١١يوصيكم اللّه في . . . . . {يُوصِيكُمُ اللّه فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ } لما أبهم في قوله :{ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالاْقْرَبُونَ } في المقدار والأقربين ، بيّن في هذه الآية المقادير ومن يرث من الأقربين ، وبدأ بالأولاد وارثهم من والديهم ، كما بدأ في قوله : للرّجال نصيب مما ترك الوالدان بهم . وفي قوله : يوصيكم اللّه في أولادكم إجمال أيضاً بينه بعد . وبدأ بقوله : للذكر ، وتبين ما له دلالة على فضله . وكان تقديم الذكر أدل على فضله من ذكر بيان نقص الأنثى عنه ، ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث ، فكفاهم إن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يحرمن إذ هن يدلين بما يدلون به من الولدية . وقد اختلف القول في سبب النزول ، ومضمن أكثر تلك الأقاويل : أنهم كانوا لا يورّثون البنات كما تقدم ، فنزلت تبييناً لذلك ولغيره . وقيل : نزلت في جابر إذ مرض ، فعاده الرسول فقال : كيف أصنع في مالي ؟ وقيل : كان الإرث للولد والوصية للوالدين ، فنسخ بهذه الآيات . قيل : معنى يوصيكم يأمركم . كقوله : { ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ } وعدل إلى لفظ الإيصاء لأنه أبلغ وأدل على الاهتمام ، وطلب حصوله سرعة ، وقيل : يعهد إليكم كقوله :{ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً } وقيل : يبين لكم في أولادكم مقادير ما أثبت لهم من الحق مطلقاً بقوله { لّلرّجَالِ وَأَلَّوِ الاْرْحَامِ } وقيل : يفرض لكم . وهذه أقوال متقاربة . والخطاب في : يوصيكم ، للمؤمنين ، وفي أولادكم : هو على حذف مضاف . أي : في أولاد موتاكم ، لأنه لا يجوز أن يخاطب الحي بقسمة الميراث في أولاده ويفرض عليه ذلك ، وإن كان المعنى بيوصيكم يبين جاز أن يخاطب الحي ، ولا يحتاج إلى حذف مضاف . والأولاد يشمل الذكور والإناث ، إلا أنه خص من هذا العموم من قام به مانع الإرث ، فأما الرّق فمانع بالإجماع ، وأما الكفر فكذلك ، إلا ما ذهب إليه معاذ من : أن المسلم يرث الكافر . وأما القتل فإن قتل أباه لم يرث ، وكذا إذا قتل جده وأخاه أو عمه ، لا يرث من الدية ، هذا مذهب ابن المسيب ، وعطاء ، ومجاهد ، والزهري ، والأوزاعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر . وقال أبو حنيفة وسفيان وأصحاب الرأي والشافعي وأحمد : لا يرث من المال ، ولا من الدية شيئاً . واستثنى النخعي من عموم أولادكم الأسير ، فقال : لا يرث . وقال الجمهور : إذا علمت حياته يرث ، فإن جهلت فحكمه حكم المفقود . واستثنى من العموم الميراث من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأما الجنين فإن خرج ميتاً لم يرث ، وإن خرج حياً فقال القاسم ، وابن سيرين ، وقتادة ، والشعبي ، والزهري ، ومالك ، والشافعي : يستهل صارخاً ، ولو عطس أو تحرك أو صاح أو رضع أو كان فيه نفس . وقال الأوزاعي وسفيان والشافعي : إذا عرفت حياته بشيء من هذه ، وإن لم يستهل فحكمه حكم الحي في الإرث . وأما الجنين في بطن أمه فلا خلاف في أنه يرث ، وإنما الخلاف في قسمة المال الذي له فيه سهم . وذلك مذكور في كتب الفقه . وأما الخنثى فداخل في عموم أولادكم ، ولا خلاف في توريثه ، والخلاف فيما يرث وفيما يعرف به أنه خنثى ، وذلك مذكور في كتب الفقه . وأما المفقود فقال أبو حنيفة : لا يرث في حال فقده من أحد شيئاً . وقال الشافعي : يوقف نصيبه حتى يتحقق موته ، وهو ظاهر قول مالك : وأما المجنون والمعتوه والسفيه فيرثون إجماعاً ، والولد حقيقة في ولد الصلب ويستعمل في ولد الابن ، والظاهر أنه مجاز . إذ لو كان حقيقة بطريق الاشتراك أو التواطىء لشارك ولد الصلب مطلقاً ، والحكم أنه لا يرث إلا عند عدم ولد الصلب ، أو عند وجود من لا يأخذ جميع الميراث منهم . وهذا البحث جار في الأب والجد والأم والجدة ، والأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة لاتفاق الصحابة على أنَّ الجد ليس له حكم مذكور في القرآن ، ولو كان اسم الأب يتناوله حقيقة لما صح هذا الاتفاق . ولو أوصى لولد فلان فعند الشافعي لا يدخل ولد الولد ، وعند مالك يدخل ، وعند أبي حنيفة يدخل إن لم يكن لفلان ولد صلب . وللذكر : إما أن يقدّر محذوف أي : للذكر منهم ، أو تنوب الألف واللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم . ومثل : صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل . قال الفراء : ولم يعمل يوصيكم في مثل إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل ، فالجملة في موضع نصب بيوصيكم . وقال الكسائي : ارتفع مثل على حذف أن تقديره : أنّ للذكر . وبه قرأ ابن أبي عبلة وأريد بقوله : للذكر مثل حظ الأنثيين حالة اجتماع الذكر والأنثيين فله سهمان ، كما أن لهما سهمين . وأما إذا انفرد الابن فيأخذ المال أو البنتان ، فسيأتي حكم ذلك . ولم تتعر الآية للنص على هاتين المسألتين . وقال أبو مسلم الأصبهاني : نصيب الذكر هنا هو الثلثان ، فوجب أن يكون نصيب الانثيين . وقال أبو بكر الرازي : إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث ، فلا أن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى ، لأن الذكر أقوى من الأنثى . وقيل : حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى ، وإلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى ، وهو خلاف النص ، فوجب أن يكون حظهما الثلثين ، لأنه لا قائل بالفرق . فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان . ووجه رابع من القياس الجلي وهو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين ، وذكر حكم الواحدة وما فوق الثنتين . وفي آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة ، وحكم الأختين ، ولم يذكر حكم الأخوات ، فصارت الآيتان مجملتين من وجه ، مبينتين من وجه . فنقول : لما كان نصيب الأختين الثلثين ، كانت البنتان أولى بذلك لأنهما أقرب إلى الميت . ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزاد على الثلثين ، وجب أن لا يزاد نصيب الأخوات على ذلك ، لأن البنت لما كانت أشدّ اتصالاً بالميت امتنع جعل الأضعف زائداً على الأقوى . وقال الماتريدي : في الآية دليل على أن المال كله للذكر إذا لم كن معه أنثى ، لأنه جعل للذكر مثل ما للأنثيين . وقد جعل للأنثى النصف إذا لم يكن معها ذكر بقوله : { وَإِن كَانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النّصْفُ } فدل على أن للذكر حالة الانفراد مثلي ذلك ومثلاً النصف ، هو الكل انتهى . وقرأ الحسن وابن أبي عبلة : يوصيكم بالتشديد . وقرأ الحسن ونعيم بن ميسرة والأعرج : ثلثاً والثلث والربع والسدس والثمن بإسكان الوسط ، والجمهور بالضم ، وهي لغة الحجاز وبني أسد ، قاله : النحاس من الثلث إلى العشر . وقال الزجاج هي لغة واحدة ، والسكون تخفيف ، وتقدير الآية : يوصيكم اللّه في شأن أولادكم الوارثين للذكر منهم حظ مثل حظ الأنثيين حالة اجتماعهم مما ترك المورثون أن انفرد بالإرب ، فإن كان معهما ذو فرض كان ما يبقى من المال لهما ، والفروض هي المذكورة في القرآن وهي ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس . {فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } ظاهر هذا التقسيم أنّ ما زاد على الثنتين من الأولاد يرثن الثلثين مما ترك موروثهما ، وظاهر السياق انحصار الوارث فيهن . ولما كان لفظ الأولاد يشمل الذكور والإناث ، وقصد هنا بيان حكم الإناث ، أخلص الضمير للتأنيث . إذ الإناث أحد قسمي ما ينطلق عليه الأولاد ، فعاد الضمير على أحد القسمين ، وكأن قوله تعالى :{ فِى أَوْلَادِكُمْ } في قوة قوله :{ فِى أَوْلَادِكُمْ } الذكور والإناث . وإذا كان الضمير قد عاد على جمع التكسير العاقل المذكر بالنون في نحو قوله : ورب الشياطين ومن أضللن كما يعود على الإناث كقوله :{ وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ } فلأن يعود على جمع التكسير العاقل الجامع للمذكر والمؤنث ، باعتبار أحد القسمين الذي هو المؤنث أولى ، واسم كان الضمير العائد على أحد قسمي الأولاد ، والخبر نساء بصفته الذي هو فوق اثنتين ، لأنه لا تستقل فائدة الأخبار بقوله : نساء وحده ، وهي صفة للتأكيد ترفع أن يراد بالجمع قبلهما طريق المجاز ، إذ قد يطلق الجمع ويراد به التشبيه وأجاز الزمخشري نساء خبراً ثانياً ، لكان ، وليس بشيء ، لأن الخبر لا بد أن تستقل به فائدة الإسناد . ولو سكت على قوله فإن كن نساء لكان نظير ، أن كان الزيدون رجالاً ، وهذا ليس بكلام . وقال بعض البصريين : التقدير وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين . وقدره الزمخشري : البنات أو المولودات . وقال الزمخشري: { فإن قلت } : هل يصح أن يكون الضميران في كن وكانت مبهمين ، ويكون نساء وواحدة تفسيراً لهما على أن كان تامّة ؟ { قلت} : لا أبعد ذلك انتهى . ونعني بالإبهام أنهما لا يعودان على مفسر متقدّم ، بل يكون مفسرهما هو المنصوب بعدهما ، وهذا الذي لم يبعده الزمخمشري هو بعيد ، أو ممنوع ألبتة . لأن كان ليست من الأفعال التي يكون فاعلها مضمراً يفسره ما بعده ، بل هو مختص من الأفعال بنعم وبئس وما حمل عليهما ، وفي باب التنازع على ما قرر في النحو . ومعنى فوق اثنتين : أكثر من اثنتين بالغات ما بلغن من العدد ، فليس لهن إلا الثلثان . ومن زعم أن معنى قوله : نساء فوق اثنتين ، اثنتان فما فوقهما ، وأنّ قوة الكلام تقتضي ذلك كابن عطية ، أو أنّ فوق زائدة مستدلاً بأن فوق قد زيدت في قوله : { فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الاعْنَاقِ } فلا يحتاج في ردّ ما زعم إلى حجة لوضوح فساده . وذكروا أنّ حكم الثنتين في الميراث الثلثان كالبنات . قالوا : ولم يخالف في ذلك إلا ابن عباس ، فإنه يرى لهما النصف إذا انفردا كحالهما إذا اجتمعا مع الذكر ، وما احتجوا به تقدّم ذكره . وورد في الحديث في قصة أوس بن ثابت : { أنه صلى اللّه عليه وسلم أعطى البنتين الثلثين } وبنات الابن أو الأخوات الأشقاء أو لأب كبنات الصلب في الثلثين إذا انفردن عن من يحجبهن . {وَإِن كَانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النّصْفُ } قرأ الجمهور واحدة بالنصب على أنه خبر كان ، أي : وإن كانت هي أي البنت فذة ليس معها أخرى . وقرأ نافع واحدة بالرفع على إن كان تامة وواحدة الفاعل . وقرأ السلمي : النصف بضم النون ، وهي قراءة عليّ وزيد في جميع القرآن . وتقدّم الخلاف في ضم النون وكسرها في } فنصف ما فرضتم } في البقرة . وبنت الابن إذا لم تكن بنت صلب ، والأخت الشقيقة أو لأب ، والزوج إذا لم يكن للزوجة ولد ، ولا ولد ابن كبنت الصلب لكل منهم النصف . في البقرة . وبنت الابن إذا لم تكن بنت صلب ، والأخت الشقيقة أو لأب ، والزوج إذا لم يكن للزوجة ولد ، ولا ولد ابن كبنت الصلب لكل منهم النصف . {وَلاِبَوَيْهِ لِكُلّ واحِدٍ مّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } لما ذكر الفروع ومقدار ما يرثون أخذ في ذكر الأصول ومقدار ما يرثون ، فذكر أنّ الميت يرث منه أبواه كل واحد السدس إن كان للميت ولد ، وأبواه هما : أبوه وأمه . وغلب لفظ الأب في التثنية كما قيل : القمران ، فغلب القمر لتذكيره على الشمس ، وهي تثنية لا تقاس . وشمل قوله : وله ولد الذكر والأنثى ، والواحد والجماعة . وظاهر الآية أن فرض الأب السدس إذا كان للميت ولد أي ولد كان ، وباقي المال للولد ذكراً كان أو أنثى . والحكم عند الجمهور أنه لو كان الولد أنثى أخذ السدس فرضاً ، والباقي تعصيباً . وتعلقت الروافض بظاهر لفظ ولد فقالوا : السدس لكل واحد من أبويه ، والباقي للبنت أو الابن ، إذ الولد يقع على : الذكر ، والأنثى ، والجد ، وبنات الابن مع البنت ، والأخوات لأب مع أخت لأب وأم ، والواحدة من ولد الأم ، والجدات كالأب مع البنت في السدس . وقال مالك : لا ترث جدة أبي الأب . وقال ابن سيرين : لا ترث أم الأم . والضمير في لأبويه عائد على ما عاد عليه الضمير في ترك ، وهو ضمير الميت الدال عليه معنى الكلام وسياقه . ولكل واحد منهما بدل من أبويه ، ويفيد معنى التفصيل . وتبيين أن السدس لكل واحد ، إذ لولا هذا البدل لكان الظاهر اشتراكهما في السدس ، وهو أبلغ وآكد من قولك : لكل واحد من أبويه السدس ، إذ تكرر ذكرهما مرتين : مرة بالإظهار ، ومرة بالضمير العائد عليهما . قال الزمخشري : والسدس مبتدأ ، وخبره لأبويه ، والبدل متوسط بينهما انتهى . وقال أبو البقاء : السدس رفع بالابتداء ، ولكل واحد منهما الخبر ، ولكل بدل من الأبوين ، ومنهما نعت لواحد . وهذا البدل هو بدل بعض من كل ، ولذلك أتى بالضمير ، ولا يتوهم أنه بدل شيء من شيء ، وهما لعين واحدة ، لجواز أبواك يصنعان كذا ، وامتناع أبواك كل واحد منهما يصنعان كذا . بل تقول : يصنع كذا . وفي قول الزمخشري : والسدس مبتدأ وخبره لأبويه نظر ، لأنّ البدل هو الذي يكون الخبر له دون المبدل منه ، كما مثلناه في قولك : أبواك كل واحد منهما يصنع كذا ، إذا أعربنا كلا بدلاً . وكما تقول : إنّ زيداً عينه حسنه ، فلذلك ينبغي أن يكون إذا وقع البدل خبراً فلا يكون المبدل منه هو الخبر ، واستغنى عن جعل المبدل منه خبراً بالبدل كما استغنى عن الاخبار عن اسم إن وهو المبدل منه بالاخبار عن البدل . ولو كان التركيب : ولأبويه السدسان لا وهم التنصيف أو الترجيح في المقدار بين الأبوين ، فكان هذا التركيب القرآني في غاية النصية والفصاحة ، وظاهر قوله : ولأبويه ، أنهما اللذان ولدا الميت قريباً لا جداه ، ولا مَن علا من الأجداد . وزعموا أن قوله : أولادكم ، يتناول من سفل من الأبناء . قالوا : لأنّ الأبوين لفظ مثنى لا يحتمل العموم ولا الجمع ، بخلاف قوله : في أولادكم . وفيما قالوه : نظروهما عندي سواء في الدلالة ، إن نظر إلى حمل اللفظ على حقيقته فلا يتناول إلا الأبناء الذين ولدهم الأبوان قريباً ، لا من سفل كالأبوين لا يتناول إلا من ولداه قريباً ، لا من علا . أو إلى حمل اللفظ على مجازه ، فيشترك اللفظان في ذلك ، فينطلق الأبوان على من ولداه قريباً . ومن علا كما ينطلق الأولاد على من ولداهم قريباً . ومن سفل يبين حمله على الحقيقة في الموضعين أنَّ ابن الابن لا يرث الابن ، وأن الجدة لا يفرض لها الثلث بإجماع ، فلم ينزل ابن الابن منزلة الابن مع وجوده ، ولا الحدة منزلة الأم . {فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلاِمّهِ الثُّلُثُ } قوله : فإن لم يكن له ولد قسيم لقوله :{ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } وورثه أبواه دليل عل أنهما انفردا بميراثه ليس معهما أحد من أهل السهام ، لا ولد ولا غيره ، فيكون قوله : وورثه أبواه حكما لهما بجميع المال . فإذا خلص للأم الثلث كان الثاني وهو الثلثان للأب ، فذكر القسم الواحد يدل على الآخر كما تقول : هذا المال لزيد وعمرو ، لزيد منه الثلث ، فيعلم قطعاً أن باقيه وهو الثلثان لعمرو . فلو كان معهما زوج كان للأم السدس وهو : الثلث بالإضافة إلى الأب . وقال ابن عباس وشريح : للأم الثلث من جميع المال مع الروح ، والنصف للزوج ، وما بقي للأب ، فيكون معنى : وورثه أبواه منفردين أو مع غير ولد ، وهذا مخالف لظاهر قوله : وورثه أبواه . إذ يدل على أنهما انفرد بالإرث ، فيتقاسمان للذكر مثل حظ الأنثيين . ولا شك أن الأب أقوى في الإرث من الأم ، إذ يضعف نصيبه على نصيبها إذ انفرد بالإرث ، ويرث بالفرض وبالتعصيب وبهما . وفي قول ابن عباس وشريح : يكون لها مع الزوج والأب مثل حظ الذكرين ، فتصير أقوى من الأب ، وتصير الأنثى لها مثلاً حظ الذكر ، ولا دليل على ذلك من نص ولا قياس . وفي إقامة الجد مقام الأب خلاف . فمن قال : أنه أب وحجب به الإخوة جماعة منهم : أبو بكر رضي اللّه عنه ، ولم يخالفه أحد من الصحابة في أيام حياته . وقال بمقالته بعد وفاته : أبي ومعاذ ، وأبو الدرداء ، وابن عباس ، وابن الزبير عبد اللّه ، وعائشة ، وعطاء ، وطاووس ، والحسن ، وقتادة ، وأبو حنيفة ، وإسحاق ، وأبو ثور . وذهب علي ، وزيد ، وابن مسعود : إلى توريث الجد مع الأخوة ، ولا ينقص من الثلث مع الإخوة للأب والأم أو للأم أو للأب ، إلا مع ذوي الفروض ، فإنه لا ينقص معهم من السدس شيئاً في قول : زيد ، وهو قول : مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، ومحمد ، وأبي يوسف . كان عليّ يشرك بين الجد والإخوة في السدس ، ولا ينقصه من السدس شيئاً مع ذوي الفروض وغيرهم ، وهو قول ابن أبي ليلى . وذهب الجمهور : إلى أنَّ الجد يسقط بني الإخوة من الميراث ، إلا ما روي عن الشعبي عن علي : أنه أجرى بني الإخوة في المقاسمة مجرى الإخوة . وأما أم الأم فتسمى أما مجاز ، لكن لا يفرض لها الثلث إجماعاً ، وأجمعوا على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم ، وعلى أن الأم تحجب أمها وأم الأب ، وعلى أن الأب لا يحجب أم الأم . واختلفوا في توريث الجدة وابنتها . فروي عن عثمان وعلي وزيد : أنها لا ترث وابنتها حية ، وبه قال : الأوزاعي ، والثوري ، ومالك ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وروي عن عثمان وعلي أيضاً ، وعمروابن مسعود وأبي موسى وجابر : أنها ترث معها . وقال به : شريك ، وعبيد اللّه بن الحسن ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن المنذر . وقال : كما أن الجد لا يحجبه إلا الأب ، كذلك الجدة لا يحجبها إلا الأم . وقرأ الإخوان : فلامه هنا موضعين ، وفي القصص { فِى أُمّهَا } وفي الزخرف : في { أُمُّ الْكِتَابِ } بكسر الهمزة ، لمناسبة الكسرة والياء . وكذا قرأ من { بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } في النحل والزمر والنجم ، أو { بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ } في النور . وزاد حمزة : في هذه كسر الميم اتباعاً لكسرة الهمزة وهذا في الدرج . فإذا ابتدأ بضم الهمزة ، وهي قراءة الجماعة درجاً وابتداء . وذكر سيبويه أن كسر الهمزة من أم بعد الياء ، والكسر لغة . وذكر الكسائي والفراء : أنها لغة هوازن وهذيل . {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلاِمِهِ السُّدُسُ } ، وصار الأب يأخذ خمسة الأسداس . وذهب ابن عباس إلى أن الأخوة يأخذون ما حجبوا الأم عنه وهو السدس ، ولا يأخذه الأب . وروي عنه : أن الأب يأخذه لا الأخوة ، لقول الجماعة من العلماء . قال قتادة : وإنما أخذه الأب دونهم لأنه يمونهم ويلي نكاحهم والنفقة عليهم . وظاهر لفظ إخوة اختصاصه بالجمع المذكر ، لأن إخوة جمع أخ . وقد ذهب إلى ذلك طائفة فقالوا : الأخوة تحجب الأم عن الثلث دون الأخوات ، وعندنا يتناول الجمعين على سبيل التعليب . فإذن يصير المراد بقوله : أخوة ، مطلق الأخوة ، أي : أشقاء ، أو لأب ، أو لأم ، ذكوراً أو إناثاً ، أو الصنفين . وظاهر لفظ أخوة ، الجمع . وأن الذين يحطون الأم إلى السدس ثلاثة فصاعداً ، وهو قول : ابن عباس : الأخوات عنده في حكم الواحد لا يحطان كما لا يحط ، فالجمهور على أن الأخوين حكمهما في الحط حكم الثلاث فصاعداً . ومنشأ الخلاف : هل الجمع أقله اثنان أو ثلاثة ؟ وهي مسألة يبحث فيها في أصول الفقه ، والبحث فيها في علم النحو أليق . وقال الزمخشري : الأخوة تفيد معنى الجمعية المطلقة بغير كمية ، والتثنية كالتثليث والتربيع في إفادة الكمية ، وهو موضع الدلالة على الجمع المطلق ، فدل بالأخوة عليه انتهى . ولا نسلم له دعوى أن الأخوة تفيد معنى الجمعية المطلقة ، بل تفيد معنى الجمعية التي بعد التثنية بغير كمية فيما بعد التثنية ، فيحتاج في إثبات دعواه إلى دليل . وظاهر أخوة الإطلاق ، فيتناول الأخوة من الأم فيحجبون كما قلنا قبل . وذهب الروافض : إلى أنّ الأخوة من الأم لا يحجبون الأم ، لأنهم يدلون بها ، فلا يجوز أن يحجبوها ويجعلوه لغيرها فيصيرون ضارين لها نافعين لغيرها . واستدل بهذه الآية على أن البنت تقلب حق الأم من الثلث إلى السدس بقوله : فإن كان له أخوة ، لأنها إذا حرمت الثلث بالأخوة وانتقلت إلى السدس فلان تحرم بالبنت أولى . {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } المعنى : أنَّ قسمة المال بين من ذكر إنما تكون بعد خروج ما يجب إخراجه بوصية ، أو بدين . وليس تعلق الدين والوصية بالتركة سواء ، إذ لو هلك من التركة شيء قبل القسمة ذهب من الورثة والموصى له جميعاً ، ويبقى الباقي بينهم بالشركة ، ولا يسقط من الدين شيء بهلاك شيء من التركة . وتفصيل الميراث على ما ذكروا أنه بعد الوصية يدل على أنه لا يراد ظاهر إطلاق وصية من جواز الوصية بقليل المال وكثيره ، بل دل ذلك على جواز الوصية بنقص المال . ويبين أيضاً ذلك قوله : { لّلرّجَالِ نَصِيبٌ } ، الآية . إذ لو جازت الوصية بجميع المال لكان هذا الجواز ناسخاً لهذه الآية ، وقد دل الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول على أن الوصية غير جائزة في أكثر من الثلث . وقد استحبوا النقصان عنه هذا إذا كان له وارث ، فإن لم يكن له وارث ، فقال مالك والأوزاعي والحسن بن صالح : لا تجوز الوصية إلا في الثلث . وقال شريك وأبو حنيفة وأصحابه : يجوز بجميع ماله ، لأنّ الامتناع في الوصية بأكثر من الثلث معلل بوجود الورثة ، فإذا لم يوجد وأجاز لظاهر إطلاق الوصية ، لأنه إذا فقد موجب تخصيص البعض جاز حمل اللفظ على ظاهره . وقد استدل بقوله : من بعد وصية يوصي بها أو دين ، على أنه إذا لم يكن دين لآدمي ولا وصية ، يكون جميع ماله لورثته وأنه إن كان عليه حج أو زكاة أو كفارة أو نذر لا يجب إخراجه إلا أن يوصي بذلك . وفي هذا الاستدلال نظر . والوصية مندوب إليها ، وقد كانت واجبة قبل نزول الفرائض فنسخت . وادعى قوم وجوبها . وتتعلق من بمحذوف أي : يستحقون ذلك ، كما فصل من بعد وصية ، ويوصي في موضع الصفة ، وبها متعلق بيوصي ، وهو مضارع وقع موقع الماضي . والمعنى : من بعد وصية أوصى بها . ومعنى : أو دين ، لزمه . وقدم الوصية على الدين ، وإن كان أداء الدين هو المقدم على الوصية بإجماع اهتماماً بها وبعثاً على إخراجها ، إذ كانت مأخوذة من غير عوض شاقاً على الورثة إخراجها مظنة للتفريط فيها ، بخلاف الدين . فإنّ نفس الوارث موطنة على أدائه ، ولذلك سوى بينها وبين الدين بلفظ : أو ، في الوجوب . أو لأنّ الوصية مندوب إليها في الشرع محضوض عليها ، فصارت للمؤمن كالأمر اللازم له . والدين لا يلزم أن يوجد ، إذ قد يكون على الميت دين وقد لا يكون ، فبدىء بما كان وقوعه كاللازم ، وأخر ما لا يلزم وجوده . ولهذه الحكمة كان العطف بأو ، إذ لو كان الدين لا يموت أحد إلا وهو راتب لازم له ، لكان العطف بالواو ، أو لأن الوصية حظ مساكين وضعاف ، والدين حظ غريم يطلبه بقوة . وله فيه مقال . قال الزمخشري: { فإن قلت } : ما معنى أو ؟ { قلت} : معناها الإباحة ، وأنه إن كان أحدهما أو كلاهما قدم على قسمة الميراث كقولك : جالس الحسن ، أو ابن سيرين انتهى . ودلت الآية على أن الميراث لا يكون إلا بعد إخراج ما وجب بالوصية أو الدين ، فدل على أنّ إخراج ما وجب بها سابق على الميراث ، ولم يدل على أنهما أسبق ما يخرج من مال الميت ، إذ الأسبق هو مؤنة تجهيزه من غسله وتكفينه وحمله ووضعه في قبره ، أو ما يحتاج إليه من ذلك . وقرأ الابنان وأبو بكر : يوصي فيهما مبنياً للمفعول ، وتابعهم حفص على الثاني فقط ، وقرأهما الباقون : مبنياً للفاعل . {وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً } قال ابن عباس والحسن : هو في الآخرة لا يدرون أي الوالدين أرفع درجة عند اللّه ليشفع في ولده ، وكذا الولد في والديه . وقال مجاهد وابن سيرين والسدي : معناه في الدّنيا ، أي : إذا اضطر إلى إنفاقهم للفاقة . ونحا إليه الزجاج ، وقد ينفقون دون اضطرار . وقال ابن زيد : في الدنيا والآخرة ، واللفظ يقتضي ذلك . وروى عن مجاهد : أقرب لكم نفعاً في الميراث والشفاعة . وقال ابن بحر : أسرع موتاً فيرثه الآخر . وقال ابن عيسى : أي فاقسموا الميراث على ما بين لكم من يعلم النفع والمصلحة ، فإنكم لا تدرون أنتم ذلك ، وقريب منه قول الزجاج . قال : معنى الكلام أنه تعالى قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة ، ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم ، فتضعون الأموال على غير حكمة ، ولهذا أتبعه بقوله : { إِنَّ اللّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } أي عليم بما يصلح لخلقه ، حكيم فيما فرض . قال ابن عطية : وهذا تعريض للحكمة في ذلك ، وتأنيس للعرب الذين كانوا يورّثون على غير هذه الصفة . وقيل : تضمنت هذه الجملة النهي عن تمني موت الموروث . وقيل : المعنى في أقرب لكم نفعاً الأب بالحفظ والتربية ، أو الأولاد بالطاعة والخدمة والشفقة . وقريب من هذا قول أبي يعلى ، قال : معناه أن الآباء والأبناء يتفاوتون في النفع ، حتى لا يدري أيهم أقرب نفعاً ، لأن الأولاد ينتفعون في صغرهم بالآباء ، والآباء ينتفعون في كبرهم بالابناء . وقال الزمخشري معلقاً هذه الجملة : بالوصية ، وأنها جاءت ترغيباً فيها وتأكيداً . قال : لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الذين يموتون ، أمن أوصى منهم أم من لم يوص يعني : أن من أوصى ببعض ماله فعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيته ، فهو أقرب لكم نفعاً ، وأحضر جدوى ممن ترك الوصية فوفر عليكم عرض الدنيا ، وجعل ثواب الآخرة أقرب وأحضر من عرض الدنيا ذهاباً إلى حقيقة الأمر ، لأن عرض الدنيا وإن كان عاجلاً قريباً في الصورة إلا أنه فانِ ، فهو في الحقيقة الأبعد الأقصى ، وثواب الآخرة وإن كان آجلاً إلا أنه باقٍ فهو في الحقيقة الأقرب الأدنى انتهى كلامه . وهو خطابه . والوصية في الآية لم يأتِ ذكرها لمشروعيتها وأحكامها في نفسها ، وإنما جاء ذكرها ليبين أنّ القسمة تكون بعد إخراجها وإخراج الدين ، فليست مما يحدث عنها ، وتفسر هذه الجملة بها . ولكنه لما اختلف حكم الابن والأب في الميراث ، فكان حكم الابن إذا مات الأب عنه وعن أنثى ، أن يرث مثل حظ الأنثيين ، وكان حكم الأبوين إذا مات الابن عنهما وعن ولد أن يرث كل منهما السدس ، وكان يتبادر إلى الذهن أن يكون نصيب الوالد أوفر من نصيب الابن ، إذ ذاك لماله على الولد من الإحسان والتربية من نشئه إلى اكتسابه المال إلى موته ، مع ما أمر به الابن في حياته من بر أبيه . أو يكون نصيبه مثل نصيب ابنه في تلك الحالة إجراء للأصل مجرى الفرع في الإرث ، بين تعالى أنّ قسمته هي القسمة التي اختارها وشرعها ، وأن الآباء والأبناء الذين شرع في ميراثهم ما شرع لا ندري نحن أيهم أقرب نفعاً ، بل علم ذلك منوط بعلم اللّه وحكمته . فالذي شرعه هو الحق لا ما يخطر بعقولنا نحن ، فإذا كان علم ذلك عازباً عنا فلا نخوض فيما لا نعلمه ، إذ هي أوضاع من الشارع لا نعلم نحن عللّها ولا ندركها ، بل يجب التسليم فيها للّه ولرسوله . وجميع المقدرات الشرعية في كونها لا تعقل عللّها هي مثل قسمة المواريث سواء . قالوا : وارتفع أيهم على الابتداء ، وخبره أقرب ، والجملة في موضع نصب لتدرون ، وتدرون من أفعال القلوب . وأيهم استفهام تعلق عن العمل في لفظه ، لأن الاستفهام في غير الاستثبات لا يعمل فيه ما قبله على ما قرر في علم النحو ، ويجوز فيه عندي وجه آخر لم يذكروه وهو على مذهب سيبويه ، وهو : أن تكون أيهم موصولة مبنية على الضم ، وهي مفعول ببتدرون ، وأقرب خبر مبتدأ محذوف تقديره هم أقرب ، فيكون نظير قوله تعالى :{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ } وقد اجتمع شرط جواز بنائها وهو أنها مضافة لفظاً محذوف صدر صلتها { فَرِيضَةً مّنَ اللّه } انتصب فريضة انتصاب المصدر المؤكد لمضمون الجملة السابقة لأن معنى يوصيكم اللّه يفرض اللّه لكم . وقال مكي وغيره هي حال مؤكدة لأن الفريضة ليست مصدراً .{ إِنَّ اللّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } أي عليماً بمصالح العباد ، حكيماً فيما فرض ، وقسم من المواريث وغيرها . وتقدّم الكلام في كان إذا جاءت في نسبة الخبر للّه تعالى ، ومن زعم أنها التامة وانتصب عليماً على الحال فقوله : ضعيف ، أو أنهار زائدة فقوله : خطأ . {وَلَاكِنِ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ } لما ذكر تعالى ميراث الفروع من الأصول ، وميراث الأصول من الفروع ، أخذ في ذكر ميراث المتصلين بالسبب لا بالنسب وهو للزوجية هنا ، ولم يذكر في القرآن التوارث بسبب الولاء . والتوارث المستقر في الشرع هو بالنسب ، والسبب الشامل للزوجية والولاء . وكان في صدر الإسلام يتوارث بالموالاة والخلف والهجرة ، فنسخ ذلك . وقدّم ذكر ميراث سبب الزوجية على ذكر الكلالة وإن كان بالنسب ، لتواشج ما بين الزوجين واتصالهما ، واستغناء كل منهما بعشرة صاحبه دون عشرة الكلاله ، وبدىء بخطاب الرجال لما لهم من الدرجات على النساء . ولما كان الذكر من الأولاد حظه مع الأنثى مثل حظ الأنثيين ، جعل في سبب التزوج الذكر له مثلاً حظ الأنثى . ومعنى : كان لهن ولد أي : منكم أيها الوارثون ، أو من غيركم . والولد : هنا ظاهره أنه من ولدته لبطنها ذكراً كان أو أنثى واحداً كان أو أكثر ، وحكم بني الذكور منها وإن سفلوا حكم الولد للبطن ، في أن فرض الزوج منها الربع مع وجوده بإجماع . {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مّن بَعْدِ} |
﴿ ١١ ﴾