١٤٦إلا الذين تابوا . . . . . {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّه وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للّه فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } أي تابوا من النفاق وأصلحوا أعمالهم ، وتمسكوا باللّه وكتابه ، ولم يكن لهم ملجأ ولا ملاذ إلا اللّه ، وأخلصوا دينهم للّه أي : لا يبتغون بعمل الطاعات إلا وجه اللّه تعالى . ولما كان المنافق متصفاً بنقائص هذه الأوصاف من الكفر وفساد الأعمال والموالاة للكافرين والاعتزاز بهم والمراءة للمؤمنين ، شرط في توبتهم ما يناقض تلك الأوصاف وهي التوبة من النفاق ، وهي الوصف المحتوي على بقية الأوصاف من حيث المعنى . ثم فصل ما أجمل فيها ، وهو الإصلاح للعمل المستأنف المقابل لفساد أعمالهم الماضية ، ثم الاعتصام باللّه في المستقبل وهو المقابل لموالاة الكافرين والاعتماد عليهم في الماضي ، ثم الإخلاص لدين اللّه وهو المقابل للرياء الذي كان لهم في الماضي ، ثم بعد تحصيل هذه الأوصاف جميعها أشار إليهم بأنهم مع المؤمنين ، ولم يحكم عليهم بأنهم المؤمنون ، ولا من المؤمنين ، وإن كان قد صاروا مؤمنين تنفيراً مما كانوا عليه من عظم كفر النفاق وتعظيماً لحال من كان متلبساً به . ومعنى : مع المؤمنين ، رفقاؤهم ومصاحبوهم في الدارين . والذين تابوا مستثنى من قوله : في الدرك . وقيل من قوله : فلن تجد لهم . وقيل : هو مرفوع على الابتداء ، والخبر فأولئك . وقال الخوفي : ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط المتعلق بالذين . {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } أتى بسوف ، لأن إيتاء الأجر هو يوم القيامة ، وهو زمان مستقبل ليس قريباً من الزمان الحاضر . وقد قالوا : إنّ سوف أبلغ في التنفيس من السين ، ولم يعد الضمير عليهم فيقال : وسوف يؤتيهم ، بل أخلص ذلك الأجر للمؤمنين وهم رفقاؤهم ، فيشاركونهم فيه ويساهمونهم . وكتب يؤت في المصحف بغير ياء ، لمّا حذفت في اللفظ لالتقاء الساكنين حذفت في الخط ، ولهذا نظائر في القرآن . ووقف يعقوب عليها بالياء ، ووقف السبعة بغير ياء اتباعاً لرسم المصحف . وقد روى الوقف بالياء عن : حمزة ، والكسائي ، ونافع . وقال أبو عمرو : ينبغي أن لا يوقف عليها لأنه إن وقف بغير ياء خالف النحويين ، وإن وقف بياء خالف لفظ المصحف . والأجر العظيم هو الخلود في الجنة . |
﴿ ١٤٦ ﴾