومنفقهم . كمثل حبة وزارعها . وقد تقدم الكلام في تقرير هذا الوجه في قصة الكافر والناعق ، فيطالع هناك . وهذا المثل يتضمن التحريض على الإنفاق في سبيل اللّه جميع ما هو طاعة ، وعائد نفعه على المسلمين ، وأعظمها وأغناها الجهاد لإعلاء كلمة اللّه وقيل : المراد : بسبيل اللّه ، هنا الجهاد خاصة ، وظاهر الإنفاق في سبيل اللّه يقتفي الفرض والنفل ، ويقتضي الإنفاق على نفسه في الجهاد وغيره ، والإنفاق على غيره ليتقوى به على طاعة من جهاد أو غيره . وشبه الإنفاق بالزرع ، لأن الزرع لا ينقطع . وأظهر تاء التأنيث عند السين : الحرميان ، وعاصم ، وابن ذكوان ، وأدغم الباقون . ولتقارب السين من التاء أبدلت منها : النات ، والأكيات في : الناس ، والأكياس . ونسب الإنبات إلى الحبة على سبيل المجاز ، إذ كانت سبباً للإنبات ، كما ينسب ذلك إلى الماء والأرض والمنبت هو اللّه ، والمعنى : أن الحبة خرج منها ساق ، تشعب منها سبع شعب ، في كل شعبة سنبلة ، في كل سنبلة مائة حبة ، وهذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها ماثلة بين عيني الناظر ، قالوا : والممثل به موجود ، شوهد ذلك في سنبلة الجاورس . وقال الزمخشري : هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما ، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المغلة ، فبلغ حبها هذا المبلغ ، ولم لم يوجد لكان صححيحاً في سبيل الفرض والتقدير ؛ إنتهى كلامه . وقال ابن عيسى : ذلك يتحقق في الدخن ، على أن التمثيل يصح بما يتصور ، وإن لم يعاين . كما قال الشاعر : فما تدوم على عهد تكون به كما تلوّن في أثوابها الغول إنتهى كلامه . وكما قال امرؤ القيس : أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال وخص سبعاً من العدد لأنه كما ذكر ، وأقصى ما تخرجه الحبة من الأسؤق . وقتال ابن عطية : قد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة ، وأما في سائر الحبوب فأكثر ، ولكن المثال وقع بمائة ، وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشرة أمثالها ، واقتضت هذه الآية أن نفقة الجهاد بسبعمائة ضعف ، ومن ذلك الحديث الصحيح . إنتهى ما ذكره . وقيل : واختص هذا العدد لأن السبع أكثر أعداد العشرة ، والسبعين أكثر أعداد المائة ، وسبع المائة أكثر أعداد الألف ، والعرب كثيراً ما تراعي هذه الأعداد . قال تعالى : { سَبْعَ سَنَابِلَ } و { سَبْعَ لَيَالٍ } و { سَبْعَ سُنبُلَاتٍ } و { سَبْعَ بَقَراتٍ } و { سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } و { سَبْعُ سِنِينَ } و { ءانٍ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً }{ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً } وفي الحديث : { إلى سبطعمائة ضعف }، { إلى سبعة آلاف} ، {إلى ما لا يحصي عدده إلاَّ اللّه} وأتى التميير هنا بالجمع الذي لا نظير له في الآحاد ، وفي سورة يوسف بالجمع بالألف والتاء في قوله :{ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ} قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل :{ سَبْعَ سُنبُلَاتٍ } على حقه من التمييز لجمع القله ، كما قال :{ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ } ؟ قلت : هذا لما قدمت عند قوله :{ ثَلَاثَةَ قُرُوء } من وقوع أمثلة الجمع متعاورة مواقعها إنتهى كلامه . فجعل هذا من باب الاتساع ، ووقوع أحد الجمعين موقع الآخر على سبيل المجاز ، إذ كان حقه أن يميز بأقل الجمع ، لأن السبع من أقل العدد ، وهذا الذي قاله الزمخشري ليس على إطلاقه ، فنقول جمع السلامة بالواو والنون ، أو بالألف والتاء ، لا يميز به من ثلاثة إلى عشرة إلاَّ إذا لم يكن لذلك المفرد جمع غير هذا الجمع ، أو جاور ما أهمل فيه هذا الجمع ، وإن كان المجاور لم يهمل فيه هذا الجمع . فمثال الأول :قوله تعالى :{ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } فلم يجمع سماء هذه المظلة تسوى هذا الجمع وأما قوله : فوق سبع سمائيا فنصوا على شذوذه ، وقوله تعالى :{ سَبْعَ بَقَراتٍ }{ عَلَيْهِمْ ءايَاتُ } وخمس صلوات لأن البقرة والآية والصلاة ليس لها سوى هذا الجمع ، ولم يجمع على غيره . ومثال الثاني :قوله تعالى :{ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ } لما عطف على :{ سَبْعَ بَقَراتٍ } وجاوره حسن فيه جمعه بالألف والتاء ، ولو كان لم يعطف ولم يجاور لكان :{ سَبْعَ سَنَابِلَ } ، كما في هذه الآية ، ولذلك إذا عرى عن المجاور جاء على مفاعل في الأكثر ، وأَلاوْلى ، وإن كان يجمع بالألف والتاء ، مثال ذلك قوله تعالى :{ سَبْعَ طَرَائِقَ } و { سَبْعَ لَيَالٍ } ولم يقل : طريقات ، ولا : ليلات ، وإن كان جائزاً في جمع طريقة وليلة ، وقوله تعالى :{ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } ، وإن كان جائزاً في جمعه أن يكون جمع سلامة . فتقول : مسكينون ومسكينين ، وقد آثروا ما لا يماثل مفاعل من جموع الكثرة على جمع التصحيح ، وإن لم يكن هناك مجاور يقصد مشاكلته لقوله تعالى :{ ثَمَانِىَ حِجَجٍ } وإن كان جائزاً فيه أن يجمع بالألف والتاء ، لأن مفرده حجة ، فتقول : حجات ، فعلى هذا الذي تقرر إذا كان للاسم جمعان : جمع تصحيح ، وجمع تكسير ، فجمع التكسير إما أن يكون للكثرة أو للقلة ، فإن كان للكثرة ، فإما أن يكون من باب مفاعل ، أو من غير باب مفاعل ، إن كان من باب مفاعل أوثر على جمع التصحيح ، فتقول : جاءني ثلاثة أحامد ، وثلاث زيانب ، ويجوز التصحيح على قلة ، فتقول : جاءني ثلاثة أحامد ، وثلاث زينبات ، وإن لم يكن من باب مفاعل . فإما أن يكثر فيه غير التصحيح ، وغير جمع الكثرة ، فلا يجوز التصحيح ، ولا جمع الكثرة إلاَّ قليلاً ، مثال ، ذلك : جاءني ثلاثة زيود ، وثلاث هنود ، وعندي ثلاثة أفلس ، ولا يجوز : ثلاثة زيدين ، و ، لا : ثلاث هندات ، ولا : ثلاثة فلوس ، إلاَّ قليلاً . وإن قل فيه غير التصحيح ، وغير جمع الكثرة أوثر التصحيح وجمع الكسرة ، مثال ذلك : ثلاث سعادات ، وثلاثة شسوع ، ويجوز على قلة : ثلاث سعائد ، وثلاثة أشسع . وتحصل من هذا الذي قررناه أن قوله { سَبْعَ سَنَابِلَ } جاء على ما تقرر في العربية من كونه جمعاً متناهياً ، وأن قوله :{ سَبْعَ سُنبُلَاتٍ } إنما جاز لأجل مشاكلة :{ سَبْعَ بَقَراتٍ } ومجاورته ، فليس استعذار الزمخشري بصحيح . و { فِي كُلّ سُنبُلَةٍ } في موضع الصفة : لسنابل ، فتكون في موضج جر ، أو : لسبع ، فيكون في موضع نصب ، وترتفع على التقديرين : مائة ، على الفاعل لأن الجار قد اعتمد بكونه صفته ، وهو أحسن من أن يرتفع على الابتداء ، و : في كل ، خبره ، والجملة صفة ، لأن الوصف بالمفرد أولى من الوصف بالجملة ، ولا بد من تقدير محذوف ، أي : في كل سنبلة منها ، أي : من السنابل . وقرىء شاذاً : مائة حبة ، بالنصب ، وقدر بأخرجت ، وقدره ابن عطية بأنبتت ، والضمير عائد على الحبة ، وجوز أن ينتصب على البدل من :{ سَبْعَ سَنَابِلَ } وفيه نظر ، لأنه لا يصح أن يكون بدل كل من كل ، لأن { مّاْئَةُ حَبَّةٍ } ليس نفس { سَبْعَ سَنَابِلَ } ولا يصح أن يكون بدل بعض من كل ، لأنه لا ضمير في البدل يعود على المبدل منه ، وليس :{ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } بعضاً من { سَبْعَ سَنَابِلَ } لأن المظروف ليس بعضاً من الظرف ، والسنبلة ظرف للحب . ألا ترى إلى قوله { فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } ولا يصح أن يكون بدل اشتمال لعدم عود الضمير من البدل على المبدل منه ، ولأن المشتمل على مائة حبة هو سنبلة من سبع سنابل ، إلاَّ إن قيل : المشتمل على المشتمل على الشيء هو مشتمل على ذلك الشيء ، والسنبلة مشتمل على سبع سنابل ، فالسبع مشتملة على حب السنبلة ، فإن قدرت في الكلام محذوفاً . وهو : أنبتت حب سبع سنابل ، جاز أن يكون :{ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } بدل بعض من كل على حذف : حب ، وإقامة سبع مقامه . وظاهر قوله :{ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } العدد المعروف ، ويحتمل أن يكون المراد به التكثير ، كأنه قيل : في كل سنبلة حب كثير ، لأن العرب تكثر بالمائة ، وتقدم لنا ذكر نحو ذلك في قوله { وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} قيل : وفي هذه الآية دلالة على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحِرَفِ التي يتخذها الناس ، ولذلك ضرب اللّه به المثل في قوله :{ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ } الآية . وفي { صحيح مسلم}.{ ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة}. وفي رواية أخرى . { وما رزىء فهو صدقة}. وفي الترمذي : { التمسوا الرزق في خبايا الأرض } يعني : الزرع وقال بعضهم ، وقد قال له رجل : دلني على عمل أعالجه ، فقال : تتبع خبايا الأرض وادع مليكها لعلك يوماً أن تجاب وترزقا والزراعة من فروض الكفاية ، فيجبر عليها بعض الناس إذا اتفقوا على تركها . {وَاللّه يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء } أي هذا التضعيف إذ لا تضعيف فوق سبعمائة ، وقيل : يضاعف أكثر من هذا العدد وروي عن ابن عباس : أن التضعيف ينتهي لمن شاء اللّه إلى ألفي ألف . قال ابن عطية : وليس هذا بثابت الإسناد عنه . انتهى . وقال الضحاك : يضاعف إلى ألوف الألوف ، وخرّج أبو حاتم في صحيحه المسمى { بالتقاسيم والأنواع} عن ابن عمر قال : لما نزلت { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّه } الآية قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { رب زد أمّتي} . فنزلت { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وفي { سنن النسائي} قريب من هذا ، إلاَّ أنه ذكر بين الآيتين نزول . { مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} وقوله :{ لِمَن يَشَاء } أي : لمن يشاء التضعيف . وفيه دلالة على حذف ، ذلك بمشيئة اللّه تعالى وارادته . وقال الزمخشري : أي يضاعف تلك المضاعفة لا لكل منفق ، لتفاوت أحوال المنفقين ، أو يضاعف سبع المائة ويزيد عليها أضعافاً لمن يستوجب ذلك . انتهى . فقوله : لمن يستوجب ذلك ، فيه دسيسه الاعتزال . {وَاللّه واسِعٌ عَلِيمٌ } أي : واسع بالعطاء ، عليم بالنية . وقيل : واسع القدرة على المجازاة ، عليم بمقادير المنفقات وما يرتب عليها من الجزاء . |
﴿ ٢٦١ ﴾