١٣٣وسارعوا إلى مغفرة . . . . . الكظم : الإمساك على غيظ وغم . والكظيم : الممتلىء أسفار ، وهو المكظوم . وقال عبد المطلب : فخضضت قومي واحتسبت قتالهم والقوم من خوف المنايا كظم وكظم الغيظ رده في الجوف إذا كان يخرج من كثرته ، فضبطه ومنعه كظم له . ويقال : كظم القربة إذا شدّها وهي ملأى . والكظام : السير الذي يشد به فمها . وكظم البعير : جرته ردها في جوفه ، أو حبسها قبل أن يرسلها إلى فيه ويقال : كظم البعير والناقة إذا لم يجترا ، ومنه قول الراعي : فأفضن بعد كظومهن بجرة من ذي الأباطح أذرعين حقيلا الحقيل : موضع ، والحقيل أيضاً نبت . ويقال : لا تمنع الإبل جرتها إلا عند الجهد والفزع ، فلا تجتر . ومنه قول أعشى باهلة يصف نحار الإبل : قد تكظم البزل منه حين تبصره حتى تقطع في أجوافها الجرر الإصرار : اعتزام الدوام على الأمر . وترك الإقلاع عنه ، من صرّ الدنانير ربط عليها . وقال أبو السمال : علم اللّه أنها مني صرى أي عزيمة . وقال الحطيئة يصف الخيل : عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا علاليها بالمحضرات أصرت أي ثبتت على عدوها . وقال آخر : يصر بالليل ما تخفى شواكله يا ويح كل مصر القلب ختار السنة : الطريقة . وقال المفضل : الأمة وأنشد : ما عاين الناس من فضل كفضلكم ولا رؤى مثله في سالف السنن وسنة الإنسان الشيء الذي يعمله ويواليه ، كقول خالد الهذلي لأبي ذؤيب : فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها وقال سليمان بن قتيبة : وإن الألى بألطف من آل هاشم تأسوا فسنوا للكرام التأسيا وقال لبيد : من أمة سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها وقال الخليل : سن الشيء صورة . والمسنون المصور ، وسن عليهم شراً صبه ، والماء والدرع صبهما . واشتقاق السنة يجوز أن يكون من أحد هذين المعنيين ، أو من سن السنان والنصل حدهما على المسن ، أو من سن الإبل إذا أحسن رعيها . السير في الأرض : الذهاب . وهن الشيء ضعف ، ووهنه الشيء أضعفه . يكون متعدياً ولازماً . وفي الحديث : { وهنتهم حمى يثرب } والوهن الضعف . وقال زهير : فأصبح الحبل منها واهناً خلقاً القرح والقرح لغتان ، كالضعف والضعف ، والكره والكره : الفتحُ لغة الحجاز : وهو الجرح . قال حندج : وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة لعل منايانا تحولن أبؤسا وقال الأخفش : هما مصدران . ومن قال : القَرح بالفتح الجرح ، وبالضم المد ، فيحتاج في ذلك إلى صحة نقل عن العرب . وأصل الكلمة الخلوص ، ومنه : ماء قراح لا كدورة فيه ، وأرض قراح خالصة الطين ، وقريحة الرجل خالصة طبعه . المداولة : المعاودة ، وهي المعاهدة مرة بعد مرة . يقال : داولت بينهم الشيء فتداولوه . قال : يرد المياه فلا يزال مداويا في الناس بين تميل وسماع وأدلته جعلت له دولة وتصريفاً ، والدولة بالضم المصدر ، وبالفتح الفعلة الواحدة ، فلذلك يقال : في دولة فلان ، لأنها مرة في الدهر . والدور والدول متقاربان ، لكن الدور أعم . فإن الدولة لا تقال إلا في الحظ الدنيوي . المحص كالفحص ، لكن الفحص يقال في إبراز الشيء عن خلال أشياء منفصلة عنه . والمحص عن إبرازه عن أشياء متصلة به . قال الخليل : التمحيص التخليص عن العيوب ، ويقال : محص الحبل إذا زال عنه بكثرة مره على اليد زبيره وأملس ، هكذا ساق الزجاج اللفظة الحبل . ورواها النقاش : محص الجمل إذا زال عنه وبره وأملس . وقال حنيف الحناتم : وقد ورد ماء اسمه طويلع ، إنك لمحص الرشاء ، بعيد المستقى ، مطل على الأعداء . المعنى : أنه لبعده يملس حبله بمر الأيدي . { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } قرأ ابن عامر ونافع : سارعوا بغير واو على الاستئناف ، والباقون بالواو على العطف . لما أمروا بتقوى النار أمروا بالمبادرة إلى أسباب المغفرة والجنة . وأمال الدوري في قراءة الكسائي : وسارعوا لكسرة الراء . وقرأ أبي وعبد اللّه : وسابقوا والمسارعة : مفاعلة . إذ الناس كل واحد منهم ليصل قبل غيره فبينهم في ذلك مفاعلة . ألا ترى إلى قوله :{ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } والمسارعة إلى سبب المغفرة وهو الإخلاص ، قاله عثمان . أو أداء الفرائض قاله علي . أو الإسلام قاله : ابن عباس . أو التكبيرة الأولى من الصلاة مع الإمام قاله : أنس ومكحول . أو الطاعة قاله : سعيد بن جبير . أو التوبة قاله : عكرمة . أو الهجرة قاله : أبو العالية . أو الجهاد قاله : الضحاك . أو الصلوات الخمس قاله : يمان . أو الأعمال الصالحة قاله : مقاتل . وينبغي أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل لا على التعيين والحصر . قال الزمخشري : ومعنى المسارعة إلى المغفرة والجنة الإقبال على ما يستحقان به انتهى . وفي ذكر الاستحقاق دسيسة الاعتزال ، وتقدم ذكر المغفرة على الجنة لأنها السبب الموصل إلى الجنة ، وحذف المضاف من السموات أي : عرض السموات بعد حذف أداة التشبيه أي : كعرض . وبعد هذا التقدير اختلفوا ، هل هو تشبيه حقيقي ؟ أو ذهب به مذهب السعة العظيمة ؟ لما كانت الجنة من الاتساع والانفساح في الغاية القصوى ، إذ السموات والأرض أوسع ما علمه الناس من مخلوقاته وأبسطه ، وخص العرض لأنه في العادة أدنى من الطول للمبالغة ، فعلى هذا لا يراد عرض ولا طول حقيقة قاله : الزجاج . وتقول العرب : بلاد عريضة ، أي واسعة . وقال الشاعر : كأن بلاد اللّه وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل والقول الأول عن ابن عباس وغيره . قال ابن عباس وسعيد بن جبير : والجمهور تقرن السموات والأرض بعضها إلى بعض كما تبسط الثياب ، فذلك عرض الجنة ، ولا يعلم طولها إلا اللّه انتهى ولا ينكر هذا . فقد ورد في الحديث في وصف الجنة وسعتها ما يشهد لذلك . وأورد ابن عطية من ذلك أشياء في كتابه . والجنة على هذا القول أكبر من السموات ، وهي ممتدّة في الطول حيث شاء اللّه . وخص العرض بالذكر لدلالته على الطول ، والطول إذا ذكر لا يدل على سعة العرض ، إذ قد يكون العرض يسيراً كعرض الخيط . وقال قوم : معناه كعرض السموات والأرض طباقاً ، لا بأنْ تقرن كبسط الثياب . فالجنة في السماء وعرضها كعرضها ، وعرض ما وازاها من الأرضين إلى السابعة ، وهذه دلالة على العظيم . وأغنى ذكر العرض عن ذكر الطول . وقال ابن فورك : الجنة في السماء ، ويزاد فيها يوم القيامة ، وتقدم الكلام في الجنة أخلقت ؟ وهو ظاهر القرآن . ونص الآثار الصحيحة النبوية أم لم تخلق ؟ بعدُ وهو قول : المعتزلة ، ووافقهم من أهل بلادنا القاضي منذر بن سعيد . وأما قول ابن فورك أنه يزاد فيها فيحتاج إلى صحة نقل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم. وقال الكلبي : الجنان أربع : جنة عدن ، وجنة المأوى ، وجنة الفردوس ، وجنة النعيم . كل جنة منها كعرض السماء والأرض ، لو وصل بعضها ببعض ما علم طولها إلا اللّه . وقال ابن بحر : هو من عرض المتاع على البيع ، لا العرض المقابل للطول . أي لو عورضت بها لساوها نصيب كل واحد منكم ، وجاء إعدادها للمتقين فخصوا بالذكر تشريفاً لهم ، وإعلاماً بأنهم الأصل في ذلك ، وغيرهم تبع لهم في إعدادها . وإن أريد بالمتقين متقو الشرك كان عاماً في كل مسلم طائع أو عاص . |
﴿ ١٣٣ ﴾