١٣٢وللّه ما في . . . . . {للّه مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ } أي أنتم من جملة من يملكه تعالى وهو المتصرف فيكم ، إذ هو خالفكم والمنعم عليكم بأصناف النعم وأنتم مملوكون له ، فلا يناسب أن تكفروا من هو مالككم وتخالفون مره ، بل حقه أن يطاع ولا يعصى ، وأن يتقى عقابه ويرجى ثوابه ، وللّه ما في سمائه وأرضه من يوحده ويعبده ولا يعصيه . {وَكَانَ اللّه غَنِيّاً } أي عن خلقه وعن عبادتهم لا تنفعه طاعتهم ، ولا يضره كفرهم . {حَمِيداً } أي مستحقاً لأن يحمد لكثرة نعمه وإن كفرتموه أنتم . {وَللّه مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ وَكَفَى بِاللّه وَكِيلاً } الوكيل القائم بالأمور المنفذ فيها ما يراه ، فمن له ملك ما في السموات والأرض فهو كاف فيما يتصرف فيه لا يعتمد على غيره . وأعاد قوله : وللّه ما في السموات وما في الأرض ثلاث مرات بحسب السياق . ف قال ابن عطية : الأول : تنبيه على موضع الرجاء يهدي المتفرقين . والثاني : تنبيه على استغنائه عن العباد . و الثالث : مقدمة للوعيد . وقال الزمخشري : وتكرير قوله : { وَللّه مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ } تقرير لما هو موجب تقواه ليتقوه ، فيطيعوه ولا يعصوه ، لأن الخشية والتقوى أصل الخير كله . وقال الراغب : الأول : للتسلية عما فات . والثاني : أنّ وصيته لرحمته لا لحاجة ، وأنهم إن كفروه لا يضروه شيئاً . و الثالث : دلالته على كونه غنياً . وقال أبو عبد اللّه الرّازي : الأول : تقرير كونه واسع الجود . والثاني : للتنزيه عن طاعة المطيعين . و الثالث : لقدرته على الإفناء والإيجاد ، والغرض منه تقرير كونه قادراً على مدلولات كثيرة فيحسن أن يذكر ذلك الدليل على كل واحد من مدلولاته ، وهذه الإعادة أحسن وأولى من الاكتفاء بذكر الدليل مرة واحدة ، لأنه عنده إعادة ذكر الدليل يحضر في الذهن ما يوجب العلم بالمدلول ، وكان العلم الحاصل بذلك المدلول أقوى وأجل ، فظهر أنّ هذا التكرار في غاية الكمال . وقال مكي : نبهنا أولاً على ملكه وسعته . وثانياً على حاجتنا إليه وغناه ، وثالثاً على حفظه لنا وعلمه بتدبيرنا . |
﴿ ١٣٢ ﴾