١٥٨ولئن متم أو . . . . . {وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللّه تُحْشَرُونَ } هذا خطاب عام للمؤمن والكافر . أعلم فيه أن مصير الجميع إليه ، فيجازي كلاً بعمله . هكذا قال بعضهم . وكأنه لما رأى الموت والقتل أطلقا ولم يقيدا بذكر سبيل اللّه كما قيدا في الآية ، فهم أنَّ ذلك عام . والظاهر أنّه خطاب للمؤمنين كالخطاب السابق ، ولذلك قدره الزمخشري : لإلى الرّحيم الواسع الرحمة المميت العظيم الثواب تحشرون . قال : ولوقوع اسم اللّه هذا الموقع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به سيان ليس بالخفي انتهى . يشير بذلك إلى مذهبه : من أن التقديم يؤذن بالاختصاص ، فكان المعنى عنده : فإلى اللّه لا غيره تحشرون . وهو عندنا لا يدل بالوضع على ذلك ، وإنما يدل التقديم على الاعتناء بالشيء والاهتمام بذكره ، كما قال سيبويه : وزاده حسناً هنا أنّ تأخر الفعل هنا فاضلة ، فلو تأخر المجرور لفات هذا الغرض وتضمنت الآية تحقير أمر الدنيا والحرص على الشهادة ، وأنَّ مصير العالم كلهم إلى اللّه ، فالموافاة على الشهادة أمثل بالمرء ليحرز ثوابها ويجده وقت الحشر . وقدّم الموت هنا على القتل لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر ، وتزهيد في الدنيا والحياة ، والموت فيها مطلق لم يقيد بشيء . فإما أنْ يكون الخطاب مختصاً بمن خوطب قبلُ أو عاماً واندرج أولئك فيه ، فقدِّم لعمومه ، ولأنه أغلب في الناس منا لقتل ، فهذه ثلاثة مواضع . ما ماتوا وما قتلوا : فقدم الموت على القتل لمناسبة ما قبله من قوله :{ إِذَا ضَرَبُواْ فِى الاْرْضِ أَوْ كَانُواْ } وتقدّم القتل على الموت بعد ، لأنه محل تحريض على الجهاد ، فقدم الأهم والأشرف . وقدم الموت هنا لأنه الأغلب ، ولم يؤكد الفعل الواقع جواباً للقسم المحذوف لأنه فصل بين اللام المتلقى بها القسم وبينه بالجار والمجرور . ولو تأخر لكان : لتحشرن إليه كقوله : ليقولن ما يحبسه . وسواء كان الفصل بمعمول الفعل كهذا ، أو بسوف . كقوله :{ السّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أو بقد كقول الشاعر : كذبت لقد أصبى على المرء عرسه وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي قال أبو علي : الأصل دخول النون فرقاً بين لام اليمين ولام الابتداء ، ولام الابتداء لا تدخل على الفضلات ، فبدخول لام اليمين على الفضلة وقع الفصل ، فلم يحتج إلى النون . وبدخولها على سوف وقع الفرق ، فلم يحتج إلى النون ، لأن لام الابتداء لا تدخل على الفعل إلا إذا كان حالاً ، أمّا إذا كان مستقبلاً فلا . |
﴿ ١٥٨ ﴾