١٥٧ولئن قتلتم في . . . . . {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللّهأَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مّنَ اللّه وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ } تقدم قبل هذا تكذيب الكفار في دعواهم : أنّ من مات أو قتل في سفر وغزو لو كان أقام ما مات وما قتل ، ونهى المؤمنين عن أن يقولوا مثل هذه المقالة ، لأنها سبب للتخاذل عن الغزو وأخبر في هذه الجملة أنه أنْ ثم ما يحذرونه من القتل في سبيل اللّهأو الموت فيه ، فما يحصل لهم من مغفرة اللّه ورحمته بسبب ذلك خير مما يجمعون من حطام الدنيا ومنافعها ، لو لم يهلكوا بالقتل أو الموت ، وأكد دلك بالقسم . لأن اللام في لئن هي الموطئة للقسم ، وجواب القسم هو : لمغفرة . وكان نكرة إشارة إلى أن أيسر جزء من المغفرة والرحمة خير من الدنيا ، وأنه كاف في فوز المؤمن . وجاز الابتداء به لأنه وصف بقوله من اللّه . وعطف عليه نكرة ومسوغ الابتداء بها ، كونها عطفت على ما يسوغ به الابتداء . أو كونها موصوفة في المعنى إذ التقدير : ورحمة منه . وثمَّ صفة أخرى محذوفة لا بدّ منها وتقديرها : ورحمة لكم . وخير هنا على بابها من كونها افعل تفضيل ، كما روي عن ابن عباس : خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء . وارتفاع خير على أنه خبر عن قوله : لمغفرة . قال ابن عطية وتحتمل الآية أن يكون قوله : لمغفرة إشارة إلى القتل أو الموت في سبيل اللّه ، فسمى ذلك مغفرة ورحمة ، إذ هما مقترنان به . ويجيء التقدير لذلك : مغفرة ورحمة . وترتفع المغفرة على خبر الابتداء المقدر . وقوله : خير صفة لا خبر ابتداء انتهى قوله . وهو خلاف الظاهر . وجواب الشرط الذي هو إنْ قتلتم محذوف ، لدلالة جواب القسم عليه . وقول الزمخشري : سدَّ مسدَّ جواب الشرط إنْ عنى أنه حذف لدلالته عليه فصحيح ، وإنْ عنى أنه لا يحتاج إلى تقدير فليس بصحيح . وظاهر الآية يدل على أنه جعلت المغفرة والرحمة لمن اتفق له أحد هذين : القتل في سبيل اللّه ، أو الموت فيه . وقال الرازي : لمغفرة من اللّه إشارة إلى تعبده خوفاً من عقابه ، ورحمة إشارة إلى تعبده لطلب ثوابه انتهى . وليس بالظاهر . وقدم القتل هنا لأنه ابتداء إخبار ، فقدّم الأشرف الأهم في تحصيل المغفرة والرحمة ، إذ القتل في سبيل اللّه أعظم ثواباً من الموت في سبيله . قال الراغب : تضمنت هاتان الآيتان إلزاماً هو جار مجرى قياسين شرطيين اقتضيا الحرص على القتل في سبيل اللّه تمثيله : إنْ قتلتم في سبيل اللّه ، أو متّم ، حصلت لكم المغفرة والرحمة ، وهما خير مما تجمعون . فإذاً الموت والقتل في سبيل اللّه خير مما تجمعون . ولئن متم أو قتلتم فالحشر لكم حاصل . وإذا كان الموت والقتل لا بدّ منه والحشر فنتيجة ذلك أن القتل والموت اللذين يوجبان المغرفة والرحمة خير من القتل والموت اللذين لا يوجبانهما انتهى . وقرأ الإبنان والأبوان بضم الميم في جميع القرآن ، وحفص في هذين أو متمم ، ولئن متم ، وكسر الباقون . والضم أقيس وأشهر . والكسر مستعمل كثيراً وهو شاذ في القياس ، جعله المازني من فعل يفعل ، نظير دمت تدوم ، وفضلت تفضل ، وكذا أبو علي ، فحكما عليه بالشذوذ . وقد نقل غيرهما فيه لغتين إحداهما : فعل يفعل ، فتقول مات يموت . والأخرى : فعل يفعل نحو مات يمات ، أصله موت . فعلى هذا ليس بشاذ ، إذ هو مثل خاف يخاف ، فأصله موت يموت . فمن قرأ بالكسر فعلى هذه اللغة ولا شذوذ فيه ، وهي لغة الحجاز يقولون : متم من مات يمات قال الشاعر : عيشي ولا تومي بأن تماتي وسفلى مضر يقولون : مُتّم بضم الميم من مات يموت ، نقله الكوفيون : وقرأ الجمهور : تجمعون بالتاء على سياق الخطاب في قوله : ولئن قتلتم . وقرأ قوم منهم حفص عن عاصم بالياء ، أي مما يجمعه الكفار المنافقون وغيرهم . |
﴿ ١٥٧ ﴾