٨وإذا حضر القسمة . . . . . {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } قيل : نزلت في أرباب الأموال يقسمونها عندما يحضر الموت في وصية ، وجهات يختارونها ، ويحضرهم من القرابات محجوب عن الإرث ، فيوصون للأجانب ويتركون المحجوبين فيحرمون الإرث والوصية قاله : ابن عباس وابن المسيب وابن زيد وأبو جعفر . وقيل : نزلت في أرباب الفرائض يحضرهم أيضاً محجوب ، فأمروا أن يرضخوا لهم مما أعطاهم اللّه . روي عن ابن عباس وابن المسيب : أنها منسوخة ، وبه قال : عكرمة والضحاك قالوا : كانت قسمة جعلها اللّه ثلاثة أصناف ، ثم نسخ ذلك بآية الميراث ، وأعطى كل ذي حظ حظه ، وجعل الوصية للذين يحرمون ولا يرثون . وقيل : هي محكمة أمر اللّه من استحق إرثاً ، وحضر القسمة قريب أو يتيم أو مسكين لا يرث ، أن لا يحرموا إن كان المال كثيراً ، وأن يعتذر إليهم إن كان قليلاً ، وأمر به أبو موسى الأشعري . وقال الحسن والنخعي : كان المؤمنون يفعلون ذلك يقسمون لهم من العين الورق والفضة ، فإذا قسموا الأرضين والرقيق قالوا لهم قولاً معروفاً : بورك فيكم . وفعله عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر وتلا هذه الآية . وإذا كان الوارث صغيراً لا يتصرف ، هل يفعل ذلك الولي أولاً ؟ قولان . والظاهر من سياق هذه الآية عقيب ما قبلها أنها في الوارثين لا في المحتضرين الموضين ، والذي يظهر من القسمة أنها مصدر بمعنى القسم قال تعالى :{ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} وقيل : المراد بالقسمة المقسوم . وقيل : القسمة الإسم من الاقتسام لا من القسم ، كالخيرة من الاختيار . ولا يكاد الفصحاء يقولون قسمت بينهم قسمة ، وروى ذلك الكسائي . وقسمتك ما أخذته من الإقسام ، والجمع قسم . وقال الخليل : القسم الحظ والنصيب من الجزء ، ويقال : قاسمت فلاناً المال وتقاسمناه واقتسمناه ، والقسم الذي يقاسمك . وظاهر قوله : فارزقوهم ، الوجوب . وبه قال جماعة منهم : مجاهد ، وعطاء ، والزهري . وقال ابن عباس ، وابن جبير ، والحسن : هو ندب . وفي قوله : فارزقوهم إضافة الرزق إلى غير اللّه تعالى ، كما قال :{ وَاللّه خَيْرُ الرزِقِينَ } وقيل : كان ذلك في الورثة واجباً فنسخته آية الميراث ، والضمير في : منه عائد على المال المقسوم ، ودل عليه القسمة ، لأن القسمة وهي المصدر تدل على متعلقها وهو المال . وقيل : يعود إلى ما من قوله : ما ترك الوالدان والأقربون . ومن قال : القسمة المقسوم ، أعاد الضمير إلى القسمة على معنى التذكير ، إذ المراد المقسوم . وقدّم اليتامى على المساكين لأنّ ضعفهم أكثر ، وحاجتهم أشد ، فوضع الصدقات فيهم أفضل وأعظم للأجر . والظاهر أنهم يرزقون من عين المال المقسوم ، ورأى عبيدة وابن سيرين : أن الرزق في هذه الآية أن يصنع لهم طعام يأكلونه ، وفعلاً ذلك وذبحاشاة من التركة ، وقسم عند عبيدة مال ليتيم فاشترى منه شاة وذبحها ، وقال عبيدة : لولا هذه لكانت من مالي . وقوله : منه يدل على التبعيض ، ولا تقدير فيه بالإجماع ، وهذا مما يدل على الندب . إذ لو كان لهؤلاء حق معين لبين اللّه قدر ذلك الحق ، كما بين في سائر الحقوق . وعلى هذا فقهاء الأمصار إذا كان الورثة كبار ، وإن كانوا صغاراً فليس إلا القول المعروف . والضمير في قوله : وقولوا لهم ، عائد على ما عاد عليه الضمير في : فارزقوهم ، وهم : أولو القربى واليتامى والمساكين . وقال ابن جرير : الآية محكمة في الوصية ، والضمير في فارزقوهم عائد على أولي القربى الموصي لهم ، وفي لهم عائد على اليتامى والمساكين . أمر أن يقال لهم قول معروف . وقيل أيضاً بتفريق الضمير ، ويكون المراد من أولي القربى الذين يرثون ، والمراد من اليتامى والمساكين الذين لا يرثون . فقوله : فارزقوهم راجع إلى أولي القربى . وقوله : لهم ، راجع إلى اليتامى والمساكين . وما قيل من تفريق الضمير تحكم لا دليل عليه . والمقول المعروف فسره هنا ابن جبير أن يقول لهم : هذا المال لقوم غيب أو ليتامى صغار ، وليس لكم فيه حق . وقيل : الدعاء لهم بالرزق والغنى . وقيل : هو القول الدال على استقلال ما أرضخوهم به ، وروي عن ابن جبير . وقيل : العدة الحسنة بأن يقال : هؤلاء أيتام صغار ، فإذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم قاله ، عطاء بن يسار ، عن ابن جبير . وقيل : المعروف ما يؤنس به من دعاء وغيره . وظاهر الكلام أن الأصناف الثلاثة يجمع لهم بين الرزق والقول المعروف . وقيل : إما أن يعطوا وإما أن يقال لهم قول معروف . |
﴿ ٨ ﴾