١٢٥

بلى إن تصبروا . . . . .

{إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هَاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مّنَ الْمَلَئِكَةِ مُسَوّمِينَ } رتب تعالى على مجموع الصبر والتقوى وإتيان العدد من فورهم إمداده تعالى المؤمنين بأكثر من العدد السابق وعلّقه على وجودها ، بحيث لا يتأخر نزول الملائكة عن تحليهم بثلاثة الأوصاف . ومعنى من فورهم : من سفرهم . هذا قاله ابن عباس . أو من وجههم هذا قاله : الحسن ، وقتادة ، والسدي . قيل : وهي لغة هذيل ، وقيس ، وغيلان ، وكنانة : أو من غصبهم هذا قاله : مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وأبو صالح مولى أم هانىء أو معناه في نهضتهم هذه قاله : ابن عطية . أو المعنى من ساعتهم هذه قاله الزمخشري .

ولفظة الفور تدل على السرعة والعجلة . تقول : افعل هذا على الفور ، لا على التراخي . ومنه الفور في الحج والوضوء . وفي إسناد الإمداد إلى لفظة ربكم دون غيره من أسماء اللّه إشعارٌ بحسن النظر لهم ، واللطف بهم .

وقرأ الصاحبان والأخوان مسوّمين بفتح الواو ، وأبو عمرو وابن كثير وعاصم : بكسرها .

وقيل : من السوم ، وهي العلامة يكون على الشاة وغيرها ، يجعل عليها لون يخالف لونها لتعرف .

وقيل : من السوم وهو ترك البهيمة ترعى . فعلى الأول روي أن الملائكة كانت بعمائم بيض ، إلا جبريل فبعمامة صفراء كالزبير قاله : ابن إسحاق ، والزجاج .

وقيل : بعمائم صفر كالزبير قاله : عروة وعبد اللّه ابنا الزبير ، وعباد بن حمزة بن عبد اللّه بن الزبير ، والكلبي وزاد : مرخاة على أكتافهم . قيل : وكانوا على خيل بلق ، وكانت سيماهم قاله : قتادة ، والربيع . أو خيلهم مجزوزة النواصي والأذناب ، معلمتها بالصوف والعهن . قاله : مجاهد . فبفتح الواو ومعلمين ، وبكسرها معلمين أنفسهم أو خيلهم . ورجح الطبري قراءة الكسر ، بأنه عليه الصلاة والسلام قاله يوم بدر :{ سوّموا فإن الملائكة قد سوّمته } وعلى القول

الثاني : وهو السوم . فمعنى مسوِّمين بكسر الواو : وسوّموا خيلهم أي أعطوها من الجري والجولان للقتال ، ومنه سائمة الماشية .

وأما بفتح الواو فيصح فيه هذا المعنى أيضاً ، قاله : المهدوي وابن فورك . أي سوّمهم اللّه تعالى ، بمعنى أنه جعلهم يجولون ويجرون للقتال . وقال أبو زيد : سوّم الرجل خيله أي أرسلها في الغارة .

وحكى بعض البصريين : سوّم الرجل غلامه أرسله وخلى سبيله . ولهذا قال الأخفش : معنى مسوّمين مرسلين . وفي الآية دليل على جواز اتخاذ العلامة للقبائل والكتائب لتتميز كل قبيلة وكتيبة عند الحرب .

﴿ ١٢٥