١٤١

وليمحص اللّه الذين . . . . .

{وَلِيُمَحّصَ اللّه الَّذِينَ ءامَنُواْ } أي يطهرهم من الذنوب ، ويخلصهم من العيوب ، ويصفيهم . قال ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي ومقاتل وابن قتيبة في آخرين : التمحيص الابتلاء والاختبار . قال الشاعر : رأيت فضيلاً كان شيئاً ملففا

فكشفه التمحيص حتى بداليا

وقال الزجاج : التنقية والتخليص ، وذكره عن : المبرد ، وعن الخليل .

وقيل : التطهير . وقال الفراء : هو على حذف مضاف ، أي وليمحص اللّه ذنوب الذين آمنوا .

{وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } أي يهلكهم شيئاً فشيئاً . والمعنى : أن الدولة إن كانت للكافرين على المؤمنين كانت سبباً لتمييز المؤمن من غيره ، وسبباً لاستشهاد من قتل منهم ، وسبباً لتطهير المؤمن من الذنب . فقد جمعت فوائد كثيرة للمؤمنين ، وإن كان النصر للمؤمنين على الكافرين كان سبباً لمحقهم بالكلية واستئصالهم قاله : ابن عباس .

وقال ابن عباس أيضاً : ينقصهم ويقللّهم ، وقاله : الفراء . وقال مقاتل : يذهب دعوتهم .

وقيل : يحبط أعمالهم ، ذكره الزجاج ، فيكون على حذف مضاف .

والظاهر أن المراد بالكافرين هنا طائفة مخصوصة ، وهم الذين حاربوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. لأنه تعالى لم يمحق كل كافر ، بل كثير منهم باق على كفره . فلفظة الكافرين عام أريد به الخصوص . قيل : وقابل تمحيص المؤمن بمحق الكافر ، لأن التمحيص إهلاك الذنوب ، والمحق إهلاك النفوس ، وهي مقابلة لطيفة في المعنى انتهى . وفي ذكر ما يلحق المؤمن عند إدالة الكفار تسلية لهم وتبشير بهذه الفوائد الجليلة ، وأن تلك الإدالة لم تكن لهوانٍ بهم ، ولا تحط من أقدارهم ، بل لما ذكر تعالى .

وقد تضمنت هذه الآيات فنوناً من الفصاحة والبديع والبيان : من ذلك الاعتراض في : واللّه يحب المحسنين ، وفي : ومن يغفر الذنوب إلا اللّه ، وفي : واللّه لا يحب الظالمين . وتسمية الشيء باسم سببه في : إلى مغفرة من ربكم . والتشبيه في : عرضها السموات والأرض .

وقيل : هذه استعارة وإضافة الحكم إلى الأكثر في أعدّت للمتقين ، وهي معدة لهم ولغيرهم من العصاة . والطباق في : السرّاء والضرّاء ، وفي : ولا تهنوا والأعلون ، لأن الوهن والعلو ضدان . وفي آمنوا

والظالمين ، لأن الظالمين هنا هم الكافرون ، وفي : آمنوا ويمحق الكافرين . والعام يراد به الخاص في : والعافين عن الناس يعني من ظلمهم أو المماليك . والتكرار في : واتقوا اللّه ، واتقوا النار ، وفي لفظ الجلالة ، وفي واللّه يحب ، وذكروا اللّه ، وفي وليعلم اللّه ، واللّه لا يحب ، وليمحص اللّه ، وفي الذين ينفقون ، والذين إذا فعلوا . والاختصاص في : يحب المحسنين ، وفي : وهم يعلمون ، وفي : عاقبة المكذبين ، وفي : موعظة للمتقين ، وفي : إن كنتم مؤمنين ، وفي : لا يحب الظالمين ، وفي : وليمحص اللّه الذين آمنوا ، وفي : ويمحق الكافرين . والاستعارة في : فسيروا ، على أنه من سير الفكر لا القدم ، وفي : وأنتم الأعلون ، إذا لم تكن من علو المكان ، وفي : تلك الأيام نداولها ، وفي : وليمحص ويمحق ، والإشارة في هذا بيان . وفي : وتلك الأيام . وإدخال حرف الشرط في الأمر المحقق في : إن كنتم مؤمنين ، إذا علق عليه النهي والحذف في عدة مواضع .

﴿ ١٤١