٨٥

من يشفع شفاعة . . . . .

{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } قال قوم : من يكن شفيعاً لوتر أصحابك يا محمد في الجهاد فيسعفهم في جهاد عدوّهم يكن له نصيب من الجهاد أو من

يشفع وتر الإسلام بالمعونة للمسلمين ، فتلك حسنة ، وله نصيب منها . وحملهم على هذا التأويل ما تقدم من ذكر القتال والأمر به ، وقال قريباً منه الطبري . وقال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم : هي في حوائج الناس ، فمن يشفع لنفع فله نصيب ، ومن يشفع لضر فله كفل .

وقال الزمخشري : الشفاعة الحسنة هي التي روعي فيها حق مسلم ، ودفع عنه بها شر ، أو جلب إليه خير وابتغى بها وجه اللّه ، ولم يؤخذ عليها رشوة ، وكانت في أمر جائز لا في حد من حدود اللّه ، ولا حق من الحقوق . والسيئة ما كان بخلاف ذلك انتهى . وهذا بسط ما قاله الحسن ، قال : الشفاعة الحسنة هي في البر والطاعة ، والسيئة في المعاصي .

وقيل : الشفاعة الحسنة هي الدعوة للمسلم لأنها في معنى الشفاعة إلى اللّه تعالى . وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم { من دعا لأخيه بظهر الغيب استجيب له ، وقال له الملك : ولك مثل ذلك النصيب } ولدعوة على المسلم بضد ذلك . وقال ابن السائب ومقاتل : الشفاعة الحسنة هنا الصلح بين الاثنين ، والسيئة الإفساد بينهما والسعي بالنميمة .

وقيل : الشفاعة الحسنة أن يشفع إلى الكافر حتى يوضح له من الحجج لعله يسلم ، والسيئة أن يشفع إلى المسلم عسى يرتد أو ينافق . والظاهر أنّ من للسبب أي : نصيب من الخير بسببها ، وكفل من الشر بسببها . وتقدم في المفردات أن الكفل النصيب . وسمي المجازي .

وقال أبان بن تغلب : الكفل المثل . وقال الحسن وقتادة : هو الوزر والإثم ، وغاير في النصيب فذكره بلفظ الكفل في الشفاعة السيئة ، لأنه أكثر ما يستعمل في الشر ، وإن كان قد استعمل في الخير لقوله : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } قالوا : وهو مستعار من كفل البعير ، وهو كساء يدار على سنامه ليركب عليه ، وسمي كفلاً لأنه لم يعم الظهر ، بل نصيباً منه .

{وَكَانَ اللّه عَلَى كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } أي : مقتدراً قاله السدّي وابن زيد والكسائي .

وقال ابن عباس ومجاهد : حفيظاً وشهيداً . وقال عبد اللّه بن كثير : واصباً قيماً بالأمور .

وقيل : المحيط .

وقيل : الحسيب .

وقيل : المجازي .

وقيل : المواظب للشيء الدائم عليه . قال ابن كثير : وهو قول ابن عباس أيضاً . وهذه أقوال متقاربة لاستلزام بعضها معنى بعض . وقال الطبري في قوله : إني على الحساب مقيت ، إنه من غير هذه المعاني المتقدّمة ، وإنه بمعنى موقوت . وهذا يضعفه أن يكون بناء اسم الفاعل بمعنى بناء اسم المفعول . وقال غيره : معناه مقتدر .

﴿ ٨٥