٥٥

فمنهم من آمن . . . . .

{فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ } أي : من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ، ومنهم من كفر كقوله :{ فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون } قاله السدي : أو فمن آل إبراهيم من آمن بالكتاب ، أو فمن اليهود المخاطبين بقوله :  { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا } من آمن به أي بالقرآن ، وهو المأمور بالإيمان به في قوله : بما نزلنا قاله مجاهد ، ومقاتل ، والفراء ، والجمهور ولذلك ارتفع الطمس ولم يقع . أو فمن اليهود من آمن بالفضل الذي أوتيه الرسول صلى اللّه عليه وسلمأو العرب على ما تقدّم . أو فمن اليهود من آمن به ، أي بما ذكر من حديث آل إبراهيم . أو فمن اليهود من آمن برسول اللّه ، ومنهم مَنْ أنكر نبوّته . والظاهر أنه تعالى لما أنكر على اليهود حسدهم الناس على فضل اللّه الذي آتاهم ، أتى بما بعده على سبيل الاستطراد والنظر والاستدلال عليهم بأنه لا ينبغي لكم أن تحسدوا فقد جاز أسلافكم من الشرف ما ينبغي أن لا تحسدوا أحداً .

وتضمنت هذه الآية تسلية الرسول صلى اللّه عليه وسلم في كونهم يحسدونه ولا يتبعونه ، فذكر أنَّهم أيضاً مع أسلافهم وأنبيائهم انقسموا إلى مؤمن وكافر ، هذا وهم أسلافهم فكيف بنبي ليس هو منهم ؟ .

وقرأ ابن مسعود وابن عباس ، وابن جبير ، وعكرمة ، وابن يعمر ، والجحدري : ومن صد عنه برفع الصاد مبنياً للمفعول .

وقرأ أبي وأبو الحوراء وأبو رجاء والحوقي ، بكسر الصاد مبنياً للمفعول . والمضاعف المدغم الثلاثي يجوز فيه إذا بني للمفعول ما جاز في باع إذا بني للمفعول ، فتقول : حب زيد بالضم ، وحب بالكسر . ويجوز الاشمام . والصد ليس مقابلاً للإيمان إلا من حيث المعنى ، وكان المعنى واللّه أعلم : فمنهم من آمن به واتبعه ، ومنهم من كذب به وصد عنه .

{وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } أي احتراقاً والتهاباً أي لمن صدّ عنه . وسعيراً يميز وهو شدة توقد النار . والتقدير : وكفى بسعير جهنم سعيراً ، وهو كناية عن شدة العذاب والعقوبة .

﴿ ٥٥