١٨٦

لتبلون في أموالكم . . . . .

الجنوب : جمع جنب وهو معروف . المرابطة : الملازمة في الثغر للجهاد ، وأصلها من ربط الخيل .

{لَتُبْلَوُنَّ فِى أَمْوالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً } قيل : نزلت في قصة عبد اللّه بن أبي حين قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد قرأ عليهم الرسول القرآن : إنْ كان حقاً فلا تؤذنا به في مجالسنا . وردّ عليه ابن رواحة فقال : اغشنا به في مجالسنا يا رسول اللّه . وتسابَّ المسلمون والمشركون واليهود .

وقيل : فيما جرى بين أبي بكر وفنحاص .

وقيل : في كعب بن الأشرف كان يحرّض المشركين على الرسول وأصحابه في شعره ، وأعلمهم تعالى بهذا الابتلاء والسماع ليكونوا أحمل لما يرد عليهم من ذلك ، إذا سبق الإخبار به بخلاف من يأتيه الأمر فجأة فاته يكثر تألمه . والآية مسوقة في ذمّ أهل الكتاب وغيرهم من المشركين ، فناسبت ما قبلها من الآيات التي جاءت في ذم أهل الكتاب وغيرهم من المشركين .

والظاهر في قوله : لتبلون أنهم المؤمنون . وقال عطاء : المهاجرون ، أخذ المشركون رباعهم فباعوها ، وأموالهم فنهبوها .

وقيل : الابتلاء في الأموال هو ما أصيبوا به من نهب أموالهم وعددهم يوم أحد . والظاهر أنّ هذا خطاب للمؤمنين بما سيقع من الامتحان في الأموال ، بما يقع فيها من المصائب والذهاب والإنفاق في سبيل اللّه وفي تكاليف الشرع ، والابتلاء في النفس بالشهوات أو الفروض البدنية أو الأمراض ، أو فقد الأقارب والعشائر ، أو بالقتل والجراحات والأسر ، وأنواع المخاوف أقوال . وقدم الأموال على الأنفس على سبيل الترقي إلى الأشرف ، أو على سبيل الكثرة . لأنّ الرّزايا في الأموال أكثر من الرّزايا في الأنفس . والأذى : اسم جامع في معنى الضرر ،

ويشمل أقوالهم في الرسول وأصحابه ، وفي اللّه تعالى وأنبيائه . والمطاعن في الدين وتخطئة من آمن ، وهجاء كعب وتشبيه بنساء المؤمنين .

{وَأَن تَصْبِرُواْ } على ذلك الابتلاء وذلك السماع .

{وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذالِكَ } أي فإن الصبر والتقوى .

{مِنْ عَزْمِ الاْمُورِ } قيل : من أشدها وأحسنها . والعزم : إمضاء الأمر المروّى المنقح . وقال النقاش : العزم هو الحزم بمعنى واحد ، الحاء مبدلة من العين .

قال ابن عطية : وهذا خطأ . الحزم جودة النظر في الأمر ، ونتيجته الحذر من الخطأ فيه . والعزم قصد الإمضاء ، واللّه تعالى يقول :{ وَشَاوِرْهُمْ فِى الاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ } فالمشاورة وما كان في معناها والحزم . والعرب تقول : قد أحزم لو أعزم .

وقال الزمخشري : من عزم الأمور من معزومات الأمور . أي : مما يجب عليه العزم من الأمور . أو مما عزم اللّه أن يكون ، يعني : أن ذلك عزمة من عزمات اللّه لا بد لكم أن تصبروا وتتقوا .

وقيل : من عزم الأمور من جدها . وقال مجاهد في قوله : فإذا عزم الأمر ، أي فإذا وجد الأمر

﴿ ١٨٦