١٣تلك حدود اللّه . . . . . {تِلْكَ حُدُودُ اللّه} قيل : الإشارة بتلك إلى القسمة المتقدّمة في المواريث . والأولى أن تكون إشارة إلى الأحكام السابقة في أحوال اليتامى والزوجات والوصايا والمواريث ، وجعل هذه الشرائع حدوداً ، لأنها مؤقتة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتعدوها إلى غيرها . وقال ابن عباس : حدود اللّه طاعته . وقال السدّي : شروطه . وقيل : فرائضه . وقيل : سننه . وهذه أقوال متقاربة . {وَمَن يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاْنْهَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } لما أشار تعالى إلى حدوده التي حدَّها قسَّم الناس إلى عامل بها مطيع ، وإلى غير عامل بها عاص . وبدأ بالمطبع لأن الغالب على من كان مؤمناً باللّه تعالى الطاعة ، إذ السورة مفتتحة بخطاب الناس عامّة ، ثم أردف بخطاب من يتصف بالإيمان إلى آخر المواريث ، ولأن قسم الخير ينبغي أن يبتدأ به وأن يعتني بتقديمه . وحمل أولاً على لفظ من في قوله : يطع ، ويدخله ، فأفرد ثم حمل على المعنى في قوله : خالدين . وانتصاب خالدين على الحال المقدرة ، والعامل فيه يدخله ، وصاحب الحال هو ضمير المفعول في يدخله . قال ابن عطية : وجمع خالدين على معنى من بعد أن تقدم الإفراد مراعاة للفظ من ، وعكس هذا لا يجوز انتهى . وما ذكر أنه لا يجوز من تقدم الحمل على المعنى ثم على اللفظ جائز عند النحويين ، وفي مراعاة الحملين تفصيل وخلاف مذكور في كتب النحو المطولة . وقال الزمخشري : وانتصب خالدين وخالداً على الحال . { فإن قلت} : هل يجوز أن يكونا صفتين لجنات وناراً ؟ { قلت} : لا ، لأنهما جريا على غير من هما له ، فلا بد من الضمير وهو قولك : خالدين هم فيها ، وخالداً هو : فيها انتهى . وما ذكره ليس مجمعاً عليه ، بل فرع على مذهب البصريين . وأما عند الكوفيين فيجوز ذلك ، ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذا لم يلبس على تفصيل لهم في ذلك ذكر في النحو . وقد جوز ذلك في الآية الزجاج والتبريزي أخذ بمذهب الكوفيين . وقرأ نافع وابن عامر : ندخله هنا ، وفي : ندخله ناراً بنون العظمة . وقرأ الباقون : بالياء عائداً على اللّه تعالى . قال الراغب : ووصف الفوز بالعظم اعتبار يفوز الدّنيا الموصوف بقوله : { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ } والصغير والقليل في وصفهما متقاربان . {وَمَن يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} |
﴿ ١٣ ﴾