٥٤

أم يحسدون الناس . . . . .

{أم يحسدون الناس على مَا ءاتَاهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ } أم أيضاً منقطعة فتقدّر ببل . والهمزة قبل : للانتقال من كلام إلى كلام ، والهمزة للاستفهام الذي يصحبه الانكار . أنكر عليهم أولاً البخل ، ثم ثانياً الحسد . فالبخل منع وصول خير من الإنسان إلى غيره ، والحسد تمنّى زوال ما أعطى اللّه الانسان من الخير وايتاؤه له . نعى اللّه تعالى عليهم تحليهم بهاتين الخصلتين الذميمتين ، ولمّا كان الحسد شر الخصلتين ترقي إلى ذكره بعد ذكر البخل . والناس هنا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والفضل النبوة ، قاله : ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي ، والضحاك ، ومقاتل .

وقال ابن عباس ، والسدي أيضاً : والفضل ما أبيح له من النساء . وسبب نزول الآية عندهم أنّ اليهود قالت لكفار العرب : انظروا إلى هذا الذي يقول أنه بعث بالتواضع ، وأنه لا يملأ بطنه طعاماً ، ليس همه إلا في النساء ونحو هذا ، فنزلت . والمعنى : لم تخصونه بالحسد ، ولا تحسدون آل إبراهيم يعني : سليمان وداود في أنهما أعطيا النبوة والكتاب ، وأعطيا مع ذلك ملكاً عظيماً في أمر النساء ، وهو ما روى أنه كان لسليمان سبعمائة امرأة وثلاثمائة سرية ، ولداود مائة امرأة . فالملك في هذه القول إباحة النساء ، كأنه المقصود أولاً بالذكر . وقال قتادة : الناس هنا العرب حسدتها بنو إسرائيل ان كان الرسول منها ، والفضل هنا الرسول . والمعنى : لم يحسدون العرب على هذا النبي وقد أوتى أسلافهم أنبياء . وكتبا كالتوراة والزبور ، وحكمة وهي الفهم في الدين ما لم ينص عليه الكتاب ؟ وروى عن ابن عباس أنه قال : نحن الناس يريد قريشاً .

{فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْراهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة وَءاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } أي ملك سليمان قاله : ابن عباس . وقال مجاهد : هو النبوّة . وقال همام بن الحرث وأبو مسلمة وابن زيد هو التأييد بالملائكة .

وقيل : الناس هنا الرسول ، وأبو بكر ، وعمر . والكتاب : التوراة والإنجيل أو هما ، والزبور أقوال ، والحكمة النبوّة قاله : السدي ومقاتل . أو الفقه في الدين قاله أبو سليمان الدمشقي .

وقيل : الملك العظيم هو الجمع بين سياسة الدنيا وشرع الدين ذكره الماوردي .

وقال الزمخشري : أم يحسدونهم على ما آتاهم اللّه من فضله النصرة والغلبة وازدياد العز والتقدم كل يوم ، فقد آتينا الزام لهم بما عرفوه من ايتاء اللّه لكتاب والحكمة آل إبراهيم الذين هم أسلاف محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأنه ليس ببدع أن يؤتيه اللّه مثل ما أوتى أسلافه .

وعن ابن عباس : الملك في آل إبراهيم ملك يوسف ، وداود ، وسليمان ، انتهى كلامه . وهو كلام حسن .

﴿ ٥٤