١٢٦وما جعله اللّه . . . . . {وَمَا جَعَلَهُ اللّه إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } الظاهر أن الهاء في جعله عائدة على المصدر والمفهوم من يمددكم وهو الإمداد . وجوّز أن يعود على التسويم ، أو على النصر ، أو على التنزيل ، أو على العدد ، أو على الوعد . وإلاّ بشرى مستثنى من المفعول له ، أي : ما جعله اللّه لشيء إلا بشرى لكم . فهو استثناء فرغ له العامل ، وبشرى مفعول من أجله . وشروط نصبه موجودة وهو : أنه مصدر متحد الفاعل والزمان . ولتطمئن معطوف على موضع بشرى ، إذ أصله لبشرى . ولما اختلف الفاعل في ولتطمئن ، أتى باللام إذ فات شرط اتحاد الفاعل ، لأن فاعل بشرى هو اللّه ، وفاعل تطمئن هو قلوبكم . وتطمئن منصوب بإضمار أن بعد لام كي ، فهو من عطف الإسم على توهم . موضع اسم آخر ، وجعل على هذا التقدير متعدية إلى واحد . وقال الحوفي : إلا بشرى في موضع نصب على البدل من الهاء ، وهي عائدة على الوعد بالمدد . وقيل : بشرى مفعول ثان لجعله اللّه . فعلي هذين القولين تتعلق اللام في لتطمئن بمحذوف ، إذ ليس قبله عطف يعطف عليها . قالوا : تقديره ولتطمئن قلوبكم به بشركم . وبشرى : فعلى مصدر كرجعى ، وهو مصدر من بشر الثلاثي المجرد ، والهاء في به تعود على ما عادت عليه في جعله على الخلاف المتقدم . و قال ابن عطية : اللام في ولتطمئن متعلقة بفعل مضمر يدل عليه جعله . ومعنى الآية : وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به ، وتطمئن به قلوبكم انتهى . وكأنه رأى أنه لا يمكن عنده أن يعطف ولتطمئن على بشرى على الموضع ، لأن من شرط العطف على الموضع عند أصحابنا أن يكون ثم محزر للموضع ، ولا محرز هنا ، لأن عامل الجر مفقود . ومن لم يشترط المحرز فيجوز ذلك على مذهبه ، وإن لا فيكون من باب العطف على التوهم كما ذكرناه أولاً . وقال أبو عبد اللّه محمد بن عمر الرازي : قال بعضهم : الواو زائدة في ولتطمئن . وقال أيضاً في ذكر الإمداد : مطلوبان ، أحدهما : إدخال السرور في قلوبهم ، وهو المراد بقوله : ألا بشرى . والثاني : حصول الطمأنينة بالنصر ، فلا تجبنوا ، وهذا هو المقصود الأصلي . ففرق بين هاتين العبارتين تنبيهاً على حصول التفاوت بين الأمرين ، فعطف الفعل على الإسم . ولما كان الأقوى حصول الطمأنينة أدخل حرف التعليل انتهى . وفيه بعض ترتيب وتناقش في قوله : فعطف الفعل على الاسم ، إذ ليس من عطف الفعل على الاسم . وفي قوله : أدخل حرف التعليل ، وليس ذلك لما ذكر . {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّه الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } حصر كينونة النصر في جهته ، لا أنَّ ذلك يكون من تكثير المقاتلة ، ولا من إمداد الملائكة . وذكر الإمداد بالملائكة تقوية لرجاء النصر لهم ، وتثبيتاً لقلوبهم . وذكر وصف العزة وهو الوصف الدال على الغلبة ، ووصف الحكمة وهو الوصف الدال على وضع الأشياء مواضعها من : نصرٍ وخذلان وغير ذلك . |
﴿ ١٢٦ ﴾