٥٠انظر كيف يفترون . . . . . {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّه الكَذِبَ } هو خطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم. ولمّا خاطبه أولاً بقوله :{ أَلَمْ تَرَ } أي ألا تعجب لهؤلاء الذين يزكون أنفسهم ؟ خاطبه ثانياً بالنظر في كيفية افترائهم الكذب على اللّه ، وأتى بصيغة يفترون الدالة على الملابسة والديمومة ، ولم يخص الكذب في تزكيتهم أنفسهم ، بل عمم في ذلك وفي غيره . وأي ذنب أعظم ممن يفتري على اللّه الكذب { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّه كَذِباً } فمن أظلم ممن كذب على اللّه . وكيف : سؤال عن حال ، وانتصابه على الحال ، والعامل فيه يفترون ، والجملة في موضع نصب بانظر ، لأن انظر معلقة . و قال ابن عطية : وكيف يصح أن يكون في موضع نصب بيفترون ؟ ويصح أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في قوله : يفترون انتهى . أما قوله : يصح أن يكون في موضع نصب بيفترون فصحيح على ما قررناه ، وأما قوله ويصح أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في قوله يفترون ، فهذا لم يذهب إليه أحد ، لأنّ كيف ليست من الأسماء التي يجوز الابتداء بها ، وإنما قوله : كيف يفترون على اللّه الكذب في التركيب نظير كيف يضرب زيد عمراً ، ولو كانت مما يجوز الابتداء بها ما جاز أن يكون مبتدأ في هذا التركيب ، لأنه ذكر أنّ الخبر هي الجملة من قوله : يفترون ، وليس فيها رابط يربط هذه الجملة بالمبتدأ ، وليست الجملة نفس المبتدأ في المعنى ، فلا يحتاج إلى رابط . فهذا الذي قال فيه : ويصح ، هو فاسد على كل تقدير . {وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً } تقدّم الكلام في نظير وكفى به . والضمير في به ، عائد على الافتراء ، وهو الذي أنكر عليهم . وقيل : على الكذب . وقال الزمخشري : وكفى بزعمهم لأنه قال : { كيف يفترون على اللّه الكذب } في زعمهم أنهم عند اللّه أزكياء ، وكفى بزعمهم هذا اثماً مبيناً من بين سائر آثامهم انتهى . فجعل افتراءهم الكذب مخصوصاً بالتزكية ، وذكرنا نحن أنَّه في هذا وفي غيره ، وانتصاب اثماً على التمييز ، ومعنى مبيناً أي : بينا واضحاً لكل أحد . و قال ابن عطية : وكفى به خبر في ضمنه تعجب وتعجيب من الأمر ، ولذلك دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب أن يكتفي لهم بهذا الكذب اثماً ، ولا يطلب لهم غيره ، إذ هو موبق ومهلك انتهى . وفي ما ذكر من أن الباء دخلت لتدل على معنى الأمر بالتعجب نظر ، وقد أمعنا الكلام في قوله . {وكفى باللّه ولياً} فيطالع هناك . |
﴿ ٥٠ ﴾