٨٥

ومن يبتغ غير . . . . .

{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } الإسلام هنا قيل هو الاستسلام إلى اللّه والتفويض إليه ، وهو

مطلوب في كل زمان ومكان وشريعة ، ولذلك فسره الزمخشري بالتوحيد ، وإسلام الوجه للّه .

وقيل : المراد بالإسلام شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، بيَّن تعالى أن من تحرّى بعد مبعثه شريعة غير شريعته فغير مقبول منه ، وهو الدين الذي وافق في معتقداته دين من ذكر من الأنبياء .

قيل :

وعن ابن عباس لما نزلت : { إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى } الآية أنزل اللّه بعدها :{ وَمَن يَبْتَغِ } الآية . وهذا إشارة إلى نسخ { إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ} وعن عكرمة : لما نزلت قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : قد أسلمنا قبلك ونحن المسلمون ، فقال اللّه له : حجهم يا محمد ، وأنزل { وَللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } فحج المسلمون وقعد الكفار .

وقيل : نزلت في الحارث بن سويد ، وستأتي قصته بعد هذا . وقبول العمل هو رضاه وإثابة فاعله عليه .

وانتصب : ديناً على التمييز : لغير ، لأن : غير ، مبهمة ، ففسرت بدين ، كما أن مثلاً مبهمة فتفسر أيضاً . وهذا كقولهم : لنا غيرها إبلاً وشاء ، ومفعول : يبتغ هو : غير ،

وقيل : ديناً ، مفعول ، و : غير ، منصوب على الحال لأنه لو تأخر كان نعتاً

وقيل : ديناً ، بدل من : غير ، والجمهور على إظهار الغينين وروي عن أبي عمرو الإدغام .

{وَهُوَ فِى الاْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الخسران في الآخرة هو حرمان الثواب وحصول العقاب شبه في تضييع زمانه في الدنيا باتباع غير الإسلام بالذي خسر في بضاعته ، ويحتمل أن تكون هذه الجملة قد عطفت على جواب الشرط ، فيكون قد ترتب على ابتغاء غير الإسلام ديناً عدم القبول والخسران ، ويحتمل أن لا تكون معطوفة عليه بل هي استئناف إخبار عن حاله في الآخرة .

و : في الآخرة متعلق بمحذوف يدل عليه ما بعده ، أي : وهو خاسر في الآخرة ، أو : بإضمار أعني ، أو : بالخاسرين على أن الألف واللام ليست موصولة بل للتعريف ، كهي في : الرجل ، أو : به على أنها موصولة ، وتسومح في الظرف والمجرور لأنه يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما ، وكلُّ منقول ، وقد تقدّم لنا نظير .

﴿ ٨٥