١٣١

واتقوا النار التي . . . . .

لما تقدم { واتقوا اللّه} والذوات لا تتقى ، فإنما المتقي محذوف أوضحه في هذه الآية . فقال : واتقوا النار . والألف واللام في النار للجنس ، فيجوز أن تكون النار التي وعد بها آكل الربا أخف من نار الكافر ، أي أعدّ جنسها للكافرين . ويجوز أنّ تكون للعهد ، فيكون آكل الربا قد توعد بالنار التي يعذب بها الكافر .

وقيل : توعد أكلة الربا بنارالكفرة ، إذ النار سبع طبقات : العليا منها وهي جهنم للعصاة ، والخمس للكفار ، والدرك الأسفل للمنافقين . فأكلة الربا يعذبون بنار الكفار ، لا بنار العصاة .

وقال ابن عباس : هذا تهديد للمؤمنين لئلا يستحلوا الربا .

وقال الزجاج : والمعنى واتقوا أن تحلوا ما حرم اللّه فتكفروا .

وقيل : اتقوا العمل الذي ينزع منكم الإيمان وتستوجبون به النار . وكان أبو حنيفة يقول : هي أخوف آية في القرآن ، حيث أوعد اللّه المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه باجتناب محارمه .

قال الزمخشري : وقد أمد ذلك أتبعه بما من تعليق رجاء المؤمن لرحمته بتوفرهم على طاعته وطاعة رسوله ، ومن تأمل هذه الآيات وأمثالها لم يحدث نفسه بالأطماع الفارغة ، والتمني على اللّه تعالى . وفي ذكره تعالى لعل وعسى في نحو هذه المواضع ، وإن قال الناس ما قالوا ما لا يخفى على العارف الفطن من دقة مسلك التقوى ، وصعوبة إصابة رضا اللّه عز وجل ، وعزّة التوصل إلى رحمته وثوابه انتهى . كلامه وهو جار على مذهبه من تقنيط العاصي غير التائب من رحمة ربه ، وولوعه بمذهبه يجعله يحمل ألفاظ القرآن ما لا يحتمله ، أو ما هو بعيد عنها . وتقدم شرح أعدت للكافرين في أوائل البقرة .

﴿ ١٣١